رئيس التحرير
عصام كامل

احترموا شعب مصر يا «أوباش» !


مستهجنًا ظاهرة الأمس يروي الكاتب الصحفي وفنان الكاريكاتير المعروف باليوم السابع أستاذنا محمد عبد اللطيف المحترم كيف أنه في 28 يناير 2011 حاصرته قوات الأمن وآخرين في منطقة محيطة بميدان التحرير ولم يفعلوا إلا أن هتفوا "سلمية سلمية" إلا أن أهالي من السيدة زينب وعابدين ومنطقة معروف أنقذوهم وساعدوهم وأخرجوهم من الحصار!


مثل هذه القصص نجدها على ألسنة الكثيرين يحكونها بكل فخر عن الشعب المصري العظيم الذي وصفوه -وهو يستحق- طوال السنوات الماضية بكونه "صاحب المخزون الحضاري" وأنه "شعب عبقري" وأنه "شعب مالوش كتالوج" وأنه "ماحدش يعرف يضحك عليه" إلى آخره ثم يكرر البعض مقولة جمال عبد الناصر العظيم عن شعب مر بوصفه الشهير "الشعب هو المعلم" والوصف الآخر "الشعب هو القائد"!

أمس.. فجأة.. تحول الشعب بأوصافه السابقة إلى شعب آخر.. شعب لم نعرفه ولا نعرفه.. وصفوه بأحط وأسوأ الألفاظ.. ليس فيها ما يليق وما لا يليق بل كلها خارج اللياقة وخارج الأدب وخارج أي قواعد وخارج أي أعراف حتى أنها ألفاظ لا يمكن كتابتها ولا إعادتها ولا وصفها !

لا نندهش من كون بعض -بعض- الشتامين السفلة المنحطين بنات لا يعرفون الخجل ولا الأدب فقد اعتدنا ذلك طوال الفترة السابقة لكن نندهش من الاتهامات المفاجئة لشعبنا العظيم لمجرد أنه لم يستجب لدعوات التظاهر.. حتى أنهم قالوا إنه "شعب جبان" لا يستحق الدفاع عنه !! رغم أنه هو نفسه الشعب الذي خرج في يناير متحديًا الرصاص من كل مكان سواء أطلقه رجال مبارك أو كوادر الإخوان إلا أنه خرج والرصاص ينهمر هنا وهناك ومعه الغاز وخراطيم المياه والهراوات والعصي والاعتقالات والسجون المفتوحة..

خرج ضد أول نظام في العالم يسحل قضاة مصر أمام ناديهم ويعتدي على نواب الشعب في قلب شوارع مصر ويهتك عرض بعض الصحفيات أمام نقابتهن! ولم يخف الشعب ولم يتراجع فلماذا تعتبرونه خاف أمس؟ لماذا أصبح مبارك فجأة أكثر ديمقراطية من السيسي؟ لماذا كل الاحتمالات قائمة عندكم إلا الاحتمال الأوقع وهو أن الشعب ليس معكم ؟ ليس معكم.. صدقوا ذلك.. مهمها أقنعتم أنفسكم أن الشعب يغلي بالغضب من الأسعار ومعيشة الناس تسير إلى الأسوأ.. وأنه سيخرج معكم !

وللغاضبين والمحتجين نقول أعيدوا تقييم أنفسكم وطهروا صفوفكم من هؤلاء وتبرءوا اليوم مما فعلوه بالأمس ونتذكر -والذكرى تنفع المؤمنين- قصة منع أنيس منصور من الكتابة في الستينيات، حيث كتب مقالا عن إحدى مسرحيات توفيق الحكيم كانت تعرض وقتها فكتب عن الشيخ العز ابن عبد السلام وكان قد لعب دورًا ضد المماليك والتصدي للتتار فقال منصور "وجاء الشيخ إلى مصر فوق حماره.. كان هو يمثل العلماء وكان حماره يمثل شعب مصر" !

لم يكن شيئًا مما كتبه يمس السلطة بشيء بل كان منصور أحد مادحيها ومؤيديها -عكس ما زعم فيما بعد- لكن جمال عبد الناصر اعتبر الجملة والمعنى إهانة لشعب مصر لا يمكن القبول بها أو الصمت عنها حتى من كاتب يؤيد النظام.. فتم منعه من الكتابة على الفور !

احترموا شعب مصر يا أوباش -وكل من يسب شعب مصر من الأوباش- فاحترامه من الثوابت التي لا تتبدل سواء كان معنا أو علينا فأي تحرك سياسي مع أو ضد أي نظام هو في الأول والأخير من أجل هذا الشعب هذا إن كنا -إن كنا- صادقين في دعواتنا وخطابنا السياسي !
الجريدة الرسمية