رئيس التحرير
عصام كامل

"محمد عبدالله" يفتش فى "طقوس السحر"

فيتو

صدر عن دار''أوراق'' للنشر كتاب ''طقوس السحر..قراءة فى جذور الخرافة عند المصريين'' للزميل محمد عبدالله، ويرصد المؤلف طقوس السحر التى يمارسها الشعب المصرى ومعتقدات المصريين التى خرجت من رحم الأساطير والخرافات وأصبحت جزءا من التدين الشعبى، كما يحاول الكتاب أن يرصد أغرب المعتقدات المرتبطة بالجن والعفاريت وأصول هذه المعتقدات.


ويوضح الكتاب أن الحضارة المصرية كانت حضارة ساحرة لها من القوة والنفوذ ما يجعلها تسيطر على عاداتنا وتقاليدنا كل هذه السنوات الطويلة.. وأنه عندما نحاول رصد هذه التأثيرات يكفى أن ننزل إلى صعيد مصر لنعرف السبب.. فما زلنا نؤمن بالحسد ونعلق الأطباق فى المنازل ونلبس الخرز الأزرق اتقاء له مثل أجدادنا تماما.

ويرى الكتاب أن عقيدة السحر سيطرت على المصريين القدماء كسيطرة العقائد الدينية نفسها فكانوا يستعينون به فى شئونهم الدينية والدنيوية وفى مختلف أحوال حياتهم وقد مارس المصريون جميع أنواع السحر بمختلف صوره كما عرفها العالم القديم أو المتداول منه حتى الآن.

ويوضح الكتاب أن السحر تركز فى المعابد واعتبر علما من علوم الكهنوت الذى تخصص فيه الكهنة وحدهم كما أن الكثير من الطقوس الدينية ارتبطت بالسحر وتعاليمه وتداخل السحر والدين معا فى كتب الموتى والمتون الدينية وعلاقة ''الآلهة '' القديمة بالبشر.

ويشير الكتاب إلى أن الطالب الذى يكرس حياته لدراسة السحر كان يحصل على درجات النبوغ والتفوق التى تؤهله لحمل لقب ''شرحب'' أى الذى أتم الاطلاع على الكتب الإلهية وعرف أسرار الكون ومنحه الإله تحوت السيطرة على القوى المحركة للوجود وإخضاعها لصالح البشر ودفع عناصر الشر كان لا يحمل هذا اللقب إلا إذا اختبر أمام فرعون وأقر له بالكفاءة وسمح رسميا بمزاولة السحر.

ومن أشهر البيوت التى كانت تدرس السحر فى مصر القديمة من جامعات ومعابد: أون''عين شمس'' وأبيدوسوخنت مين ''أخميم'' وسايس وطيبة وسيوة ثم ظهرت مدارس الإسكندرية ودندرة فى عهد البطالسة ومدارس الإلهة إيزيس التى اعتبرت فى ذلك الوقت حامية السحر وأطلق عليها الرومان اسم ''ربة السحر ومعبودة السحرة''.

ولم يقتصر السحر على السحرة من الرجال فقط بل كان لبعض النساء معرفة تامة بالسحر والاتصال بالأرواح وبعضهن حملن لقب ''عرافة المعبد '' وقد خلد التاريخ أسماء الكثير منهن أمثال ميليت وانهاى وحنت تاوى وروى وبعضهن كن ملكات وأميرات.

ويكشف الكتاب عن شىء يثير التأمل حقا ألا وهو أن صورة (الشيخ) الذى يقوم بإخراج الجن من جسم (الملبوس) واستخدامه لأحبار حمراء اللون وشروط الطهارة وقراءة التعاويذ التى تمتزج بآيات القرآن باعتباره (كتابا مقدسا)...هذه الصورة لم تختلف كثيرا عن صورة الكاهن (وعب) – أى المطهر للإلهة سخمت التى تمثل المظهر الرهيب المرعب والمدمر الخاص بالشمس والتى يعنى اسمها (القوية) التى تثير موجات الحرارة والخماسين وشهور الصيف الخانقة .. كما تعمل قوتها الشريرة (عب) على تصاعد حدة الحرارة وانتشار الأوبئة والموت وتسميم الأطعمة وتلويث مياه الفيضان.

وفى مصر القديمة أيضا ظهرت شخصية (المعالج الروحانى) الدجال الذى لا هم له سوى الحصول على الأموال وتضليل المريض ونحن نعلم أن هناك فترة فى تاريخ الحضارة المصرية كان الكهنة والعاملون داخل المعابد يستغلون هذه الصفة للتجارة بالتعاويذ والرقى والأحجبة باسم الآلهة.

وكان المعتاد أن يقوم هؤلاء المعالجون بكتابة التعاويذ على قطعة من البردى بالحبر الأحمر المكون من الزعفران وماء الورد ثم يطلبون من المرضى وضع هذه الورقة فى ماء ورد فى منازلهم ثم عندما تذوب الكلمات فى الماء يشربونها فتزول أمراضهم.. وكان البديل الآخر هو طرد الأرواح بواسطة المنقوعات ذات الرائحة الكريهة لكى يشربها المريض فيساعد ذلك على طرد الروح الغازية.. ومن أمثال ذلك بلع المريض بعض منقوع الحشرات الحية أو المهروسة أو إفراز بعض الحيوانات.

ويوضح الكتاب أن اليهود يستخدمون مزامير النبى داود عليه السلام فى السحر منذ زمن بعيد والتاريخ يذكر أن علماء بنى إسرائيل عندما رجعوا من أرض بابل السبى البابلى بعد مائة عام كما فى القرآن الكريم أو بعد سبعين عاما كما فى تواريخ بنى إسرائيل لم يكفوا عن استخدام المزامير فى السحر وألفوا فيها كتبا منها كتاب ''التلمود''.. وما زالت هذه المزامير تستخدم فى السحر الشعبى فى مصر.



الجريدة الرسمية