رئيس التحرير
عصام كامل

تيران وصنافير.. العروسة للعريس والهَرْي للمتاعيس!


أول نقطة ضعف في مسألة جزيرتي تيران وصنافير هي "المباغتة".. وأعني الإعلان المفاجئ دون مقدمات عن إعـادة الجزيرتين إلى أصحابهما بحسب الإعلان الحكومي الرسمي، ثاني نقطة هي تواتر تفاصيل تشير إلى ملامح عملية بيع، وإن كانت دون عقود رسمية صريحة بين البائع والمشتري كما هو مُتَّبَع، الثالثـة هي الأخذ بعين الاعتبار حساسية فقدان الأرض عند المصريين، كل هــذا كان سبب شراسة وهستيريا رد الفعل الشعبي والنخبوي.


إدارة الملف لم تكن على مستوى الحَدَث، فكان من الصعب "لَمْلَمة" الهوجة والأزمة.. حتى الفضائيات الموالية وصلت في تبريرها إلى حد الهرتلة الفارغة التي أسهمت في اتساع رقعة الأزمة.

تسألني وما البديل لما حدث؟ يا سيدي كان حريًا بمن يدير الملف أن يضع خطة لتهيئة الرأي العام لهذا الحدث الكبير، بما يضمن -على الأقل- تخفيف حدة الهستيريا الحاصلة للآن.

لكن أما وإن الفأس قد وقعت في الرأس، وراحت "العروستان" للعريس وبقي الهَرْي للمتاعيس.. اسمحوا لي وأنا في حضرة "الساخرون" أن أشْطَح وأقدم "سيناريو" لما كان ينبغي اتباعه لتهيئة الرأي العام لهذا الحدث الجَلَل، بدلاً من المباغتة التي جاءت بعاليها إلى واطيها.. السيناريو من 11 خطوة على مدى 11 يومًا تنتهي بإعلان التنازل عن الجزيرتين وهي كالتالي:

1ــ ضربة البداية.. تويتة من خمس كلمات تقول: "سحر الطبيعة في تيران وصنافير".

2ــ تعليق من تويتة أخرى تنتقد تجاهل الجزيرتين وعدم استغلالهما لخدمة التنمية والسياحة بالمنطقة.

3ــ مقال بالأهرام "يلف ويدور" حول الشكوك في ملكية الجزيرتين.. وأن هذا هو سبب إرجاء قرار استغلال الجزيرتين.

4ــ برنامج توك شو يستضيف خبيرًا استراتيجيًا يفجر مفاجأة بأن لديه معلومات تؤكد أن السعودية تتجه لفتح ملف أحقيتها في ملكية الجزيرتين.

5ــ حلقة من برنامج ساخر تحاول الإيحاء بعبء الإنفاق على الجزيرتين والاكتفاء بجزيرة واحدة، وبث أغنية شادية ما قدرش أحب اتنين علشان ماليش قلبين.

6ــ مداخلة للمستشار مرتضى منصور في أي برنامج يؤكد أن لديه سيديهات بأحقية مصــر في الجزيرتيــن.. ثم يصيح في نهاية المداخلة عليَّ الطلاق بالتلاتة اللي ها يقرَّب من الجزيرتين هاقطع إيد أمه.

7ــ سعيد حساسين في برنامجه يؤكد أن جده حساسين الرابع عشر كان يجلب بخور قرن التيس من صنافير وأعشاب ديل الجحش من تيران.

8ــ عودة توفيــق عكاشة ليقول كعادته "افهموا يا بهايم الجزيرتين دول خازوق كان سبب الحرب ونكسة 67 والله لا يرجعهم.. جزيرتين نحس".

9ــ بث خبر عاجل على لسان وزير الصحة يعلن فيه عن اعتبار الجزيرتين منطقتين موبوءتين نظرًا لسرعة تكاثر "الأكَلَان" أو البَق، الأمر الذي يهدد بانتشار "كَرْشِة النَّفَس" والكُحة الناشفة بين المصريين.

10ــ برنامج توك شو يستضيف خبير أوبئة استراتيجيًا برضه، ليؤكد حدوث مضاعفات للكحة الناشفة لم تكن في الحسبان، أخطرها أن ما يقرب من نصف مليون مصري نزلت لهم "قليطة" بسبب الحَزْق من الكحة الناشفة.

11ــ بيان عاجل من شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، يقول: حتى لا يصبح كل مصري بقليطة، فقد قررنا التخلص من جزيرتي تيران وصنافير والتنازل عنهما للمملكة العربية السعودية.

هذا ما كان ينبغي اتباعه، بدلاً مما فعله من أدار الملف، الذي سار على خُطى ذلك العجوز الذي باغت ابنه الوحيد بسر لأول مرة بعد 30 سنة، فمات العجوز وأصيب الولد بالخبلان.. استدعاه وهو في النزع الأخير ودار بينهما هذا الحوار:

ــ يا بني.. أنا عايز أقول لك على سر خطير قبل ما أموت.
= خير يا بابا؟ قول.
ــ أنا مش أبوك.
= مش أبويا! أمال إنت مين؟
ــ أنا أمك.
الجريدة الرسمية