رئيس التحرير
عصام كامل

قمة الرياض.. مراسم دفن علاقة بصديق غير شريف !


ذهب الرئيس الأمريكي إلى قمة الرياض، ليطمئن دول الخليج العربية، باستمرار التزام الولايات المتحدة بأمن الخليج، رغم أن أحدًا في دول الخليج، بل في المنطقة لم يعد يثق في الرئيس الذاهب عن البيت الأبيض أواخر هذا العام! ويعتبر المراقبون قمة الوداع هذه، الجزء الثاني من قمة ذهب إليه فيها ملوك وزعماء دول الخليج في "كامب ديفيد" العام الماضي، في وقت كانت تقاربت فيه السياسة الأمريكية مع طهران، بل تهافتت للاتفاق معها، ولا تزال، ما اعتبره الخليجيون انحسارًا للدور الاستراتيجي الأمريكي وانهيارًا في المصداقيــة الأمريكية، وهو ما ترجمته السعودية إلى خطوات عملية على الأرض، بأن تحركت في إطارها العربي والإسلامي، تحشد القوى السياسية والعسكرية، بمعزل عن واشنطن وأوباما.


المفاجأة أنه بينما تدور المباحثــات، حول ثلاثة محاور أساسية بين واشنطن والخليج في الرياض، وهي الاستقرار الإقليمي والدور الإيراني المشبوه، وتعزيز وحفظ أمن دول الخليج، والثالث مكافحة الإرهاب، داعش والقاعدة، كشفت صحيفة إيرانية، عن رسالتين سريتين وجههما الرئيس الأمريكي باراك أوباما أواخر مارس الماضي، إلى على خامنئي المرشد الأعلى، وإلى حسن روحاني، رئيس إيران، يطلب فيهما أوباما لقاء الاثنين !

نشر الرسالتين مركز إعلام أبحاث الشرق الأوسط، مترجمتين إلى الفارسية، وجاء في الرسالتين قول أوباما إن إيران لديها فرصة محدودة الوقت للتعاون مع الولايات المتحدة في حل مشكلات سوريا واليمن والعراق.

ولا يتفق هذا السعي قط مع ما خرج عن قمة الرياض من هجوم أمريكي خليجي على طهران واعتبارها عامل زعزعة للاستقرار في المنطقة وأنها تدعم الإرهاب، وأن من حق دول الخليج اعتراض وضرب مراكب شحنات السلاح الإيرانية المتجهة إلى دعم الحوثيين في اليمن !

ليس المهم المذكور كله أعلاه، رغم ما فيه ظاهريًا من محاولة شاحبة لإرضاء دول الخليج الحليف التقليدي لحليف استراتيجي بات يخلي مقعده تدريجيًا لقوى دولية، فرنسا مثلا، وروسيا مثلا، وتركيا مثلا، وألمانيا مثلا، تعمل على التوسط في حل القضايا المزمنة مثل القضية الفلسطينية، وسوريا وليبيا والعراق واليمن.. المشكلة الآن أن أحدًا في الشرق الأوسط لم يعد يثق في الإدارة الأمريكية، كدرع استراتيجيــة تصد وترد وتدافع.. والمشكلة ليست في أوباما الذي كرس لمن سيأتي بعده أن السعودية، كما قال في حوار له قبل شهر تقريبًا، في مجلة "ذي أتلانتيك"، منبع الإرهاب، والتطرف، إنما المشكلة في أن الإدارة التي ستحل محل أوباما المنتهية ولايته إلى الجحيم، ربما يكون أوباما ملاكًا بالنسبة لما قد يفعله المهووس "دونالد ترامب"، أو يهودية الهوى "هيلاري كلينتون"، الداعمة "الإخوان" ومخطط التقسيم حتى للسعودية، بل يمكن القول إن مجيء هيلاري سيكون بمثابة الولاية الثالثة، وربما الرابعة، لو نجحت مرتين، لولايتي أوباما.

مؤدى هذا كله أن زيارة كيري الخاطفة للقاهرة وإعلانه التزام واشنطن بدعم أمن واستقرار مصر، في أعقاب الزيارة الناجحة لهولاند رئيس فرنسا لمصر، وهرولته إلى الرياض ليلحق بقمة رئيسه، هي مراسم دفن علاقة مريبة بين دول عربية وثقت طويلا في حليف خان تعهداته، وتخبطت سياساته، وتحالف مع الإرهاب وتباطؤ في محاربته.

تنشط فرنسا في المنطقة بشكل ملحوظ، وتبدي تفهمًا ودعمًا للمواقف المصرية والعربية، وتتهيأ لعقد مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية، بينما تنسحب أمريكا ترامب إلى داخل أسوارها معتبرة المسلميــن خطرًا إرهابيًا على حضارتها، أو تتمدد في عهد هيلاري، لحساب إسرائيل، لو نجحت، وفي الحاليـن يبقى العرب، في نظرهم كرة تتقاذفها الأقدام.

من أجل هذا لا يمكن القول قط، من وجهة نظري، إن الرياض تثق في واشنطن، ولا القاهرة تثق في واشنطن ترامب أو هيلاري، فالقاهرة تعاني في كبرياء من نفاق الأقوال الأمريكية، والتصرفات العملية تحت الحزام.

سقطت مصداقية الولايات المتحدة وتبقى قمة الرياض مجرد سرادق عزاء لائق بميت اتفقت الأطراف على أنه لم يكن صديقًا شريفًا !
الجريدة الرسمية