شرطة تعاني «الفصام» وتشوه وجه مصر
قررت أن أبحث عن ردود الفعل خارج مصر عن حادث مقتل بائع شاي، وإصابة آخرين على يد أمين شرطة أطلق النار عليهم من سلاحه، وفي نفس اليوم نشرت الصحف خبرًا عن ضبط ضابط في محافظة الغربية وبحوزته هيروين. ووجدت أن ارفع تقريرًا للواء مجدي عبدالغفار وزيرة الداخلية عن كيف تؤثر أفعال وتصرفات رجال وزارته على صورة مصر في الخارج. لكن قبل الحديث عن صورة مصر في الخارج بعد الحادث، أود تقييم تصريحات مسئولي وزارة الداخلية حول الحادث.
صورة الشرطة داخل مصر لم يعد يصلحها تصريحات اللواء أبوبكر عبدالكريم، مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلام، الذي خرج – كالعادة - ليذكرنا بمن يشجب ويندد ويطالب - ليقول إن الحادث يسيء لوزارة الداخلية وأنه سيكون هناك – والتصريح منشور على موقع مصراوي – "ردع عام وخاص لكل من يرتكب مثل هذه الواقعة". اللواء أبوبكر أكد أن وزير الداخلية وجه بتنظيم دورات وبرامج تدريبية لتأهيل الأفراد على التواصل الإيجابي مع المواطنين.
لا نعرف لماذا تأخر الوزير في هذا التوجيه، ولماذا لم يسعَ لتنقية الوزارة عقب حادث سحل طبيبين على يد أميني شرطة، ولماذا لم تتخذ الوزارة إجراءات تحفظ حياة المواطنين عقب قتل أمين شرطة لقتل سائق. طبعا نحن لا نعرف ما هو "الردع العام" ولا الخاص، فأمين الشرطة تم القبض عليه، وبائع الشاي مات. لكن طالما اللواء أبوبكر قال فعلى الناس أن تصدق، تصفق، وبالتأكيد ستجد من الإعلاميين من يشيد بالتصريح.
صورة الشرطة داخل مصر لم يعد يصلحها تصريح وزير الداخلية الذي خرج ليقول، بعد حادث أمس، إن الوزارة حريصة على تنقية نفسها بنفسها ومُحاكمة المخطئ، وأن ضباط الشرطة ليسوا فوق القانون، وإن من يرتكب أي مخالفة سوف يتم محاسبته وتحويله إلى جهات التحقيق لمحاكمته.
كان على وزير الداخلية أن يتخذ إجراءات حاسمة لتنقية الوزارة كما قال، فالوزير يقول إن ضباط الشرطة ليسوا فوق القانون، والحقيقة أن رجال الشرطة ضباطا كانوا أو أفرادا أو أمناء فوق القانون، وإن لم يكونوا كذلك لما تمكنوا من حمل سلاح يطغون به على الناس وقتما أرادوا، وإلا فليسمح سيادته الوزير لكل مواطن في مصر بحمل السلاح، حتى يستطيع أن يدافع عن نفسه على الأقل، القانون أعطى رجال الشرطة الحق في حمل السلاح للدفاع به ضد إزهاق أروح الناس وليس لإزهاق أرواح المصريين.
حادثة مقتل بائع الشاي وإصابة اثنين آخرين على يد أمين شرطة انتشرت عبر كبرى وكالات الأنباء، فـ"رويترز" كتبت عن "الغضب الذي ساد مصر عقب رجل شرطة لمواطن في مشاجرة على كوب شاي"، الخبر نفسه تناقلته كبرى شبكات الأخبار في أوروبا وأمريكا الشمالية، في "البي بي سي" نشرت الخبر نفسه، وكذلك شبكة الـ"أيه بي سي" الأمريكية. ويكفي أن تبحث على محرك البحث "جوجل" مستخدما كلمتي Egypt News لتجد خبر مصرع بائع الشاي يتصدر نتائج البحث.
أما إذا بحثت عن الحادث نفسه بالإنجليزية لتعرف حجم انتشاره، فستكتشف أنه هناك 14 صفحة على الأقل على محرك البحث، و356.000 نتيجة بحث، هذا بالطبع بخلاف التليفزيونات والصحف التي ستبث أو تطبع الخبر.
المصيبة ليس وحدها في نشر الخبر، ولكن في تذكير القراء والمشاهدين بسجل مصر في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة. حيث لم يكذب الفنان محمد سعد عندما أطلق على "حقوق الإنسان في فيلمه الشهير" تعبيري "حموم الإنسان" و"حروق الإنسان"، فهذا هو الأقرب لما يحدث للإنسان في مصر.
حادث أمس سيؤثر على ملف مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. والسؤال للمسئولين بوزارة الداخلية، بعد كل هذه الحوادث المتتالية وآخرها حادث أمس، لماذا يجب على الادعاء الإيطالي أن يقبل برواية وزارة الداخلية في مقتل الباحث جوليو ريجيني؟ لماذا نطلب من الإيطاليين أن يصدقوا أن رواية قد لا يصدقها قطاع كبير من المصريين وهم يرون ظاهرة إعدام مواطن في الشارع على يد رجال شرطة لمجرد رفض المواطن الخضوع لسطوة وجبروت رجل الشرطة؟.
طبعا الإجابة هي أن تصديق الإيطاليين أو عدم تصديقهم لا يعنيهم في شيء، فالشرطة المصرية إن قالت صدقت، حتى وإن كانت فقدت المصداقية. أما وأن وزير الداخلية قال إنه يسعى لتنقية الوزارة، فلعله من المناسب أن نوضح له أن الشرطة المصرية تعاني مرض "فصام اجتماعي" في ظل عدم وجود إرادة حقيقية لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وفي ظل السلوكيات الاجتماعية غير الطبيعية وفشل بعض رجال الشرطة في التمييز بين ما يجب أن يفعلوه وبين ما يفعلونه، هذا بالإضافة إلى الأوهام والأفكار التي تصور لوزارة الداخلية أنه يكفي أن يخرج علينا المسئولون بتصريحاتهم الروتينية – عن الحادث الفردي - عقب كل حادث، مثل حادث أمس، لينعم المصريون بالأمان.
حادث أمس سيؤثر على ملف مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني. والسؤال للمسئولين بوزارة الداخلية، بعد كل هذه الحوادث المتتالية وآخرها حادث أمس، لماذا يجب على الادعاء الإيطالي أن يقبل برواية وزارة الداخلية في مقتل الباحث جوليو ريجيني؟ لماذا نطلب من الإيطاليين أن يصدقوا أن رواية قد لا يصدقها قطاع كبير من المصريين وهم يرون ظاهرة إعدام مواطن في الشارع على يد رجال شرطة لمجرد رفض المواطن الخضوع لسطوة وجبروت رجل الشرطة؟.
طبعا الإجابة هي أن تصديق الإيطاليين أو عدم تصديقهم لا يعنيهم في شيء، فالشرطة المصرية إن قالت صدقت، حتى وإن كانت فقدت المصداقية. أما وأن وزير الداخلية قال إنه يسعى لتنقية الوزارة، فلعله من المناسب أن نوضح له أن الشرطة المصرية تعاني مرض "فصام اجتماعي" في ظل عدم وجود إرادة حقيقية لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، وفي ظل السلوكيات الاجتماعية غير الطبيعية وفشل بعض رجال الشرطة في التمييز بين ما يجب أن يفعلوه وبين ما يفعلونه، هذا بالإضافة إلى الأوهام والأفكار التي تصور لوزارة الداخلية أنه يكفي أن يخرج علينا المسئولون بتصريحاتهم الروتينية – عن الحادث الفردي - عقب كل حادث، مثل حادث أمس، لينعم المصريون بالأمان.