هل يمكن أن ينزل الجيش مرة أخرى؟!
سؤال بات لدى الكثيرين بطلب، وهو أن ينزل الجيش إلى الشارع ويرى البعض أن ذلك مطلبا شعبيا، وذلك لكى ما ينهى الوضع القائم وينقذ البلاد من الانهيار الكارثى بعدما وصلت مصر إلى حافة الهاوية.. والذين يرون أن الجيش هو الحل.
فإنهم يرون ذلك لعدة اعتبارات بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها، فالجيش هو القوة الوحيدة الآن الواضحة المعالم وهى التى تتحمل فى الأول والآخر حماية أمن الوطن واستقراره والدفاع عنه ضد كل العوامل ومصادر التهديد التى تهدده سواء داخلياً أو خارجياً، السبب الثانى هو ما يبتدى للجميع من فشل الإخوان فى إدارة شئون البلاد ولديهم الدليل على ذلك فيما يحدث من تخبط سواء فى القرارات وعدم القدرة على ضبط الأداء الذى يعكسه الشارع المصرى من تظاهرات واقتحامات وأعمال عنف واعتراضات قد وصلت إلى حد الصدامات مع قوات الأمن.
بالإضافة إلى تلك السمة الغريبة والمخيفة فى ذات الوقت وهى التربص وحالة الثأرية التى باتت أحد ملامح المشهد .. والتى عبرت عنها تلك المجموعات والحركات كالألتراس وجماعة "جرين إيجلز" وأيضاً "بلاك بلوك"، وتبنيها لقضايا معينة قد يكون هناك فهم خاطئ لها ولكن الظروف السائدة هى التى تحكم المشهد الآن.
وبعد غياب أو تراجع قوات حفظ الأمن وهى الداخلية بفعل العديد من العوامل سواء المقصودة أو غير المقصودة والتى جعلتها أحد أطراف النزاع وأصبحت هدفاً بل وأصبح هناك ثأر ودم بينها وبين العديد من أفراد الشعب بفعل أو بحكم موقعهم كأداة لتنفيذ سياسة الدولة وحمايتها.
وقد رأينا ذلك بوضوح وعلى نحو خطير فى حادثة بورسعيد والأحداث الأخيرة التى تلت ذلك بعد الأحكام القضائية الأخيرة والتى لا تعقب عليها وعدم جواز ذلك لأن القضاء مؤسسة مستقلة لها هبتها ووقارها بعيداً عن الآراء والأهواء والمواقف السياسية، ورأينا كيف استطاع الجيش أن يعيد الهدوء لبورسعيد أو على الأقل أن يلقى القبول فى الشارع بل رأينا تلك الظاهرة الغريبة والفريدة وهى التفويضات للجيش لكى ما يمسك بزمام الأمور وهو ما يعنى نوعا من الاعتراض على شرعية النظام القائم حتى وإن كان غير دستورى كما يرى رجال القانون وفقهاؤه ولكنه يعبر فى ذات الوقت عن حالة أو رغبة شعبية قد تصير بطلب جماهيرى فى أن يتولى الجيش أمور البلاد ..
ولكن الشكل والكيفية التى يمكن أن ينزل بها الجيش مازالت غير معروفة، والجيش لا يريد أن يزج بنفسه مرة أخرى فى الشأن الداخلى ولا يريد تكرار ما حدث معه أى تجربة المجلس العسكرى وذلك اللبس والمخطط الذى ظهر مرة أخرى وهو أن الجيش يريد الحكم ورأينا تلك الشعارات التى رفعت وقت ذاك وهى يسقط حكم العسكر وذلك التجريح الذى نال هذه المؤسسة العسكرية الذى لم يرض عنه معظم الأوساط السياسية والشعبية.
ولا نريد فى ظل الظروف السياسية الحالية على المستوى الداخلى والإقليمى أن يقحم الجيش فى الشأن الداخلى .. فذلك سوف يمثل عبئا على الجيش مع تلك الصراعات الدائرة فى المنطقة ومع سقوط الجيش العراقى فى أعقاب سقوط بغداد وأيضاً الليبى وكذلك السورى الذى انهمك فى حرب ضروس ولكنه سيظل احتمالا قائما طالما استمرت الأمور والأحوال فى التدهور من سيئ إلى أسوأ.