رئيس التحرير
عصام كامل

الأزمة الأمنية.. إلى أين؟ (4)


فى ضوء المخاوف والسيناريوهات المرعبة التى سبق الإشارة إليها، لابد من إبعاد الشعب وعدم توظيفه بأى شكل من الأشكال لخدمة المصالح السياسية للنظام، حتى لا يخسر الشعب نفسه بعد أن خسر شرطته، وكاد أن يخسر جيشه من قبل لخدمة المصالح السياسية أيضا.


فلابد من ترك جميع هذه الحلول التى لا هى إلا مجرد مسكنات، ستؤدى عاجلا أو آجلا إلى تفجر الأزمة الأمنية، ووصولها إلى حد لا يمكن السيطرة عليه، لذلك لابد من البحث عن حلول عملية جذرية تقتلع الأزمة من جذورها، ولن يأتى ذلك إلا من خلال خطوتين أساسيتين، وهما:

أولا: وضع خطة لهيكلة وزارة الداخلية:
قام عدد كبير من المنظمات الحقوقية والائتلافات الثورية والأحزاب السياسية خلال العامين الماضيين بتقديم العديد من المبادرات لإعادة هيكلة وزارة الداخلية، وقد تضمنت تلك المبادرات عددا كبيرا من النقاط الهامة التى لابد من الأخذ بها لإعادة هيكلة وزارة الداخلية، وكان من أهم هذه المبادرات "المبادرة الوطنية لإعادة بناء الشرطة"، والتى قدمت رؤية شاملة وكلية لحل الأزمة بجميع أبعادها، من خلال الاستناد على عدة مبادئ تقوم على التالى:

• مبدأ التطهير والمحاسبة والمراقبة: وذلك من خلال تطهير جهاز الشرطة من العناصر المتورطة فى جرائم ضد الشعب، وإقرار آليات تكنولوجية وقضائية وشعبية لمراقبة الأداء الأمنى.

• مبدأ مدنية جهاز الشرطة: وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات الحاسمة للحفاظ على الطبيعة المدنية لجهاز الشرطة، واستئصال أى صبغة عسكرية أو شبه عسكرية لهذا الجهاز.

• مبدأ التحول من الإدارة المركزية الشديدة إلى الإدارة المحلية: من خلال تنظيم جهاز الشرطة وفقا لنظام غير مركزى، يساعد على التصدى للمشكلات الأمنية التى تختلف من محافظة إلى أخرى.

• مبدأ المسئولية الأخلاقية: من خلال تمكين العاملين فى جهاز الشرطة من ممارسة الحق فى التنظيم النقابى، للحصول على الحقوق المهنية المقررة لأى فئة، ما يساعد فى تنمية الوعى لدى العامين بالوزارة بأهمية المعايير المهنية والأخلاقية، ومن ثم تدعيم الإحساس بالمسئولية الأخلاقية تجاه المجتمع.

• مبدأ التغيير وليس الإصلاح: وذلك من خلال الانطلاق من الأهداف التى قامت على أساسها الثورة، والمتمثلة فى إسقاط النظام وليس إصلاحه، أى أن جميع القطاعات الأمنية التى اعتمد عليها النظام السابق فى بقائه، لابد من التعامل معها من خلال تدخلات وإجراءت تؤدى إلى إسقاط هياكلها ومناهجها فى العمل، وهو ما يضمن تغيير تلك القطاعات لوسائلها وأهدافها لكى تنتهج المسار الذى يضمن انحيازها للمجتمع.

ثانيا: إبعاد الشرطة عن المصالح والأزمات السياسية:
تعد هذه الخطوة هى الأهم، فهيكلة وزارة الداخلية وحدها دون اتخاذ تلك الخطوة، إبعاد الشرطة عن المصالح السياسية، لا يمكن وأن يؤتى بأى ثمار، بل سيؤدى إلى تجدد الأزمة مرة أخرى، ولذلك لابد أن يدرك النظام الحالى وعلى رأسه رئيس الجمهورية من خلال إرادة نابعة منه بضرور إبعاد الشرطة عن المصالح والأزمات السياسية، فدون تلك الإرادة لا يمكن أن يتم حل الأزمة الأمنية فى مصر.
nour_rashwan@hotmail.com





الجريدة الرسمية