مصر ما بين دولة السيسى ودولة الجماعة 13
لعب بعض الإعلام دورًا لا يزال مُستمرًا حتى اللحظة، منذ 25 يناير 2011، لتزييف وعى الشعب المصرى، فى عمليات نفسية واضحة للغاية إلا للمُتجسدين فى المدعوة "ثورة". ولم يكُن الإعلام الغربى من أول يوم بريئًا، وكنت شاهدًا!!
فلقد دُعيت للعمل مُترجمًا لقناة تلفزيونية بريطانية شهيرة، فى ميدان التحرير منذ يوم 31 يناير 2011 ولمدة 4 أيام. وقد شهدت كيف يتم تسجيل اللقطات وتركيبها، حيث كُنا نعيد المونتاج ليلًا فى فندق سميراميس.
كنت وقتها شاعرًا للغاية بالفعل "المُتأسلم" فى الميدان، منذ أول مليونية يوم 1 فبراير 2011. وقد ركز مُقدم البرنامج الإخبارى على المُتأسلمين وسألهم إن كانوا يريدون دولة إسلامية، وكانوا يجيبونه بأنهم يريدونها "مدنية". كنت أقول له حينها، بأنهم "يكذبون"، فيرد بأنه يُصدقهم وأنه يحترم رأيى!!
كان الهتاف فى بعض الأحيان خلال تلك المليونية: "إسلامية إسلامية" من الجانب المُتأسلم الذى كان قريب من مُجمع التحرير، ولكن سُرعان ما تأتى إشارات من الجانب "المدنى" من الميدان، والذى كان مُلاصقًا للعمارات القريبة من مدخل شارع البستان، بتعديل الهتاف إلى "مدنية مدنية"!!
كان المذيع يقول لى، إن مصر مُقبلة على تطور رائع، فأرد عليه بأننى أشك بشدة، وأننى أعتقد أننا مُقدمون على كارثة وحُكم إخوانى قمعى وأن مبارك أفضل مما نحن ذاهبون إليه!!
وقد سجل المُذيع مع طفلة لم تتخطى حوالى "الثلاث سنوات"، وكان والدها المُلتحى يحملها فوق كتفيه وسألها: "ماذا تريدين؟" فقالت له ما حفظوها إياه: "يسقط يسقط حسنى مبارك"، فسألها: "من هو حسنى مبارك؟"، فلم تُجبه بالطبع، فلقنها والدها!! إلا أن اللقطات التى كانت تحمل غموضًا فى الإجابة أو تعاطفًا مع مبارك، كانت تُمحى ليلًا لتُرسل إلى بريطانيا كما يريدها المُعد!!
وقد شهدنا صبيحة يوم 2 فبراير أو موقعة الجمل، أمين إسكندر يخطب فى الناس بعد خطاب مبارك المؤثر، بأن على "الثوار" ألا يصدقوا مبارك وأنه كاذب، وأن لا صوت يعلو فوق صوت الثورة.
وحينما دخلنا فى اتجاه باب اللوق، إذا بشاب يبكى ويصيح فينا: "حرام عليكم.. خلوا مبارك يخلص مدته،.. حرام عليكم مصر!!"، فتعاطفت مع الشاب، وجعلت فريق التصوير يُسجل معه. ولكن فى نفس الليلة، مسح البريطانيون تلك اللقطات، ولم يتبق إلا لقطة أيمن نور وهو مُمسك بيد البلتاجى، وهم خارجان من مقر حزب الغد، ذاهبان إلى الميدان، وبعض الشباب يتعرضان لهما وكادوا يضربونهم، حيث وصف التقرير الإخبارى هؤلاء بالمأجورين، بينما رأيتهم مُخلصين فى حبهم لمصر ببساطة "أبن البلد"!!
وبالطبع، لم أستمر فى هذا العمل، حيث كان اتفاقى مع من يريد "زيف المشهد": مُستحيلًا!!
لقد شهدتُ كيف أن الإعلام الغربى، يريد تصوير الميدان على أنه يحمل ثورة حقيقية، ولم يركز على الكثير ممن أحاطوا الميدان من مؤيدى الاستقرار من وطنيين مُخلصين!!
أما إعلامنا، فلا يجب الحكم عليه اليوم، ولكن هناك من سيُحاكم على ما قام به، إما عن جهل أو عن علم. ولكن هناك إعلاميين وطنيين نستشعرهم فى الأُفق، وقد لعبوا دورهم بجدارة وأرفع لهم القُبعة، لأنهم أوصلوا الناس لما كان يجب وأن يصلوا إليه من اليوم الأول!!
وإن كنت أعرف ما دار فى الميدان من زيف إعلامى قدم للفبركة والفوتوشوب للتأثير النفسى على المصريين، وبينما الفرد لا يُقارن بمؤسستى المخابرات العامة والجيش، فهل يظُن أحد أن ما أرويه بغافل عليهم؟؟!
إن يوم الإخوان المتواطئين لإسقاط مصر، قادم، لا محالة!!
ولن تسقط مصر!!
وللحديث بقية..
والله أكبر والعزة لبلادى
وتبقى مصر أولًا دولة مدنية.