رئيس التحرير
عصام كامل

في الحالة المصرية.. ولا أي اندهاش !


الدهشة تقود إلى التأمل، والتأمل يقود إلى إعمال العقل، وإعمال العقل يقود إلى الرؤية الشاملة، والرؤية الشاملة تقود إلى القراءة الصحيحة للمشهد أو القضية أو ما يجري أمامك من أحداث، والأحداث تجري بسرعة مياه الشلال المتدفق فتراها بلون واحد أبيض، والحقيقة أنها متعددة الألوان بما تحمله في باطنها عندما تجري على الأرض.


في حالتنا المصرية لا نندهش ولا نتأمل ولا نفكر رغم أن ما نراه يدفعنا دفعًا للدهشة والاستغراب مما يحدث من ردود أفعال حول أزمة الجزر سواء من مثقفين أو نخبة أو حتى العامة من الناس ناهيك عمن يطلقون عليهم خبـــراء، وأنا هنا لا أناقش هل الجزر مصرية أو سعودية؟ أنا أناقش الحالة التي تصاحب هذه الأزمة التي فرضت نفسها في وقت أراه غير مناسب بالمرة مهما كانت المبررات لأسباب كثيــــرة، أبرزها حالة الجدل الدائر الذي لن يتوقف قبل مرور وقت طويل !

ولا أي اندهاش.. عندما يقول السفير معصوم مرزوق -رجل دبلوماسي كان سفيرًا في الخارجية يعرف كيف يزن كلماته بميزان العقل والمنطق بحكم خبرته كمفاوض وكان من فريــق الحملة الرئاسية لحمدين صباحي– الجزر مصرية ولو نزل سيدنا آدم على الأرض وقال عكس كده ! بدلا من الدخول في مناظرة قانونية أو سياسية نخرج منها بقيمة مضافة لنا !

ولا أي اندهاش.. عندما يقول المفكر والروائي والمؤرخ والباحث وصاحب كل الألقاب يوسف زيدان أن الجسر المزمع إنشاؤه بين مصر والسعودية هو جسر الملذات أو سرداب الملذات.. المفكر ترك كل شيء ورأى أن الخطر الحقيقي هو الجسر الذي سوف يسهل المتعة الحرام !

ولا أي اندهاش.. عندما يتحول محمد حسنين هيكل صاحب اللقب الأشهر في الصحافة (الأستاذ) -والذي كان يستشار في كثير من القضايا وكان ينصت إليه مريدوه وأتباعه وتلامذته ويرفعون له القبعة ويدافعون عن كل كلمة يقولها وكتبوا فيه قصائد شعر وذرفوا الدمع على فقده– إلى جاهل ومفرط في الأرض عندما كتب أن الجزر سعودية.. من تحولوا هم أقرب النــاس إليـــــه !

ولا أي اندهاش.. عندما يستشهد الإخوان بكلام عدوهم اللدود الزعيم عبد الناصر، ويركبون كلامه عندما قال إن تيران مصرية.. تركوا السياق السياسي وتشبثوا بالكلمة.. رغم أنهم يعتبرون الوطن الذي يعيشون عليه حفنة من تراب عفن، وأن الوطن في مجمله شقة مفروشة ليس أكثر !

ولا أي اندهاش.. عندما يصبح جمال حمدان جاهلا.. خائبًا.. بائعًا للأرض وهو صاحب موسوعة شخصية مصر التي نحتفظ بها في دور وثائقنا، والذي أصابنا الفزع عندما تم حرق المجمع العلمي الذي كان يحتويها لولا وجود نسخ أخرى.. صاحب شخصية مصر التي يفخر المثقفـــون باقتنائها وقراءتها لأنه كتب أن الجزر سعودية فاستحق عقاب أهل الفكر في عصور أوروبا الوسطى!

ولا أي اندهاش.. عندما نرى زيارات لرؤساء دول كبــرى إلى مصر للبحث عن فرص استثمار وللتنسيق مع مصر في مواجهة الإرهاب والتعاون في ملفات الخطر، وزيارة البرلمان وتأكيد الانتقال إلى مرحلة الدولة في الوقت الذي يقول فيه أهل الشر إن البلد يتراجع ورئيسه يبيع أرضه وعلى وشك السقوط.. وهو السقوط الأخير!

ولا أي اندهاش.. عندما يكون تقرير البرلمان الأوروبي الذي يتحدث عن حالة حقوق الإنسان في مصر وعن التعذيب والاختفاء القسري وكبت الحريات هو ذات التقرير الذي كتبته 16 منظمة مصرية ممولة من الخارج وأرسلته إلى أصحاب المال في الغرب.. يبيعون الوطن كله، وينتفضون بالباطل على قضية لم تحسم بعد !

ولا أي اندهاش.. مقدمو برامج التوك شو الذين يتحدثون عن الغلابة وأزمات الوطن الاقتصادية.. مرتب واحد منهم في الشهر يكفي إعاشة 400 أسرة في الشهر بشكل كريم.. نقول كمان!!
الجريدة الرسمية