رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة جددت الثقة في البرلمان !!


من المهم أن يكون هناك تعاون ما بين الحكومة والبرلمان، من أجل العبور بمصر هذه المرحلة الأخطر في تاريخها، والتعاون معناه أن يقوم البرلمان بدور حقيقي في الرقابة والتشريع، وليس بإذابة الفارق بين السلطتين التشريعية والتتفيذية.. منذ انتخابه أشعر أن مجلس النواب ليس على مستوى المسئولية، قضايا مهمة كثيرة تعرض لها ولم يتصرف فيها بالعقل والحكمة والاحترافية المطلوبة، في برلمان جاء بعد ثورتين عظيمتين، بداية من موافقته على أكثر من 400 قانون، صدروا من الرئيسين عدلي منصور وعبدالفتاح السيسي إلا قانونا واحدا فقط وهو الخدمة المدنية ،والذي كان يجب أن يوافق عليه البرلمان لضبط منظومة الجهاز الإداري المعوقة لأي إصلاح..


كانت حجة بعض النواب في رفض القانون هو تعالي الحكومة وعدم حضورها جلسة مناقشته، ثم قضية إسقاط العضوية عن النائب توفيق عكاشة، بسبب لقائه مع سفير معتمد في مصر لدولة تربطنا بها اتفاقات دولية وعلاقات رسمية حتى لو كانت مرفوضة شعبيا..

لو كان هناك رجل حكيم في البرلمان ما تصرف بهذا الشكل، وأسقط عضوية عكاشة لهذا السبب، ووضع البلاد في حرج دولي سوف تظل تعاني منه كثيرا، ومن الأسباب الرئيسية للهجمة الدولية على مصر هذه الأيام سواء في قضية ريجيني أو حقوق الإنسان، هو تصرف غير مسئول للبرلمان، وكانت لديه أسباب أخرى كثيرة للتخلص من عكاشة حتى لو كانت تافهة، مثل كرافتته التي لا تتناسب مع لون بدلته، المهم الابتعاد عن الأسباب التي قد تؤثر على بلد ما زال يعيش عالة على الخارج، ويستورد أكثر من نصف احتياجاته من الغرب الذي تحركه إسرائيل..

القضية الأخرى للبرلمان والتي لم يتصرف فيها بحكمة، هي طريقة تعاطيه مع حادث مقتل الشاب الإيطالي ريجيني؛ فبدلا من مطالبته لوزارة الداخلية بسرعة الانتهاء من التحقيقات حتى يعلم الداخل قبل الخارج دوافع الجريمة، تبارى البرلمان ونوابه في الهجوم على البرلمان الأوروبي؛ لانتقاده لمصر بسبب ريجيني، ثم أرسل البرلمان المصري وفدا لنظيره الأوروبي؛ لشرح أبعاد القضية، وهو تصرف هواة، حيث كان يجب القيام بهذه الزيارة بدلا من الهجوم عليهم، ولذلك كان من الطبيعي ألا يحظى الوفد البرلماني المصري بالترحيب المتوقع من البرلمان الأوروبي، ولا تؤتي الزيارة ثمارها، ولكن أعضاء الوفد استمتعوا بالنزهة الجميلة في أوروبا..

القضية الرابعة المضحكة لبرلمان مصر هو ما يحدث الآن في مناقشته لبيان الحكومة، معظم إن لم يكن كل أعضائه انتقدوا برنامج الحكومة المقدم إليهم، واعتبروه كلاما مرسلا دون خطط ورؤي حقيقية، وكلهم ظهروا على شاشات الفضائيات ينتقدون الحكومة وبيانها الفضفاض، ومع ذلك أكدوا أنهم سوف يمنحون الثقة للحكومة وبيانها من أجل استمرار المسيرة، وهذه حجة باطلة؛ فالبرلمان سيمنح الثقة للحكومة غدا !

من أجل نفسه خوفا من حدوث أزمة دستورية قد تنتهي بحله، وضياع الحصانة التي كلفت أعضاءه الكثير، وهم يعلمون أنهم لن يحصلوا عليها مرة أخرى، فمعظمهم دون المستوى ولا يستحقون تمثيل هذا الشعب العظيم، ولكن الظروف خدمتهم بعزوف الكثير من الرجال المحترمين عن الترشيح.
الخلاصة إذن البرلمان جدد الثقة لنفسه ولنوابه وليس للحكومة، بل إن الحكومة هي التي جددت بالفعل الثقة في البرلمان، وأنا كمواطن مصري لا انتظر منه خيرا طالما أن نوابه خائفون على كراسيهم، وعليه العوض في صوتي الانتخابي وتوبة من بعد النوبة.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية