إحسان عبد القدوس يكتب: مهد الطفولة

في مجلة "روز اليوسف" عام 1957 كتب إحسان عبد القدوس مقالا قال فيه:

" كلما دخلت مسرحا من مسارح القاهرة أحسست أنى أزور مهد طفولتى وملاعب صباي، لقد كنت أذهب مع والدي إلى مسرح الأوبرا حيث يقدم مسرحياته التي تقدمها جمعية أنصار التمثيل والسينما، وكنت أجلس معه في غرفته المخصصة له بعيدا في أحد الاركان صامتا وهو منهمك في تقمص الشخصية التي يمثلها".

وتابع:" كان يحدثنى مرة كملك ومرة كباشا، ومرة كابن البلد، وكنت أراقبه منبهرا به، وأثناء العرض أقف بين الكواليس أراقبه وهو يمثل ويضحك،لكنه لايعود إلى ضاحكا بل لاهثا يلتقط أنفاسه والعرق يتصبب منه، وأسأل نفسي لماذا يقسو علي نفسه إلى هذا الحد؟ ".

وأضاف "عبد القدوس" في مقاله:" أما أمى فقد ظهرت على مسرح رمسيس وقبله مسرح الريحانى قبل أن أولد، وأنا لا أذكر والدتي على المسرح إلا كخيال بعيد من طفولتى.. لكنى أذكرها في ثوب أبيض فضفاض، وشعر أصفر مجدل في ضفائر.. أذكرها جميلة كالملاك، وكلما مررت أمام مسرح رمسيس تقفز أمام عينى هذه الصورة، ومهما عنفتنى أو قست علي فهى لا تزال في خيالى ملاك في ثوب أبيض".

واختتم مقاله قائلا:" كل مسارح القاهرة عشت فيها طفولتى،بل عشت فيها قبل أن أولد، فعلى خشباتها التقى أبى وأمى، وتزوجا وبعثاني إلى الحياة".