رئيس التحرير
عصام كامل

سلامة صدر الرئيس!!


سلامة صدر الرئيس الذي تلقى ضربة موجعة حسب وصفه، ضربة أعادت إلى الطرح مرة أخرى أفكار التخوين التي أطلقناها كثيرا في عصر الإخوان؛ فالإخوان هم من قالوا بـ "سودنة" حلايب وشلاتين!

يوم الجمعة الماضية قال أحد أئمة المساجد أيضا: إنه لا يجب أن يختلف المسلمون على الحدود، بعيدا عن كون تيران ورفيقتها صنافير سعوديتين أو مصريتين، لا يهم، تصوروا وتساءلوا: هل هناك فرق بين الإخوان وبين من يحكمون؟!!

سلامة صدر الرئيس وملعون أبو قفا الناس، هؤلاء الذين استيقظوا في صباح غريب، عجيب، مدهش، مزلزل، قالت فيه حكومة الرئيس بـ"سعودة" جزيرتين، قال فيهما الرئيس نفسه إنه تدارس من وراء ظهر شعبه، وذاكر، واجتهد، واتبع وصية والدته في تسليم ما للناس للناس، هكذا قولا حاسما، دون أن يشاور شعبا هو الذي اختاره ليحكم لا ليتحكم؛ ليشاور لا لينفرد ؛ ليقود لا ليستسلم.

سلامة صدر الرئيس الذي إن كان قد واجه الضربة فإن ضاربيه هم رفاقه ومحيطوه ومستشاروه، وليس الشعب الذي وقف وراء ظهره، ومعه كتفا بكتف، ويدا بيد.. هذا الشعب الذي يكتوي يوميا بنار فواتير وزير كهرباء الرئيس، وتلتهمه نيران فواتير مياه الرئيس، وتقلبه يمينا وشمالا أسعار لحوم وخضراوات وسكر وزيت تجربة الرئيس، هذا الشعب الذي تحمل ويحتمل، وعلي استعداد أن يحتمل ماهو فوق طاقة الشعوب إلا الأرض.

هذا الشعب الذي يضحى بأولاده، وفلذات أكباده يوميا على الطرق، في سيناء، في مطروح والصعيد، في ليبيا، في كل جنبات الوطن المهدد، هذا الشعب هو وقود الحرب على الإرهاب، هو الذي يزود عن الإنسانية في حرب مقدسة.. هذا الشعب ياسيدى هو الذي دفع الدم غاليا ليحمي الأرض، أرض مصر، وأرض أمته العربية.. هذا الشعب هو الذي دفع على مدى نصف قرن من الزمان من تنميته، ومن استقراره، ومن هدوئه؛ ليحمى أمة استيقظت على برميل بترول؛ فقررت التسلى بنا وبأرضنا.

هذا الشعب الذي حاولت قوى ظلامية كثيرة أن تدفعه دفعا للخروج عليك -يا سيدي- فلم يخرج، هو ذاته نفس الشعب العظيم الذي خرج في جمعة الأرض، الخروج من أجل الأرض أيها القائد.. والأرض فقط أيها المقاتل.. أيها الجندى، الشعب هو رفعة وكرامة وعظمة وحضارة لا بد وأن تفخر بها.. هذا الشعب لم يضربك على صدرك، وإنما تلقى ضربة موجعة من مستشاريك على قفاه، نعم استيقظ على ضربة قفا لن يغفرها لهم.

وسط هذه الهموم، ووسط حالة الضباب التي نحياها، ووسط مشروعات الأمجاد الشخصية، وتوريط البلاد في بحر من القروض الرهيبة، ووسط حالة الانسداد السياسي، ووسط حالة الانفراد بالقرار، ووسط حالة السذاجة الإدارية، ووسط حالة الغموض التي تحيط بالتجربة، وسط كل هذه المآسي خرج الشعب في واحدة من عبقرياته ليقول لك "قف" لا ليطالب بسقوطك.. سقوطك ليس هدف الخارجين عليك، الذين خرجوا في جمعة الأرض شرفاء مصريون، لن يتوقف خروجهم حتى يعلم القاصي والداني أن الشعب الذي فوضك يراقب، ويلاحظ، ويتحرك وقت الخطر، ويخرج، ولن يتوقف خروجه مادام يتهددنا الخطر.

الذين خرجوا ليسوا جزءا من مؤامرة كونية، ليسوا جماعة من المرتزقة والخونة، الذين خرجوا ليسوا إخوانا، ولا أتراكا، ولا صهاينة، الذين خرجوا، والذين سيخرجون هم من خرجوا من قبل في ٣٠ يونيو؛ ليسقطوا نظاما تحدث عن بيع للأرض، الذين خرجوا في معظمهم هم من اختاروك رئيسا، وهم من قدروا لك موقفك النبيل، وهم يخرجون الآن؛ لينقذوك من مستشاري السوء، خرجوا ليدقوا ناقوس الخطر؛ وليحذروك ممن يدفعونك دفعا إلى الهاوية.

الجريدة الرسمية