رئيس التحرير
عصام كامل

وسائل تضليل الشعب


الأنظمــة القوية تحرص على حرية الإعلام، ليعكس لها نبض الشارع فترسم سياستها وتتخذ قراراتها بناءً على تفاعلها مع اتجاهات المواطنين.. وفي المقابل تكرس الأنظمة الضعيفة كل طاقاتها للسيطرة على وسائل الإعلام حتى تحولها إلى بوق تستطيع من خلاله أن تقنع الناس بما تريد..


والتاريخ مليء بمثل هذه الحالات التي دمرت دولا وحطمت شعوبًا، ولذلك تعي الدول المتقدمة هذا الأمر جيدًا، فتحرص كل الحرص على توفير المناخ الملائم لحرية الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وتوفر استقلالية تامة لجمعيات ومؤسسات دعم الشفافية، ومكافحة الفساد بكل أشكاله، وفي ذلك ضمانة لتقدم الأمم والنجاة من أي تضليل يؤدي إلى الهلاك.

وأي نظام يسعى لنجاح فترة حكمه لن يحقق هدفه دون إعلام حر ينقل له آراء الناس، حتى لا ينعزل عنهم ويعيش في غيبوبة تبعده عن آلام وهموم وآمال شعبه بكل فئاته وطوائفه.

ولن تتحقق أحلام أي شعب في التقدم دون وجود إعلام قوي مستقل، يكشف له الخبايا والكواليس، ويضيء له الطريق الذي يحقق طموحاته ولا يمارس عليه التضليـــــل، ويرسم له طريق الهلاك في صورة المسالك المؤدية إلى الرخاء والرفاهية.

والعجيب أن هناك من لا يعترف بهذه البديهيات التي لا تحتاج إلى شرح أو مبررات للإقناع.. أو بمعنى أصح لا يريد الاعتراف أو الاقتناع بها لغرض ما، رغم السماوات المفتوحة التي يستحيل أن تحجب فيها المعلومات.

وحتى وقت قريب كنا نردد مقولة إن مصر لا يعيش فيها سر أكثر من عام، والمقصود هنا الأسرار السياسية وكواليس الأحداث المهمة.. لكن الآن لا يعيش أي سر ساعات وأحيانًا دقائق.. نحن الآن في زمن البث المباشر لأي حدث على الكرة الأرضية، ومع ذلك هناك من يصر على التعامل بنفس عقلية حقبة دخول الراديو مصر في الثلاثينيات.

فحكومتنا الرشيدة تتفنن مثلا في التكتم على استيراد صفقات ضخمة من "أجهزة التنصت" على التليفونات وتعقب صفحات الفيس في الوقت الذي تعلن فيه وسائل الإعلام في الدول الأوروبية المصدرة بيانات وتفاصيل هذه الصفقات وتنقلها عنها معظم المواقع والصحف المصرية.

انتهى زمن الإرشاد القومي والتعليمات السرية.. ما نخفيه عن شعبنا تعلنه وسائل التواصل والإعلام العالمية.. هل هناك كوميديا سوداء أكثر من ذلك؟!
الجريدة الرسمية