رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا وجزيرتا تيران وصنافير


أمريكا التي لا تترك شاردة أو واردة تحدث في مصر أو تخص مصر إلا وتجري للتعليق عليها وتدلي فيها بدلوها، لماذا سكتت ولم تتحدث من قريب أو بعيد أو تعلق على اتفاق تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية والذي أقر بملكية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية؟


إنه أمر يدعو للدهشة، خاصة وأن الجزيرتين شملتهما ملاحق المعاهدة المصرية الإسرائيلية، الملحق العسكري، عندما تم إدراجهما ضمن المنطقة «جـ» التي لا توجد فيها قوات عسكرية مصرية وتوجد قوات طوارئ دولية.. فأمريكا لا تخفي حرصها على هذه المعاهدة، وتعتبر ذلك من واجباتها الأساسية وفعلت ذلك دومًا خاصة عندما يحدث شيء أو تطور في مصر قد يؤثر عليها، مثلما حدث بعد اغتيال السادات، وقبل أن تمنح دعمها للإخوان للوصول إلى حكم مصر.

بل إن مريكا في خضم الحديث -مصريًا وأيضًا عربيًا ودوليًا- حول تعيين الحدود المصرية السعودية، فاجأتنا السفيرة باترسون مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، بإعلانها أمام الكونجرس أن جماعة الإخوان غير إرهابية، أي أن أمريكا كانت مهمومة ومهتمة بأمر آخر يتعلق بمصر؛ هو مصير جماعة الإخوان، وليس مستقبل المعاهدة المصرية الإسرائيلية التي تعد أمريكا ضامنة لها.

ولا يمكن تفسير ذلك بما يشوب علاقة كل من الرئيس أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو من تعكر واضطراب.. فالرئيس الأمريكي رغم ضيقه من نتنياهو، كان يؤكد دومًا التزامه بأمن إسرائيل ومساندتها ودعمها، وهو الموقف ذاته الذي تكرره هيلاري كلينتون مرشحة حزبه التي تخوض سباق الانتخابات الرئاسية.

كما لا يكفي تفسير صمت أمريكا عن هذا الاتفاق المصري السعودي وأمر جزيرتي تيران وصنافير بأنها -كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي- قد حصلت على تطمينات مسبقة خاصة من السعودية من انتقال التزامات مصر في المعاهدة المصرية الإسرئيلية إليها.. فقد كان متوقعًا أن تخرج واشنطن لتقول ذلك وتؤكده أو حتى لتقول إنه ليس كافيًا أو إنها سوف تتابع تحقيقه وإذا لم يتحقق سوف تتدخل باعتبارها ضامنة للمعاهدة المصرية الإسرائيلية.

غير أن واشنطن رغم ذلك التزمت الصمت أو آثرت ذلك لأن ذلك الصمت يرفع الحرج عن كل القوى والعناصر المحسوبة عليها داخل مصر لاستثمار موضوع الجزيرتين «تيران وصنافير» في محاولاتها إضعاف حكم الرئيس السيسي أو النيل منه وتأليب الجماهير ضده.

أمريكا ليس لها موقف رافض ضد اتفاق تعيين الحدود البحرية المصرية أو بالأصح ليست قلقة ولكنها ترى في الوقت ذاته بحكم انتهازية إدارتها وليس برجماتيتها، أنه يمكن استثماره ضد الحكم المصري، والسعودي أيضًا.
الجريدة الرسمية