رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح وريجينى.. السياسة تشاغب الرياضة !


منذ عشرات السنين نؤكد أن الرياضة والسياسة وجهان لعملة واحدة، ولكن البعض أحيانا ينفى هذا، بسبب عدم الإدراك أو تجاهل الحقائق، ولو أننا نظرنا للعالم في النصف قرن الأخير وحاولنا رصد بعض الأحداث لنرى معا ما إذا كانت الرياضة والسياسة وجهين لعملة واحدة أم ماذا؟


على المستوى العالمى كانت تستبعد دولة جنوب أفريقيا من الاشتراك من جميع البطولات العالمية والأوليمبية والقارية، والسبب الاتهام الموجه إلى جنوب أفريقيا بالعنصرية والتفرقة بين البيض والسود..! في عام 1980 نظم الاتحاد السوفييتى أولمبياد موسكو، فقاطعت أمريكا وجميع الدول الغربية هذا الأولمبياد المهم، وللعلم مصر قاطعت هذه البطولة المهمة مجاملة للأمريكان، حيث كان الرئيس الأسبق محمد أنور السادات مرتبطا بالأمريكان أشد ارتباط..

في عام 1984نظمت الولايات المتحدة أولميبياد لوس أنجلوس، فما كان من الكتلة الشرقية بزعامة الاتحاد السوفييتى إلا المقاطعة، بل إنهم نظموا أولمبيادا في موسكو موازيا تماما وفى نفس الموعد لأولميبياد لوس أنجلوس، وأعلنوا التحدى للغرب..

في نهايات السبعينيات تابع العالم كله لقاء الشطرنج بين بطل العالم والاتحاد السوفييتى سباسكى والبطل الأمريكى جورج فيشر وبالرغم من أنها كانت أشبه باللقاء الودي إلا أن العالم تابعه لعدة شهور، وأيضا مباراة تنس الطاولة بين الصين والولايات المتحدة تابعها أكثر من مليارين من البشر..

أما على المستوى العربى، حتى التسعينيات كانت هناك مقاطعة للكيان الصهيونى من جميع الدول العربية، وكانت هناك مقاطعة للبطولات لمجرد اشتراك الكيان الصهيونى فيها.

لو نظرنا لكل هذه المواقف، فهي مرتبطة ارتباطا عضويا بالسياسة، عندما انتهى التمييز العنصرى في جنوب أفريقيا عادت للخريطة العالمية الرياضية ونذكر في 1996 وفى بطولة الأمم الأفريقية التي نظمتها جنوب أفريقيا كان يحضر مبارياتها الرئيس والمناضل نيلسون مانديلا وهو يرتدى قميص لعب بلده، وكان يشجع كمواطن وسعيد بعودة الرياضة لجنوب أفريقيا وأفريقيا والعالم، مقاطعة الغرب عام 1980 لأولميبياد السوفييتى سياسة، ورد الفعل السوفييتى والكتلة الشرقية عام 1994 ومقاطعة أولمبياد لوس أنجلوس أيضا سياسة، مباريات الشطرنج وتنس الطاولة كانت أول خطوة لإعادة العلاقات بين الولايات المتحدة مع الصين والاتحاد السوفييتى، وطبيعى أيضا أن المقاطعة العربية للكيان رياضيا هو قرار سياسي قبل أي شىء ويؤثر، وكلنا نتذكر أن حربا وقعت بين الهندوراس والسلفادور بسبب مباراة كرة قدم، وبالتالى الادعاء أن الرياضة شىء والسياسة أمر آخر كلام مرسل أو حالم، والواقع يؤكد الارتباط العضوى بينهما.

الذي جعلنى أتذكر هذا قضية الشاب الإيطالى ريجينى ومحاولات الجماهير الإيطالية استغلال صورته في المباريات وخاصة جماهير روما الذي يلعب فيه ومتألقا محمد صلاح، وكنت قد بدأت في كتابة مقال بدأته: هل التاريخ سيعيد نفسه؟ في يونيو 1882، تعمد مواطن مالطى في الإسكندرية من إثارة صاحب حمار مصرى، والحمار كان وسيلة التنقل في ذلك الوقت، فقد تعمد أن يأكل حق المصرى الذي اشتبك معه، وحدث أن المصريين وقفوا مع ابنهم، وتجمع الأجانب وساندوا المالطى الذي كان تحت الحماية الإنجليزية، ولكن لأن إنجلترا كان لها أهداف أخرى، أعلنت أن الأجانب في مصر يتعرضون للخطر ولابد من حمايتهم من وحشية المصريين..!

وبسبب الحمار والمالطى وهذه المشادة المفتعلة، تحركت الجيوش الإنجليزية إلى مصر لتحتلها 70عاما..!! نعم بدعوى حماية الأجانب احتلت إنجلترا مصر 70عاما، الغريب أنهم عندما كانوا يواجهون مقاومة من أهل البلد كان يقتلون المصريين أصحاب البلد ويقولون إنهم "إرهابيون".

عندما وصلت لهذه الجملة وكنت أريد أكتب: هل سيعيد التاريخ نفسه وتتحرك الجيوش لتأتى إلى مصر لحماية الأجانب بعد فشل كل محاولاتهم لخلق فتنة طائفية تكون سببا لتدخلهم ؟ هل يمكن أن تتكرر الفكرة وربما بصورة أخرى أو بشكل ثان؟

ولكن فوجئت بالحملة الممنهجة في الخارج والدفع بتيار ضد مصر من ملاعب الكرة، ومحاولة محاربة نجم مصر محمد صلاح! والحقيقة أنه أمر عادى وطبيعى، لأنه أمر يخدم الأهداف السياسية لأصحاب المؤامرة على مصر. ولابد أن ندرك أن الرياضة والسياسة وجهان لعملة واحدة.
الجريدة الرسمية