رئيس التحرير
عصام كامل

مصرية.. لا سعودية.. مصرية.. سعودية.. لاااا مصريييية !!


ضاع المنطق تمامًا في قضية منطقية.. أديرت بخبث شديد من البعض بحيث يدخلك في شباك اتهامات أقلها-أقلها-أنك "مطبلاتي" !

الجزر مصرية والسيسي باع الأرض.. عندما تحاول النقاش لتثبت أن الرئيس لم يبع وأن هذه اتهامات خاطئة وغير صحيحة يكون الرد كالتالي: " كل الجهد ده علشان تثبت أن أرض بلادك ملك للسعودية.. يا خيبتك ويا خيبة شبابك ورجالتك يا مصر"! ويتحول النقاش إلى مأساة كبرى!


هذا النمط الإخواني الجهنمي في الحوارات انتقل إلى أكثر المصريين علمانية.. والي أكثرهم كراهية للإخوان.. وفي تفكيك ما يجري تجد أن منهم من يقبل خرائط من جهات محددة تؤيد أن تيران مصرية ونفس الجهات تصدر خرائط أخرى تقتطع أجزاء مهمة من مصر ولا نعرف كيف توافق هنا وترفضها هناك؟ آخرون نسبوا جمعيات وهمية إلى الأمم المتحدة وأبلغنا أستاذنا الدكتور محمد كمال، الأستاذ بجامعة صوفيا البلغارية، وعضو نقابة الصحفيين هناك أنه لم يصدر أي شيء من بلغاريا يخص الموضوع والجمعية المذكورة لا وجود لها ببلغاريا أصلا ومع ذلك لا يتوقف نشر الخبر عن جمعية تتبع الأمم المتحدة فرع بلغاريا أو بلغاريا البلد !

المأساة.. إن كل من عاشوا في محراب جمال حمدان لعنوه واستبدلوه بخالد على وكل من أحبوا هيكل لعنوه واستبدلوه بنور فرحات !! وكل من افتخروا وتباهوا بفاروق الباز لعنوه واستبدلوه بيوسف زيدان !! وكل من احترموا محمد فايق وزير عبد الناصر وكاتم أسراره وأعماله في أفريقيا لعنوه واستبدلوه بممدوح حمزه !! وكل من استعانوا بتحقيق الدكتور عاصم الدسوقي المؤرخ الكبير للتاريخ المصري لعنوه واستعانوا بالمؤرخ العظيم أحمد ماهر بتاع 6 أبريل !!!

ورغم التفاوت الرهيب بين مجموعتي الأسماء خبرة وتاريخا وبالرغم أيضًا أن كل الأسماء الأولى تنتمي بطريقة أو بأخرى مثلا -عدا فاروق الباز- إلى الفكر الناصري وبالتالي لا يخفى على الأحياء منهم -أطال الله أعمارهم- إن عبد الناصر قال عن تيران ما قال لكنهم يدركون أن عبد الناصر قال الحقيقة لأنها وقتها كانت بالفعل تحت الإدارة المصرية لكنهم أيضًا يعرفون أن كلام عبد الناصر كان ضد أمريكا وإسرائيل وليس ضد السعودية والأهم أنهم شهود على الأحداث بل كانوا صناعها وشركاء فيها أيضًا..

أما الأسماء الثانية كلها ورغم احترامنا لهم فإن منهم من كان في الابتدائية عندما سلم مبارك للأمم المتحدة اعتراف مصر بسعودية تيران وصنافير ورغم أنهم يعرفون بقصة تسليم مبارك هذه فإن بعضهم ومنهم محامون يعرفون القانون -آه والله محامون يعرفون القانون- يطالبون بالتحكيم الدولي !! رغم أنهم يعرفون أن رئيسهم اعترف وسلم الأمم المتحدة منذ 26 سنة ما يمنع أي تحكيم ويحسمه والأهم أن أغلب هذه الأسماء ليست متخصصة ولم تشارك عن قرب في أي قرار أو أحداث !!

بعضهم تحاوره بالأدلة فيلجأ للقانون الدولي! تقدم له الخرائط فيرجع إلى الخرائط العثمانية وفيها ألغام كثيرة.. تعود به إلى القانون الدولي يلعنه هو علنا !! تقول له الترسيم البحري يقول لك الأمن القومي تقول له أرضا سعودية يطالبك بالاستفتاء! ووسط هذه الفوضى العارمه تجد مراكز حكومية تتفوق على الكل وتستعين بالبرادعي! والبرادعي يحرجهم ويكذبهم بينما خصوم الحكومة يكايدون أنصار السيسي بتكذيب البرادعي وهؤلاء تقدم لهم شهادة مفيد شهاب فيتهمونه بالفلولية فإذا ما قدمت لهم آراء أساتذه آخرين للقانون الدولي بل كتاب علمي عن الجزيرتين يدرس منذ سنوات في حقوق بني سويف يتركون كل شيء ويسألونك عن سر إصرار السعودية على استعادة الجزر الآن تحديدا !

بعضهم يستند إلى الدم المصري الذي ذهب فداء لتيران وصنافير وهو لطهارته يرون أنه يكفي لتبقى تيران مصرية فإذا سألتهم عن الدماء المصرية الطاهرة أيضًا -وكل الدم المصري طاهر- التي ذهبت في اليمن وفي غزة يغيرون الموضوع على الفور وإذا سألتهم عن كون الحيازة سندًا للملكية وأن الأرض لمن يحميها فكيف الحال بفلسطين كلها وهي مغتصبة صهيونيًا وحتى ليبيا وهي في حيازة الإرهاب تجدهم يعودون سيرتهم الأولى وينهون الحوار كما بدأوه وأن تيران مصرية !! كده وخلاص!

بين كل ذلك تحول الحوار إلى «مورستان» كبير.. المدهش أنك لا تعرف كيف يتحول الحوار إلى التخوين والتكفير والعمالة والخيانة رغم أن هؤلاء مع الوطن وأولئك أيضًا مع الوطن حتى لو اختلفوا.. لأنه خلاف من أجل الوطن.. وطالما يتم بطرق محترمة ومقبولة.. يخصم منهم المتمولون المحتمون بسفارات أجنبية فلا يعقل أن من باعوا شرفهم ووطنهم كله يبكون على جزيرتين صغيرتين حتى لو تظاهروا ألف مرة.. وحتى لو صرخوا ألف صرخة.. وحتى لو أقسموا ألف قسم !

ورغم اعترافنا بخطأ إخراج الأمر للمصريين وأنه تأخر بلا داع لكن وبعد أي حوار أو أي حديث أو أي تعليق ستجدهم من جديد يتناسون كل شيء ويقولون لك القول المأثور الذي يرددونه ببغائية مدهشة الآن في أماكن عديدة "كل ده علشان تثبت أن حتة من بلدك ملك لبلد تاني"!
ولا حول ولا قوة إلا بالله !
الجريدة الرسمية