ننفرد بنشر سيناريو الحصول على وثائق «بنما» وحوار خاص مع «المصدر المجهول» صاحب التسريبات التاريخية
لم تكن تسريبات وثائق “بنما” مفاجئة بالنسبة لى بقدر ما جاءت متأخرة جدًا عما توقعت.. لكن يبدو أن التأخير في نشر التسريبات جاء بسبب تحري الدقة من قبل صحيفة “زود دويتشه تسايتونج” الألمانية.. خاصة أن الوثائق يزيد عددها على 11 مليون ورقة _كل ورقة منهم تودي صاحبها في ستين مليون داهية_ بالإضافة إلى أن الوثائق المسربة تحتوى على العديد من المستندات التي تدين رؤساء ومسئولي العديد من دول العالم، بالإضافة إلى عدة شخصيات بارزة في مجتمعاتها.
كنت أعلم بالحدث منذ وقوعه قبل عام مضى.. حيث كنت واحدًا ضمن المجموعة التي تبحث عن الأموال المصرية المهربة للخارج.. لكن طريقة اللجنة التي شكلت عقب ثورة يناير لم تعجبنى، حيث كانوا يهتمون فقط بالظهور في وسائل الإعلام وإطلاق التصريحات العنترية دون تحقيق أي إنجازات على أرض الواقع.. الأمر الذي اضطرنى أن أعمل منفردًا بعيدًا عن الضجيج.
تعرفت في ذلك الوقت على شاب أمريكى يُدعى ما..... _ولا بلاش علشان هو دا بقى المصدر المجهول_ لن نذكر اسمه حفاظًا على حقه في السرية التي منحها له القانون الدولى ووفاء بالوعد الذي قطعته على نفسى عندما طلب منى أن يكون الأمر سرًا بيننا، حيث قدم لى بعض تلك المستندات التي تدين شخصيات بعينها داخل مصر والوطن العربى ممن تربطنى بهم علاقات وطيدة فطلبت منه ألا تدرج أسماؤهم في وسائل الإعلام حفاظًا على مناظرهم أمام أبنائهم وجماهيرهم التي تثق بهم.
كان هذا الشاب يقيم معي في أحد فنادق بنما الشهيــرة.. وكان دائـم التــردد على شركة “موساك فونسيكا” المعروفة بنشاطها المتعدد حول العالم والتي يلجأ إليها كبار الشخصيات لإيداع أموالهم تهربًا من الضرائب في بلادهم ومن سؤال “من أين لك هذا”.
وكنت أنا أتردد مثله على نفس الشركة للحصول على أي معلومات تفيد أن مبارك وأبناءه ورجال نظامه لهم أي تعاملات مع الشركة
كان كل منا يلحظ الآخر ويرتاب في تحركاته حتى التقينا وجهًا لوجه داخل الفندق الذي نقيم به وتعارفنا.. فعلم الشاب بشخصيتى وفوجئت به يقول لى إنه يعرفنى جيدًا وقد شاهدنى من قبل مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض الأمريكى.
ساعتها سألته إن كانت المخابرات الأمريكية على علم بما يفعل أم أنه يتصرف من تلقاء نفسه مثلى تمامًا.. فقال لى إنه في مهمة رسمية من قبل المخابرات الأمريكية والرئيس أوباما ودعه بنفسه حتى مطار كاليفورنيا قبل أن يأتى إلى بنما.
وهنا أخرجت هاتفى واتصلت بصديقى أوباما وقلت له “مش عيب ياباراك تلعب من ورايا؟!”.. فقال لى: ما عاش اللى يلعب من وراك ياعمنا.. انت ليه بتقول كدا؟!
فأخبرته عن الشاب الذي تعرفت عليه ففوجئت به يقول لى: حاول أن تساعده ياعمنا وعندما نلتقى سأشرح لك كل شيء.. فقلت له أنا مش عايز شرح لأننى أقوم بنفس المهمة التي يقوم بها الشاب.. ثم طلب أن يتكلم مع الشاب وقال له خد بالك مع عمك أبو طقة ونفذ له كل طلباته.
بالفعل قمنا بتجهيز غرفة داخل الفندق وراح الفتى الأمريكى يحضر كل ما سيحتاجه من أجهزة دقيقة لتنفيذ مهمته.. استمر بنا هذا الحال لأكثر من عشرة أيام فوجئت به بعدها يرقص في الحجرة ويصرخ في وجهى “وجدتها ياعم أبو طقة وجدتها”.
أحضرت الطابعة وبدأ الشاب في طباعة المستندات التي استغرقت منه ثلاثة أيام فهي تتعدى ملايين الأوراق ثم استخرج لى منها ما يهمنى من مستندات لشخصيات مصرية وعربية بعينها وطلب منى أن أترك له باقى المستندات وقال لى: حاول أن تعود إلى مصر بأسرع وقت قبل أن يتم اكتشاف العملية من قبل سلطات بنما فنذهب أنا وأنت في ستين ألف داهية.. أما أنا فسأخفى هذه الأجهزة وأخلى المكان من أي دليل يديننا وآخذ المستندات المطلوبة للمخابرات الأمريكية وأسافر على الفور.
ساعتها سألته عن الهدف الذي تبحث عنه المخابرات الأمريكية فقال لى “أي مستندات تثبت تورط الرئيس الروسى فلاديمير بوتين” في الكسب غير المشروع وتهريب أموال خارج روسيا حتى يتم توريطه مع شعبه بعد نشر المستندات في الصحف.
فقلت له وهل كل هذه المستندات تخص بوتين؟!
مر على هذه الواقعة أكثر من عام حتى فوجئت بنشر التسريبات التي هزت العالم بعد أن تم نشرها بأكثر من 100 صحيفة وقناة تليفزيونية حول العالم واجتاحت الرأى العام العالمى خلال ساعات من نشرها، الأمر الذي أثار ذعر المسئولين والزعماء في مختلف بقاع الأرض.
أما المفاجأة الكبرى فكانت في تلك المكالمة التليفونية التي جاءتنى منذ أسبوع من الشاب الأمريكى يخبرني خلالها أنه موجود بالقاهرة لمدة ثلاثة أيام ويريد لقائى للأهمية.. وبالفعل ذهبت للقائه داخل أحد الفنادق ذات السبع نجوم الشهيرة وهناك دار بيننا هذا الحوار الذي سننفرد به عن صحف العالم التي تناولت التسريبات بطريقة أو بأخرى:
قلت له: يخرب عقلك يا ابنى.. هو انت بقى اللى ورا التسريبات دى؟!
قال: أيو ياعمنا أنا المصدر المجهول
قلت: لكنك لم تخبرنى بأنك ستفعل ذلك وأخبرتنى أنك تعمل للمخابرات الأمريكية
قال: بالفعل هذا حدث وأنا لم أكذب عليك.. لكننى بعد أن سافرت أنت قلت لنفسى إن المخابرات تريد منى المستندات التي تثبت تورط بوتين وهذا هو هدفها المهم فلماذا لا أستفيد أنا بباقى المستندات وأقوم ببيعها لأصحابها أو للشركة ذاتها
قلت: ها وبعدين ياواطى.. عملت إيه قولى
قال: اتصلت بالشركة لكنى شعرت أنهم يريدون معرفة شخصيتى فساورنى القلق.. وكذلك خاطبت مجموعة من الشخصيات في أمريكا من المتورطين وهم كثيرون إلا أننى خشيت المافيا الأمريكية فاضطررت إلى تسليمها للمخابرات التي اعتبرت أن هذا إنجاز تاريخي لى.. خاصة أنها مستندات كثيرة تتخطى المليون مستند
قلت: علشان كدا بقى مافيش شخصيات أمريكية ضمن المستندات المنشورة سوى نحو 200 شخص
قال: هم كثيرون ياعمنا ومنهم شخصيات بالبيت الأبيض وفنانون ورجال أعمال مشهورون لكن أغلبهم ذهبت مستنداته للمخابرات
قلت: ها وبعدين؟!
قال: بعدها فكرت في أن أبيع الصفقة مرة واحدة لوسيلة إعلامية بمبلغ ضخم ثم أذهب إلى أي دولة أطلب فيها اللجوء السياسي وأعيش حياتى كما ينبغى
قلت: لا دا انت صايع ياض.. وهل تريد أن تلجأ إلى مصر؟!
قال: بالطبع لا ياعمنا.. أنا فكرت أن ألجأ لأي دولة أفريقية أستثمر فيها أموالى فقلت لن يفيدنى في هذا سوى عمنا أبو طقة بيه لذلك حضرت لمصر أولا باسم مستعار؛ لأن المخابرات الأمريكية تبحث عنى
قلت: وكم دفعت لك الصحيفة الألمانية ياصديقى؟!
قال: 100 مليون دولار ياعمنا.. يعنى أعيش ملك يابا!
قلت: حلال عليك أنت طيب وتستاهل كل خير.. يعنى أنا لو قدمت المستندات اللى عندى لنفس الصحيفة ممكن تدفعلى كام؟!
قال: مش أقل من 5 ملايين دولار ياعمنا.. لكنك قلت لى إنك لا تريد فضحهم!
قلت: خليهم يتفضحوا يابا.. دى 5 ملايين مش لعبة
ثم أخذت الشاب وعزمته على كشرى وممبار في السيدة زينب واتصلت بأحد أصدقائى السياسيين بجنوب أفريقيا وطلبت منه أن يتولى أمر الشاب ويسهل له عملية اللجوء السياسي هناك مقابل أن يحصل منه على مليون دولار!