تسخير رأس المال الطبيعي بأفريقيا على رأس أعمال مؤتمر البيئة
تعتبر الحاجة إلى تسخير احتياطيات أفريقيا الهائلة من رأس المال الطبيعي، إحدى أبرز القضايا التي ستتم مناقشتها هذا الأسبوع، خلال مؤتمر مهم يشارك فيه الوزراء المسئولون عن البيئة ومسئولون رفيعو المستوى من أكثر من 40 دولة أفريقية.
كما أن التسخير المستدام لرأس المال الطبيعي في أفريقيا يمكن أن يحقق وفرًا للقارة قد يصل إلى 103 مليارات دولار سنويًا، ويمكنه دفع عجلة النمو الاقتصادي ومساعدة أفريقيا على تحقيق الأهداف المحددة في جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة وجدول أعمال القارة 2063.
وتحظى أفريقيا بـ30% من الاحتياطي العالمي للمعادن، وما يقرب من 65% من الأراضي الصالحة للزراعة، و10% من مصادر الطاقة المتجددة الداخلية، وتقدر الثروة السمكية بما قيمته 24 مليار دولار كما يوجد بالقارة ثاني أكبر غابة استوائية في العالم.
وتقام الدورة الاستثنائية السادسة لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة (AMCEN) في القاهرة في الفترة من 16-19 أبريل تحت عنوان: "جدول أعمال 2030 واتفاقية باريس: من السياسة إلى التنفيذ في أفريقيا".
ونجد على رأس أولويات الدول المشاركة في المؤتمر، كيفية تحقيق أهداف التنمية المستدامة باعتبارها وسيلة لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على مدى السنوات الـ15 المقبلة، تلك الأهداف التي أقرتها دول العالم بالإجماع في سبتمبر الماضي بما في ذلك الدول الأفريقية.
ويمكن توجيه الأموال التي تحققها الموارد الطبيعية نحو الاقتصاد الأفريقي واستخدامها لدفع عملية التحول في القارة، والتخفيف من حدة الفقر والحد من الجوع، وتوفير مدخل للطاقة النظيفة وتحسين التعليم والصحة.
ووفقًا لتقديرات متحفظة، فإن القارة تفقد نحو 195 مليار دولار سنويًا من جراء نهب الموارد، وقطع الأشجار بشكل غير قانوني، والاتجار غير المشروع في الحياة البرية والصيد غير المنظم، وممارسات التعدين غير المشروعة، وواردات المواد الغذائية المرتفعة والنظم الإيكولوجية المتدهورة.
في هذا المؤتمر، سيناقش مسئولون رفيعو المستوى سبل تحويل هذه الخسائر إلى مكاسب، وهي الخطوة التي يمكن أن تساعد القارة في معالجة أكثر التهديدات التي تواجهها حدة مثل الجوع وسوء التغذية والفقر والبطالة والمرض وتغير المناخ، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، والنظم الإيكولوجية المتدهورة وعدم المساواة الاجتماعية.
ومن بين القضايا الرئيسية الأخرى المطروحة للنقاش في هذا المؤتمر، اتفاقية باريس التاريخية بشأن تغير المناخ وما يعنيه تنفيذ هذه الاتفاقية بالنسبة لأفريقيا.
ويعتبر اجتماع مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة الحالي هو الأول منذ انعقاد المؤتمر الـ21 للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، الذي عقد في باريس في ديسمبر الماضي.
وتهدف اتفاقية باريس التاريخية، التي اعتمدتها جميع الدول، إلى تفادي الآثار الأسوأ لتغير المناخ عن طريق الحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية أقل درجتين مئويتين بنهاية القرن الحالي، ودفع الجهود الرامية للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك بحيث لا يتعدى الارتفاع 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
ومن المتوقع أن يوافق وزراء البيئة الأفارقة خلال هذا المؤتمر على الخطوات الأساسية اللازمة لدفع جهود المنطقة لمكافحة تغير المناخ.
وسوف يتم التركيز بوجه خاص على مبادرة أفريقيا للتكيف، والتي تعد وسيلة الدول الأفريقية في مكافحة تغير المناخ، والمبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة، التي تسعى إلى تمكين وتعزيز قدرات الطاقة المتجددة في القارة الأفريقية بحلول عام 2020.
وبالإضافة إلى ذلك، سوف ينظر الوزراء إلى كيفية تمكين أفريقيا من الاستفادة من التمويل المتاح، والتكيف، والخسائر والأضرار التي تم الاتفاق عليها في باريس.
وصرح الدكتور خالد فهمي، وزير البيئة في مصر ورئيس مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة أن مصر فخورة باستضافة الدورة الاستثنائية السادسة لهذا المؤتمر بالقاهرة في هذا التوقيت المهم، كما أن القارة بصدد تحديد أولويات التنمية في إطار أهداف التنمية المستدامة، ومن الأهمية بمكان بالنسبة لنا أن نحدد بوضوح الأولويات المشتركة ووسائل تحقيق أهدافنا على الصعيدين الإقليمي والوطني.
وأضاف فهمي أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب أن تواجه أفريقيا مشكلاتها الكبرى مثل تغير المناخ والمرض والفقر وتدهور النظم الإيكولوجية.
وأكد الوزير أهمية أن يمهد هذا الاجتماع الطريق للمضي قدمًا في تنفيذ المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة وكذلك مبادرة التكيف بأفريقيا، موضحًا أن نتائج هذا المؤتمر المهم سيتم إعلانها في الاجتماع القادم لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، حيث إن أعمال المؤتمر سوف تضاف إلى الجهود العالمية الرامية إلى إيجاد حلول للقضايا الأكثر أهمية في عصرنا.
في هذا المؤتمر أيضًا، من المتوقع أن يتوصل الوزراء وممثلو الحكومات إلى سبل لمشاركة أفريقيا في اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة، الذي سيعقد في نيروبي الشهر المقبل.
كما أن العضوية العالمية لجمعية الأمم المتحدة للبيئة - أقوى هيئة لصنع القرار البيئي في العالم - تتطلب من جميع الدول الأفريقية تشكيل جدول أعمال البيئة في القارة والتأثير على مجالات تركيز برنامج الأمم المتحدة للبيئة وأولوياته لدعم أفريقيا.
ويقول إبراهيم ثياو نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب)، إن هذا الاجتماع الوزاري الأفريقي المعني بالبيئة يأتي في الوقت المناسب خاصة مع اعتماد اتفاقية باريس وأهداف التنمية المستدامة وموافقة العالم على خارطة طريق ترسم مستقبل أفضل للبشرية والنظم الإيكولوجية، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة للبيئة، سوف يتم تمهيد الطريق لتنفيذ هذه الأهداف وقيادة العالم نحو مستقبل أفضل وأكثر استدامة.
وأضاف أن مفتاح تحقيق الرؤية التي وضعت في جدول أعمال 2030 هو إيجاد طرق لتحقيق أقصى استفادة من احتياطيات أفريقيا الغنية من رأس المال الطبيعي مع حماية البيئة وانتشال الشعوب من الفقر.
وقال: "لتحقيق هذه الغاية، إحدى الطرق هي تحسين الإنتاج الزراعي في القارة، وهناك زيادة بنسبة 10% في إنتاج محاصيل الحبوب تحد من الفقر بنحو 7% مما يسلط الضوء على ضرورة اعتماد النظم الإيكولوجية التي يحركها التكيف في مجال الزراعة باعتبارها وسيلة للتخفيف من حدة الفقر، فمن الواضح أنه إذا تمكننا من الاستفادة على نحو مستدام من رأس المال الطبيعي في القارة، يمكننا دفع عجلة النمو المستدام فيها، مما من شأنه أن يساعد على تحقيق المثل النبيلة التي وضعت في جدول أعمال 2030".
وأشار إلى أنه من المتوقع أن ينتج عن الاجتماع استراتيجيات حول كيفية مكافحة القضايا الرئيسية التي تواجه القارة، مثل الاتجار غير المشروع في الحياة البرية، الصيد الجائر، كما أن فقدان الفيلة وحدها يكلف أفريقيا 1.9 مليار دولار سنويًا باعتبارها مصدر جذب سياحي رئيسي في القارة.
وسوف يشارك في هذه الدورة الاستثنائية ممثلو النيباد والجماعات الاقتصادية الإقليمية الفرعية، وبنك التنمية الأفريقي ومنظمات المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، فضلاً عن غيرهم من الشركاء الثنائيين ومتعددي الأطراف.
ومن المتوقع أن يعتمد المؤتمر إعلانًا بالإضافة إلى مجموعة من القرارات والرسائل الرئيسية، وسوف تصب نتائج الدورة الاستثنائية السادسة لهذا المؤتمر في الاجتماع الثاني لجمعية الأمم المتحدة للبيئة والذي سيعقد في مقر اليونيب في نيروبي بكينيا في الفترة من 23 إلى 27 مايو القادم.