القلق المشروع في أزمة جزر تيران
في البداية من الضروري أن أؤكد أنه لا يوجد مصري واحد يعيش على أرضها يقبل أن يفرط في حبة رمل واحدة من تراب بلده.. عقيدة راسخة في وجدان المصريين، وأنا أؤكد أن الرئيس الذي استدعاه المصريون جاء من المؤسسة العسكرية في هذا التوقيت ليحافظ معه على الوطن من الضياع والتفكيك، وأن المؤسسة العسكرية التي تنتمي إلى الشعب تكوينًا وعقيدة، وإلى الوطن فداءً من أجله لا يمكن أن نتصور أحدًا منهم مفرطًا في تراب وطنه أو مستلبًا لحق من حقوق الغير.. قضايانا عادلة وواضحة لا تقبل الجدل والمزايدة.
مثل غيري من الذين لا يحبون التورط في إبداء الرأي أو البت في قضية شائكة قبل الوصول إلى حقائق ثابتة ودامغة حتى لا تأخذنا العواطف بعيدًا عن العقل والمنطق وما يسير عليه العالم اليوم، وحتى لا أرتكب حماقة الانحياز بلا علم فإن الانتظار حتى تنجلي الحقيقة أعصم من الزلل والانجرار إلى مناطق تكون فيها الخسارة أعمق وأكبر من المكاسب !
ومن المهم أن أشير إلى أن المجتمع والدولة لن يتقدمان ونحن نشكك في كل شيء حتى صارت الريبة عنوانًا لدرجة أنه ليس لدينا من نثق به سواء كانت مؤسسة أو فردًا إلا ما رحم ربي !
أعود إلى العنوان والقلق المشروع في أزمة الجزر وأناشد أن يجيب أحد عن بعض الأسئلة التي تشغل البعض بعيدا عن كل الذين يبحثون في القضية من غير المتخصصين فيها تحت عنوان مصرية 100%، وسعودية 100%
1 – هل تغيرت الظروف وزال القلق حول وضع الجزر من عام 1990 حتى الآن ؟ لا أملك إجابة واضحة ومحددة ولم أقرأ ما يشير إلى ذلك.
2 – هل اتخذت السلطة المصرية ضمانات مكتوبة وموثقة أن تبقى الجزر بوضعها الاستراتيجي دون تغيير؟
3 –هل اطمأنت السلطة في مصر إلى تصريح وزير خارجية السعودية الذي يقول لن يكون هناك صلح بين السعودية وإسرائيل، وهل اطمأنت مصر ( الاطمئنان يعني وثيقة مكتوبة ) إلى عدم قيام إسرائيل بإحياء أطماعها في الجزر من جديد، ونحن نعرف أن إسرائيل لا عهد لها وتتصرف بمنطق العصابة وفرض الأمر الواقع ؟
4 – هل اتخذت مصر تعهدات احترازية في حال هددت إسرائيل مضيق تيران أن تلتزم السعودية بالتنسيق مع مصر في غلقه والدفاع عن الأمن المصري القومي ؟
5 – مصر التزمت بمعاهدة السلام بينها وبين إسرائيل رغم تغير النظام مرتين في خمس سنوات ومن قبل ذلك تغير الرؤساء هل تلتزم السعودية في حال تولي القيادة فيها جيل جديد يمكن أن يغير من المعادلة السياسية والعلاقات الدولية في المنطقة ؟
6 – الخلاف قائم حول مفهوم السيادة والإدارة، وبعيدا عن الملكية التي تثبتها الوثائق والحقائق التاريخية والخرائط الصحيحة الموثقة، وبما أن العلاقات المصرية السعودية طيبة واستراتيجية، وبما لا يخل بحقوق الملكية عندما تثبت، لماذا لا يتم الاتفاق على إدارة الجزر بشراكة مصرية سعودية تحافظ على الأمن القومي المصري والعربي وتزيل القلق خصوصًا لو أن الجزر سيتم الاستفادة منها اقتصاديًا، وكذلك لحماية الاستثمارات التي ستنشأ بعد إنشاء الجسر البري؟
7–هل يمكن أن نقلق بعد التصريحات الأمريكية حول تعديل وإعادة انتشار قوات الطوارئ أو حفظ السلام كما يسميها البعض؟
8– هل يمكن أن نقلق من احتمال استيلاء عناصر الإرهاب ( إرهاب التطرف الديني، والسياسي صناعة المخابرات، وإرهاب إسرائيل التوسعي) على مناطق من هذه الجزر، وإذا حدث من يواجه هذا الإرهاب عليها ؟
كثير من أسئلة القلق مطروحة للنقاش وأظن أنها لا تقل أهمية عما يجري بحثه، وأظن أن لدى السلطة في مصر أجوبة عليها فلا أعتقد أن يفوتها ذلك أو أنها لم تتحسب لهذا القلق المشروع، وبناءً عليه يجب على الإدارة المصرية إعلام المصريين وطمأنتهم على بلدهم وأمنهم القومي حتى لا يتركوا فريسة للشائعات ويكونوا عرضة للانقسام وتعلن قوى الجيل الرابع والخامس للحروب انتصارها علينا.