«الباحث في شئون الحركات الإسلامية» أحمد بان: المراجعات تحتاج «ضامنًا» بين النظام والجماعة
قال أحمد بان، الباحث في الحركات الإسلامية، إن قيام الإخوان بمراجعات فكرية لترك العنف من رابع المستحيلات، لأسباب كثيرة، أبرزها أن قيادات الجماعة تعتبر نفسها معصومة من الخطأ والزلل، ومن ثم فإن فكرة المراجعات بالنسبة لهم غير مطروحة.
وشدد «بان»، في حوار مع «فيتو»، على أن جماعة الإخوان تختلف جذريا عن الجماعة الإسلامية، ومن ثم فإن أي حديث عن مراجعات إخوانية لا يعدو كونه إهدارا للوقت ومناورات مكشوفة.. وإلى نص الحوار..
هل ستلقى دعوة الشيخ كرم زهدي لجماعة الإخوان بالقيام بمراجعات فكرية على غرار الجماعة الإسلامية تجاوبًا من قيادات الجماعة؟
لا أعتقد أن هذه الدعوة ستلقى أي تجاوب من قيادات جماعة الإخوان بالنظر إلى أن الجماعة تنظر إلى الشيخ كرم زهدى والشيخ ناجح وغيرهما من حكماء الجماعة الإسلامية، باعتبارهم أشخاصًا انشقوا وخرجوا عن خط الجماعة الإسلامية الأصلية، وأن الجماعة هي القيادات التي كانت جزءًا من تحالف دعم الشرعية، وبالتالى لن توافق على أي دعوة يقوم بها قيادات الجماعات الإسلامية، باعتبار أن القيادات الأقرب لهم هي القيادات الداخلية لهم وليست المنشقة عنهم.
وما الفرق بين جماعة الإخوان والجماعة الإسلامية فيما يتعلق بتنفيذ وفهم هذه المبادرة؟
هناك فرق بين الجماعة والإخوان فالجماعة الإسلامية كانت تستخدم في تجاربها العنف كوسيلة للتغيير واستخدمت هذه الأساليب في سياساتها التي وصلت إلى عقدين من الزمن وكشفت التجربة العملية في استخدام العنف أن التسليح مع الدولة له نتائج كارثية، فبذلك لجأت إلى مراجعة فكرية وقبلتها معظم عناصر وقيادات الجماعة والدولة أيضًا، وهدفها هو الوصول إلى تسوية مع الدولة المصرية ورجوعهم مرة أخرى في المشهد العام ونجحوا في ذلك.
أما حال قبول جماعة الإخوان هذه المبادرة فهي لديها عقيدة بأنها دولة داخل دولة، وتعتقد أنها جماعة إسلامية شاملة تضم كل الأطياف الإسلامية ولها وصاية على التيارات الإسلامية، وحاولت أن تبتلع كل التيارات الإسلامية لصالح مشروعها، على خلاف الجماعة الإسلامية التي كان لديها شجاعة الاعتراف بأخطائها وانخرطت في مراجعة مسارها، فيجب على جماعة الإخوان مراجعة مشروعها الشامل، من حيث مشروعها السياسي والفكري وإعادة قراءة لأدبياتها من جديد، وهذا أمر يحتاج جهدا فكريا جديدا تتوافر عناصره داخل جماعة الإخوان ولا تتوافر سياقاته حتى الآن.
ماذا قدمت الجماعة الإسلامية للدولة المصرية حين قيامها بالمراجعات الفكرية؟
لا شك أن خروج الجماعة الإسلامية من مشروع العنف في مصر استفادت منه الجماعة أولا بشكل كبير، ثم شعرت به الدولة المصرية من حيث تعافي قطاع السياحة وتعافي الوضع الاجتماعي بشكل عام، وفتح الاستقرار بين الجماعة الإسلامية وبين الدولة المصرية، وخروج الجماعات من ساحة العنف، وعدم تهديدها للشرطة واحترامها لنظام القضاء انعكس على الدولة المصرية بشكل إيجابي، سواء في أجواء الاستثمار والسلم العام.
هل تلقى مراجعات الإخوان الفكرية تجاوبًا وترحيبًا من الشعب المصري الذي عاش أسوأ الظروف في عهدهم؟
أعتقد أنه إذا اعتذرت جماعة الإخوان عن جملة ما قامت به في مسارها وتاريخها السياسي ووعدت بإجراء مراجعة جادة لجملة أفكارها وأعلنت بوضوح أنها ستفصل فصلًا واضحًا بين ما هو دعوي وما هو سياسي وأنها ستترك السياسة لـ10 أعوام كاملة لكي تستعيد ثقة المجتمع كتيار دعوي، من الممكن أن يستجيب معها الشعب ويعطيها فرصة لمراجعة فكرية.
ولكن يجب أن يوجد تعاون بين النظام السياسي بمصر مع توافر الإرادة السياسية لدى النظام ولدى جماعة الإخوان، ودعمها في إنجاح هذه المبادرة وتيسير قبول المجتمع لها.
وبالنسبة لقيادات الإخوان في تركيا وقطر هل سيوافقون على هذه المبادرة أم تختلف آراؤهم عن الإخوان بمصر؟
أصل الإخوان في مصر، فإذا جرت مراجعة فكرية أو حوار فكري سيوافق جميع قيادات الإخوان في كل الدول، وتلتزم به كل الأطراف فكل الإخوان في جميع الدول أطراف هامشية، ولكن الأساس بمصر.
ما زالت جماعة الإخوان تعاني من انقسامات داخلها.. كيف تستفيد منها الدولة المصرية؟
بالفعل تعاني من انقسامات شديدة داخلها وربما هذه الفرصة المناسبة لكي تقوم الدولة بإجراء حوار ومراجعة فكرية مع الجماعة قبل أن تعاود تجمعها والتحامها مرة أخرى، وحتى لا تعود إلى قوتها التنظيمية القوية من جديد.
هل يمكن استغلال هذه المبادرة في المطالبة بالإفراج عن بعض قيادات الإخوان أو السماح للهاربين بالعودة مرة أخرى؟
بالفعل، لكل مبادرة وتسوية مطالب وتنازلات بين كل الأطراف، فمن المحتمل أن تتطلب هذه التسوية إصدار عفو عن بعض القيادات أو الإفراج عن بعض الإخوان الذين لم تثبت عليهم إدانات عنف شديدة، بموجب مصلحة متبادلة بين جماعة الإخوان والدولة، ولكن السؤال هنا: هل ستوافق الدولة المصرية أم لا؟!.
هل تعتقد أن توافق جماعة الإخوان على هذه المبادرة كحيلة للرجوع مرة أخرى للمشهد السياسي؟
كل طرف من المفترض أنه قدم ضمانات للآخر، وأن يوجد أطراف وسيطة بين الدولة وجماعة الإخوان تعزز هذه المبادرة والتسوية فيما بينهما بالشكل الذي يدعمها أمام تسوية قابلة للتحقق وقابلة للحياة، فكل حوار وكل تسوية تنطوي عليها شروط جزائية في حال عدم تقيد الطرف الآخر ببنود التسوية فتطبق عليه شروط الجزاء.
أي من الأجيال ستتجاوب أكثر مع مبادرة المراجعة الفكرية؟
التي تعدت الـــ40 عامًا ستكون لديها القدرة الاستيعابية على الموافقة والحوار مع الدولة المصرية، لخبرتها الكبيرة في إدارة حوارات سياسية وامتلاكها محاور تسويات بينها وبين الدولة المصرية، واستطاعت أن تهضم النتائج المترتبة على الصدام بين الدولة وبينها، أما الأجيال الشابة فخبرتها ضعيفة جدًا وليست قادرة على استيعاب حوار فكري قائم على دخول جماعة أخرى رفضها الشعب حاليًا.
هل توافق مبدئيًا على عودة الإخوان في المشهد السياسي مرة أخرى؟
في أي دولة مدنية من حق كل تيار بالدولة إبداء رأيه والتعبير عن نفسه، بشرط الالتزام بقواعد الدولة المدنية الحديثة، ونبذ العنف، والقواعد التي ينظمها الدستور والقانون، فأي فصيل سياسي ينظم نفسه على أنه حزب فقط وليس حركة تجمع بين الدين والسياسة له الحق في التعبير عن ذاته ومرحبًا به ما دام الشعب اختاره أو أعطاه ثقته، ولكن وفقًا للقواعد والشروط، فالجماعة عليها أن تقرر هل هي جماعة دعوية أم جماعة سياسية دينية، فلم يعد مقبولا على الإطلاق أن تبقى جماعة الإخوان جماعة وحزبًا في نفس الوقت، ولكن يجب عليها الإبقاء على كونها حزبا فقط.