رئيس التحرير
عصام كامل

مكاسب أمريكا من وثائق بنما! «٣»


بدون تجاوز الحقيقة نستطيع القول إن هدف من سرب وثائق بنما ليس أخلاقيا كما يبدو أو حاول البعض أن يروج لذلك، وأن هو أساسا هدف اقتصادي وسياسي ولا بأس أن يكون شكله أخلاقيا، بل الأصح أن يكون أخلاقيا.. وهذا يذكرنا بما قاله بيل كرسيتول أحد مفكري المحافظين الجدد في الولايات المتحدة وهو يروج لرؤيتهم الخاصة بالشرق الأوسط التي كانت ترعي إعادة صياغته أو إعادة تشكيل دولة بعد تقسميها وهي الرؤية التي بدأ تطبيقها بغزو العراق.. فهو حرص على أن يتم طرح ذلك، من خلال إطار أخلاقي يركز على نشر القيم الأخلاقية لضمان تأييد الأمريكيين له.


إذن تغطية عملية وثائق بنما بغلاف أخلاقي وهو محاربة الفساد وفضح الفاسدين الكبار كان مقصودا ليس فقط لتغطية الهدف الاقتصادي والسياسي، وإنما وهذا-وهو الأهم- لمنح الفرصة لتحقيق هذا الهدف الاقتصادي والسياسي.. ومن هنا جاء الحديث في الوثائق المسربة عن أقارب رؤساء ومسئولية وعن نجوم كرة مشهورين وربما مستقبلا فنانين مشهورين عالميا. 

فكل ذلك يضمن عنصر التشويق والإثارة، وفي ذات الوقت سيركز الاهتمام عالميا بعيدا عن الهدف الرئيسى، أو فلنقل عن المكاسب التي سوف تحققها أمريكا من عملية الوثائق المسربة..والتي تتمثل في التشهير بخصومها السياسيين مثل روسيا، أو منافسيها الاقتصاديين مثل الصين، والنيل من مناطق الملاذات الضريبية غير الأمريكية لجذب أصحاب الأموال لمناطق الملاذات الضريبية في أمريكا..هكذا الأمريكيون يعتبرون ما يحدث من استثمار الأموال والتهرب عن الضرائب..خارج أرضيهم فساد بينما داخل أراضيهم ليس فسادا..ولا عزاء لمن صدقوا أنها هبة عالمية ضد الفساد.
الجريدة الرسمية