رئيس التحرير
عصام كامل

الحبيب بدلا من اليتيم أرجوكم !


كل عام نحتفل بيوم اليتيم، ونحن نؤكد أن سيدنا رسول الله أوصانا برعاية وكفالة اليتيم.. بداية، رعاية أو كفالة اليتيم ليست يوما في السنة أو الاحتفال به رقصا وطبلا وغناء في أحد الأيام من كل عام، لأن كفالة أو رعاية اليتيم أمر يومي، وممتد لسنوات وإلى ما شاء الله ودائم ومستمر، ثانيا منذ عشر سنوات وأنادي كل عام، أتوسل إليكم لا تجعلوا هذا اليوم باسم اليتيم، لأن ربطه باليتم يعمق الأحزان والشعور الداخلي لدى الطفل وبالتالي وهو شاب وإنسان في الحياة، وهذا ليس أمرا غريبا، ولكن سأذكر عدة مواقف منها جعلتني أدعو إلى إلغاء هذا المسمى وجعله "يوم الحبيب " وتحويل دار الأيتام إلى دار "الأحباب".


الموقف الأول منذ سنوات وفي احتفال حضره مساعد وزير الداخلية وكبرى جمعيات رعاية الأيتام، تم دعوة د. حامد زهران أستاذ التربية وعلم النفس(رحمه الله)، ود. سامية الساعاتي أستاذة علم النفس، وأخذ الجميع يتبارى في إلقاء الكلمات التي تؤكد أن المجتمع حريص على رعاية الأيتام وأطفال الشوارع، وذلك من خلال الجمعيات الأهلية ورعاية الدولة، وطبعا يتعالى التصفيق وهمهمات الحضور والصلاة على سيدنا رسول الله، وفجأة طلبت مدير هذه الجمعيات أن يتقدم شاب في عمر18 سنة ليروي الجهد الذي بذل معه منذ كان طفلا يتيما وملقى في الشارع حتى أصبح شابا تعلم مهنة وأصبح مفيدا في المجتمع، وهنا رأيت وجه كل من د. حامد زهران ود. سامية الساعاتي تغير، وطلبا إخلاء المكان من كل الأطفال الذين تحتفي بهم الجمعيات من اليتامى والمشردين، وتكهرب الاحتفال نظرا إلى الملامح واللهجة التي طلب بها إخراج الأطفال.

أمسك د. حامد زهران المكرفون وقال: أنتم لا تحتفلون بهؤلاء الأطفال ولكن أنتم تفضحوهم بأنهم يتامى أو مشردون وجعلتم منهم مواطنين، وكأنكم تمنون عليهم أو تعايرونهم بما كانوا عليه وما أصبحوا فيه، هؤلاء يتمنون الأيام الصعبة التي عاشوها بين اليتم والتشرد، فلا يصح أن نرسخ ونذكرهم بما يؤلمهم!.

وأكملت د. سامية الساعاتي على ما قاله د. زهران قائلة: كنت أتمنى أن تدققوا في ملامح وجه الشاب وهو يتحدث، إنه كان يشعر بالخجل والكسوف، وكأنه يقول يا أرضي انشقي وابلعيني، لماذا نصر على ترسيخ ذلك داخلهم ونذكرهم كل يوم بما كانوا فيه من يتم وتشرد! وأكدت الداخلية ومدير تلك الجمعية على دراسة الموضوع ووضعه حيز التنفيذ!.

قصة أخرى ذكرها الشيخ الإمام محمد متولي الشعراوي وهي لرجل كان يسرق ويزني ويفعل كل ما حرمه الله، وكان اسمه حيدر، ويشاء الله أن يهديه إلى الصواب وترك كل المعاصي على يد أحد المشايخ، فكان هذا الشيخ يصطحب حيدر في كثير من الرحلات والاحتفالات الكبرى، ويفاجأ حيدر بنداء من الشيخ قائلا: قوم يا حيدر واحكي قصتك قبل وبعد الهداية، تكررت هذه الحكاية مرات مما أرهق حيدر نفسيا، فما كان منه إلا أنه انفجر في وجه شيخه وأمام الناس قائلا: يا شيخ كنت أسرق وأزني وأفعل كل المعاصي وسترني الله، وعندما تبت لله أنت مصر تفضحني كل يوم! وانطلق وتركه.

أخيرا هل سمع أحد منا عبدالحليم يتحدث عن حياته في الملجأ...!؟، لذلك فإن تذكير الطفل دائما باليتم يرسخ اليتم داخله، والحديث عن لسان هؤلاء مرفوض تماما لأنه يتمنى لو شطبت حياته المؤلمة من وجدانه!.

ولن أشعر بالملل أو اليأس من تكرار مطلبي بتحويل يوم اليتيم إلى يوم الحبيب، وتغيير اسم دار الأيتام إلى دار الأحباب، الحبيب لها أكثر من معنى، الأول هي إحدى صفات الرسول بيننا، والمعنى الثاني يكون اليتيم هو الحبيب لدينا جميعا.. اللهم تقبل دعوتي.

الجريدة الرسمية