رئيس التحرير
عصام كامل

نضالهم السلمى.. دماء


أمتعنى الدكتور محمود عزت، الذي لقب نفسه بأنه رئيس مجلس شورى عام الإخوان، والقائم بأعمال المرشد العام، حينما سرب إلى أحد مواقع جماعته، بيانا موقعا من سموه، أعلن فيه مفاجأة مدوية حينما قال:


"إن جماعة الإخوان المسلمين، مرشدها العام والهيئات الشورية والإدارية وجميع أعضائها، يؤكدون بيعتهم مع الله عز وجل، على المضى في طريق الدعوة لدينه بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن تظل على الطريق الذي رسمه الأستاذ حسن البنا في النضال السلمى؛ لاسترداد حرية وكرامة المواطن، وإنه لحبيب أن تفنى أرواحنا - يقصد أرواحهم هم ولسنا نحن طبعا- فداء لوطننا وحرية شعبنا ونصرة أمتنا الإسلامية".

وأعلن فخامته "قد انتهى انعقاد الشورى للجماعة، بانتخاب لجنة جديدة مؤقتة؛ لتسيير الأعمال، وثلاث لجان أخرى: الأولى لتقديم مشروع رؤية جديدة لمجلس الشورى، والثانية لاستكمال الهيئات الشورية والإدارية، والثالثة لاستكمال التحقيقات".

وتابع جلالته: "نعاهد الله وكل القوى الثورية والوطنية والتي نحن جزء منها- يقصد هم- على استمرار النضال السلمى الثورى، والذي هو استمرار لنضالنا الدستورى حتى تتحقق أهداف الثورة كاملة غير منقوصة".

انتهى البيان واستمرت المتعة.. متعة أن ترى ممثلا على خشبة مسرح هزلى، وهو يرفض إنزال الستار، مصرّا على استمرار دوره، رغم انفضاض الجماهير من حوله.. متعة أن ترى جرأة متناهية تطال البشر، وتتطاول على البيعة لله.. متعة أن يرتدي إبليس حُلة الملاك الطاهر، ويقف يعظ.. متعة المشهد الثورى الذي هو منه.. متعة القوى الوطنية التي يخاطبها دون أن يرى أنه وحيد في صف التخريب والتدمير والتفجير.

متعة ما بعدها متعة؛ أن يحدثك من يسبح في دماء الناس، دماء البسطاء الذين دفع بهم لتحقيق أهداف إبليسية، دماء الجنود الأبرياء الذين ذهبوا لحماية وطن ممن خانوه من أهله.. متعة أن يحدثك هذا عن النضال السلمى.. متعة تعهد القاتل أمام الله أن يدعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة.. حكمة القنابل وموعظة البارود.. حكمة الخيانة وموعظة التجارة.

ومن المتعة أيضا أن تنصت جيدا لذلك العزيز الغالى على نفس فخامة رئيس مجلس شورى عام الجماعة، وهو يصف لك نبل التضحية، وذهاب الروح فداء لطريق الأستاذ.. الأستاذ هنا ليس الرسول.. أستاذهم الذي علمهم القتل والتخريب والتدمير.. أستاذ الأجيال في إزهاق الأرواح وقتل الأنفس التي حرم الله إلا بالحق.. أستاذ الاغتيالات والذبح وتكفير خلق الله، أستاذ الحصار والتجويع والإرهاب.

وبعيدا عن شوراهم وشورتهم، بعيدا عن مشروعهم ومشروعيتهم، بعيدا عن تاريخهم وجرائمهم، بعيدا عن كل هذا.. فإن جغرافيا الجماعة قد كشفت المعني الدقيق لنضالهم السلمى، حصار المحاكم كان حصارا بالورود، قصف أقسام الشرطة كان بالزهور، قتل الناس كان من أجل إدخالهم الجنة شهداء، حرق المكتبات ودور العلم كان من أجل سيادة كتب الشرع ولا شيء غير الشرع.

قتل الجنود كان من أجل إذكاء روح الوطنية في نفوس المصريين، وحصار الدستورية رفعا لقدر القضاء، والتنازل عن حلايب وشلاتين دعما للأخوة بين الأشقاء، وبيع سيناء ليس إلا عربون محبة لأبناء العم في تل أبيب، وتهريب متهمى التمويل الأجنبي حقنا لدماء العم سام، وإعلان الحرب على سوريا جهادا في سبيل تحرير المقطم، هذا هو جهادهم الذي بايعوا عليه ربهم.

إذا كان ذلك نضالكم فلنحمد الله أننا لسنا مناضلين، وإن كانت تلك سلميتكم فالمنة من الله ألا نكون على نفس سلميتكم، وإن كانت هذه أمتكم فأرض الله واسعة، غير أنها لا تسعنا معكم فإما نحن وإما أنتم.. وإن كانت تلك ثورتكم فأهلا بالفلول والغشاشين والنصابين والفاسدين.. وإن كان ذلك وطنكم؛ فالحمد لله أن أخرج شعبه ليطاردكم في جحور تركيا وكهوف قطر وأودية غزة.
الجريدة الرسمية