رئيس التحرير
عصام كامل

لوبى إخوانى فى البيت الأبيض.. تقوده "هوما عابدين"...ساعد "الحداد" على الانفراد بـ "أوباما" متفوقاً على وزراء خارجية مصر فى 38 عاماً.. وجمهوريون يحذرون من خطورته على الأمن الأمريكى

هوما عابدين
هوما عابدين

أكد ديفيد فارس، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة روزفلت فى ولاية شيكاغو الأمريكية والمتخصص فى جماعات الضغط، أن اللوبى الإسلامى استطاع فى زمن قياسى للغاية أن يصبح أحد أهم جماعات الضغط داخل الولايات المتحدة الأمريكية.


أوضح أن هذا اللوبى استطاع انتزاع تأييد أمريكى للنظام الحاكم الجديد فى مصر، والذى يقف على رأسه الدكتور محمد مرسى أول رئيس لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أنه بالرغم من متانة العلاقات الأمريكية مع الجيش الذى حكم البلاد فى الفترة الانتقالية التى تلت تنحى حسنى مبارك، فإن الإخوان استطاعوا كسب ود الأميركيين ودفعهم إلى الضغط على الجيش لتسليم السلطة إليهم.

وحول كيفية حدوث ذلك فى زمن قياسى يقول فارس إن "الأمر لم يكن ليتم لولا استعانة الإخوان بشركات علاقات عامة أمريكية عملاقة متخصصة فى هذا المجال مثل معهد المؤسسة الأمريكية"، مضيفاً أنه "داخل البيت الأبيض فإن بعض مستشارى الرئيس أوباما المعروفين بميلهم إلى جماعة الإخوان المسلمين، كان لهم عظيم الأثر فى التأثير على السياسات الأميركية فى الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن دوراً كبيراً قامت به مستشارة وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلارى كلينتون الخاصة وصديقتها المقربة، "هوما عابدين" فى تقريب وجهات النظر بين الإدارة الأمريكية والإخوان". (1)

ولدت "هوما محمود عابدين"، فى ولاية ميتشجين (كالاماتزو) عام 1976، ونشأت فى المملكة العربية السعودية وهى ابنة سعودى من جذور هندية يدعى سيد زين العابدين، وكان لوالدها دور فى تأسيس معهد للحوار بين الأديان فى ميتشجين، فيما كانت والدتها الباكستانية الأصل والتى تدعى صالحة محمود عابدين، أستاذة جامعية فى جدة وشقيقها الدكتور حسن عابدين عضو مجلس أمناء مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أوكسفورد. ( 2 )

كان عدد من النواب الجمهوريين فى مجلس النواب الأمريكى صعدوا حملتهم ضد «هوما»، إحدى مستشارات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، واتهامها بأنها «عميلة إخوانية» تسعى للتأثير على دوائر صنع القرار فى الإدارة الأمريكية لصالح جماعة الإخوان المسلمين، حسبما ذكرت عدة صحف أمريكية من بينها «واشنطن بوست».

وتقدم عدد من النواب الجمهوريين باستجوابات ومطالبات للأجهزة الأمنية الأمريكية تتهم «هوما»، بأنها جزء من مؤامرة إخوانية للتأثير على السياسات الخارجية الأمريكية لدعم الإسلاميين فى مصر، حيث تسربت شائعات مؤخراً فى الولايات المتحدة تقول إن والدة هوما «صالحة عابدين»، قيادية فى جماعة الإخوان وتقود فرع «الأخوات» فى السعودية، وإن شقيقها حسن عابدين قيادى إخوانى أيضاً ووثيق الصلة بالشيخ يوسف القرضاوى، وحسب هذه الشائعات فإن «هوما» قد نجحت فى إدخال بعض المتعاطفين مع الجماعة للإدارة الأمريكية مثل «داليا مجاهد»، التى عملت مستشارة لأوباما.

دافع السيناتور الأمريكى والمرشح السابق للرئاسة جون ماكين، بقوة عن «هوما» واعتبر تلك الاتهامات «هجوما لا مبرر له، ولا أساس له على سيدة أمريكية شريفة، وموظفة متفانية فى خدمة بلادها»، مؤكداً فى بيان مطول أن «هذه الاتهامات السيئة اعتمدت بشكل رئيسى على علاقات غير محدودة وغير هامة لبعض أفراد عائلتها، ولم يثبت أن أيا منها أضر أو هدد مصالح الولايات المتحدة بأى شكل من الأشكال»، وطالب بوقف ذلك الهجوم، لأن «هوما» «تمثل أفضل ما فى أمريكا»، على حد قوله مضيفا أنه يفخر بصداقتها.

وردا على دفاع ماكين قالت النائبة ميشيل باخمان، إن «استفساراتهم جرى تشويهها، والقصد منها كان الحصول على إجابات وتطمينات لأسئلة مقلقة تتعلق بحجم نفوذ وقدرة جماعة الإخوان وغيرها من الجماعات المتطرفة للنفاذ إلى كبار المسئولين فى إدارة أوباما».

ودللت «باخمان» على أن مخاوفها ليست أوهاماً بواقعة «منح عضو البرلمان المنحل هانى نور الدين، وهو عضو معروف بالجماعة الإسلامية المصنفة على قائمة الجماعات الإرهابية تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة، ومقابلته عدد من المسئولين فى الإدارة الأمريكية فى واشنطن»، وقالت إن «هذه الواقعة ليست إلا مثالاً على تجاوزات خطيرة فى أمننا القومى قامت بها إدارة أوباما»، وأضافت: «لن نصمت على إدارة تحاول استرضاء أعدائنا بدلاً من كشف تهديداتهم لبلادنا».

وانضم عدد آخر من النواب الجمهوريين لـ«باخمان»، فى التعبير عن قلقهم من وجود أدلة على أن إدارة أوباما تذعن لجماعات تسعى لتدمير الحضارة الغربية من الداخل، وخصّوا بالذكر جماعة الإخوان التى قال عنها النائب الجمهورى توم رونى «إنها تدعو علناً إلى العنف ضد الولايات المتحدة، ونحن نكتشف الآن أن هذا التنظيم ربما يكون قد تسلل إلى صفوفنا، ووصل حتى للمؤسسة العسكرية.. يجب فتح تحقيق شامل لمعرفة حجم نفاذ هذه الجماعة داخل المؤسسات العسكرية والاستخباراتية، ومدى تأثير ذلك على أمننا القومى». ( 3 )

يضيف أن "المسئول عن تكوين هذا اللوبى كان الدكتور عصام الحداد، مساعد الرئيس محمد مرسى للشئون الخارجية، والذى زار الرئيس باراك أوباما فى البيت الأبيض والتقاه منفرداً فى حدث لافت، خاصة أنه لم ينجح أى وزير للخارجية المصرية فى القيام بزيارة منفردة إلى البيت الأبيض على حد قول سفير مصر السابق فى واشنطن نبيل فهمى، والذى أكد أنه "منذ 38 عاماً لم يدخل أى وزير خارجية مصرى منفرداً إلى البيت الأبيض لمقابلة رئيس أمريكى، وكان آخر من فعل ذلك هو الوزير إسماعيل فهمى فى زمن السادات"، وساعده فى ذلك الدور الذى لعبه فى حل أزمة المنظمات الأميركية العاملة فى مجال حقوق الإنسان فى مصر، والتى تفجرت عقب الثورة مباشرة، فالحداد وفق مصادر أمريكية أدى دوراً مهماً فى الإفراج عن الموظفين الأمريكيين العاملين فى تلك المنظمات الذين قبض عليهم فى مصر، وهو ما جعل منه صديقاً مقرباً لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشئون الديموقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوسنر. ( 4 )

ومن بين أهم رجالات الإخوان فى البيت الأبيض، عارف على خان، وهو محام باكستانى وأستاذ مرموق فى مكافحة الإرهاب والأمن العام فى جامعة الدفاع الوطنى بالولايات المتحدة، وتأتى علاقة عارف على خان بالتنظيم العالمى للإخوان المسلمين من كونه أحد المؤسسين للمنظمة الإسلامية العالمية التابعة بشكل مباشر لتنظيم الإخوان العالمى، ويشير البعض إلى أنه أحد أهم أسباب اجتماع الإدارة الأمريكية بقيادات الإخوان المسلمين منذ أحداث سبتمبر وحتى الآن، وأنه حلقة الوصل بينهم أثناء وبعد ثورات الربيع العربى فى 2011.

وهناك أيضاً محمد سبع، وهو ناشط إسلامى من ولاية تكساس الأمريكية ولد فى محافظة الإسكندرية بمصر ونشأ فى دالاس بالولايات المتحدة، وهو مؤسس منظمة الحرية والعدالة الأمريكية غير الربحية التى تأسست فى عام 2012 بعد سنوات من الرفض للتنسيق بين الحكومة الأمريكية والمجتمع المسلم داخل ولاية تكساس وأحد أهم المدافعين عن فكر سيد قطب الإخوانى الشهير داخل الولايات المتحدة، وتم تعيينه من قبل وزارة الأمن الداخلى (DHS) وتحديدا عن طريق الأمين العام جانيت نابوليتانو عضوا فى اللجنة الاستشارية فى وزارة الأمن الداخلى.
 
واتهمته وسائل إعلام أمريكية من خلال تقارير أمنية أثناء عمله فى وزارة الأمن الداخلى وتحديدا فى أكتوبر 2011، بعلاقته بجماعة الإخوان المسلمين، واتهمته أيضا بالدخول على قواعد البيانات الخاصة بوزارة الأمن الداخلى للحصول على معلومات سرية تخص المخابرات الأمريكية وقاعدة بيانات مصلحة المواد السرية التى تحتوى على مئات الآلاف من تقارير الاستخبارات والحصول على وثائق خطيرة تهدد الأمن القومى الأمريكى على اعتبار أنه كان واحدا من 26 شخصا داخل الوزارة مسموحا له الوصول إلى أخطر الوثائق من خلال قاعدة البيانات على شبكة الإنترنت، وتم استجواب جانيت نابوليتا والإبيارى أمام مكتب التحقيقات الفيدرالى وكشف الشهود عن وجود علاقة مباشرة تتمثل بين الإبيارى والإخوان فى مصر فى تمويل حزب الحرية والعدالة المصرى لمؤسسة الإبيارى التى تحمل نفس الاسم.

وكانت أهم القرائن ضده هى تحدثه الرسمى فى العديد من الاحتفالات التى تخص مؤسسات جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمها العالمى داخل أمريكا، ولكن التحقيقات لم تسفر عن شىء وتم إخلاء سبيله رغم اعتراف بعض المسئولين داخل الوزارة باحتمالية تسريب هذه الوثائق المهمة لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر.. ويؤكد البعض أن الإبيارى استطاع الوصول لوثائق تسببت فى تشويه صورة المرشح الرئاسى وحاكم ولاية تكساس ريك بيرى الذى كان أحد المنافسين فى بداية الانتخابات الأمريكية منذ شهور قليلة وهو أحد أهم المهاجمين للإسلام والمسلمين هناك، لكن الإبيارى ينفى أية علاقة بالإخوان ويبرر ذلك بأن جميع أفراد عائلته فى مصر وخارجها لم يكونوا أبدا أعضاء بجماعة الإخوان. ( 5 )

1- أحمد عبدالفتاح، «لوبى إسلامى للدفاع عن النظام فى مصر.. ودول الربيع العربى»، السفير 12 مارس 2013، يمكن متابعته على الرابط التالى:
http://wehdanews.com/News.aspx?id=14788&sid=11
2- http://aegyptenheute.com/wp/archives/2490
3- http://www.elwatannews.com/news/details/28839
4- مصدر سابق.
5- http://rosa-magazine.com/News/3444/
الجريدة الرسمية