مصر بين دولة السيسى ودولة الجماعة 12
لقد استهدفت المدعوة "ثورة 25 يناير" ومن أول يوم بتطرف "ديمقراطية القوائم السوداء"، هويتنا المصرية المعتدلة.
وعليك أن تعرف أيها القارئ، أن أكثر ما يمكنه أن يُغضب الإدارات السياسية الغربية، أن تنقد الهوية "الغربية" وتؤكد على الهوية "الوطنية" الحقيقية، لأن تلك الهوية هى التى ترفض الهويات المُستغربة أو المُستشرقة معاً.
فمصر لديها هويات كثيرة، تجمعت جميعاً فى الهوية المصرية الجامعة عبر 7000 عام. وتلك الشخصية هى التى تجمع كل ما مر عليها من دعائم شخصيتها، سواءً كانت الفرعونية أو القبطية أو الإسلامية أو العربية أو حتى الأفريقية والمتوسطية معاً. ولا يمكن سلخ جُزء من تلك الشخصية عن الأخرى، وإلا أججنا هذا "العمل الطفولي" المُستحيل التحقيق فى دولة واحدة، إلا إن كُنا نريد لهذا الوطن أن يتفتت إلى دويلات!!
لقد أثبتت الصين، أن التقدم لا يقتصر على الهوية الغربية، وأن هذا وهم ساقه الغرب لنا، مشوهاً هويتنا، كى نتراجع ونتبعه ونُصبح أمةُ مُنعدمة الشخصية. فلن ينصلح حالنا إن قلدنا ولكن إن كانت لنا شخصيتنا المُميزة والمُتسقة مع ثقافة هذه الأرض وتلك التربة. لقد أصبحت الصين ماردًا يُهدد عرش الغرب فى السيادة على العالم، بتفعيل هويتها فقط، دون أن تأخذ إلا ما يُفيد من غيرها.
حدث هذا فى الصين دون ديمقراطية. ولو أن الصين طبقت الديمقراطية لتفتتت مثلما حدث ليوغوسلافيا السابقة، التى كانت نموذجاً قمة فى النجاح فى أوروبا الشرقية فى عصر الرئيس تيتو، فلما جاء عصر الثورات بشرق أوروبا تفتتت وتحولت إلى 6 دول لا نسمع عنها الكثير اليوم، فيما يتعلق بتقدم العالم، كما كان من صيت يوغوسلافيا!!
وليس الحديث هنا عن استنساخ تجربة أُخرى ولكن عن "بعث التجربة المصرية" الجامعة من موروث مصري.
فالحديث الأساس هنا، يتمحور حول الفخر بالوطن وتجربته وما تكون عبر القرون من ثقافة، يُمكنها أن تخلق "أيديولوجية وطنية" من الواقع، وهو ما يمكنه أن يُحقق العدل للجميع دونما تمييز، فى إطار وسطيتنا عبر الأزمان.
لقد حمل جيش مصر، شخصية مصر الجامعة فى ثناياه. فالجيش يحمى الوطن، بمن فيه، دونما تمييز بين مصرى وآخر. هذا واجبه الذى يُعاهد الله عليه، وعقيدته التى لا يمكن أن تخبو!!
إن الصراع الدائر فى مصر اليوم، ليؤكد، انعدام وجود قائد فى الوطن كله، إلا فى الفريق أول عبد الفتاح السيسي، كرمز لهذا الجيش. ولم ينجح أى سياسى فى مصر، أياً كان ما فعل، فى تحريك جموع الشعب المصري، مثلما فعل الجيش، وظهر تأييد 82 % من الشعب لنزوله، ليُخلص المصريين من القهر والغباء الإخواني.
إن هذا النداء لتدخل الجيش، ليدل على فشل التجربة الديمقراطية، بما تتضمنه من معرفة. فيجب أن يعرف من سيُبرر بأن غير مرسى كان سيختلف عنه، أن من يدافع عنهم، سواء كان حمدين أو البرادعي، دافعا عن الإخوان، من منطلق جهلهما المُريع بهوية هؤلاء الإخوان المختلفة عبر تاريخ مصر!!
وزاد الطين بلة أنهما اجتمعا بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، ليؤكدا وغيرهما على دعمهم لمرسى إما بالتصويت له أو بالحض على منع التصويت ككل فى لامبالاة غير وطنية مأساوية بمصير الوطن!! كيف لهؤلاء أن يتصرفوا فى حال الحرب على مصر؟! بتلك الطريقة، سيؤدوا إلى ما يفوق 1967 بمراحل!!
وبالتالى لا يُستأمن من لا يعرف تاريخ بلاده وهويته الجامعة، لأنه أثبت فشله فى الرؤية السياسية من منطلق الثابت عبر تاريخ البلاد بدايةً، فكيف له أن يعرف المُتغير نهايةً؟!!
وللحديث بقية ..
والله أكبر والعزة لبلادي،
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية