فرمانات «بدوي» تغربل «المحاسبات».. توجيه الضربة القاضية لـ«جنينة» بتسريب آخر أوراقه.. تكثيف الأمن لمنع الوقفات والمؤتمرات الصحفية.. نادي القضاة يفتح أبوابه للرقابة.. والص
ما أن ضرب تسونامي الإطاحة بالمستشار هشام جنينة سواحل الجهاز المركزي للمحاسبات، حتى بات الحديث عن إعادة ترميم لقيادات الجهاز من جديد، وهي عملية يتولى مسئوليتها القائم بأعمال رئيس الجهاز حاليًا المستشار هشام بدوي، لكن تبقى تفاصيل ساعات ما قبل وبعد رحيل «جنينة» الأهم الآن، حيث يقف أمامها أكبر جهاز رقابي في مصر منتظرًا تحديد مستقبله.
المستشار هشام بدوي والذي تم تعيينه من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي، نائب رئيس الجهاز، استعدادا لتوليه خلافة هشام جنينة، وبعد عزل جنينة أثير بعض الغضب بين أعضاء الجهاز المقربين لهشام جنينة، لكن قوات الأمن المتواجدة داخل الجهاز استطاعت أن تنهي وقفتهم الاحتجاجية خلال دقائق محدودة.
مصادر مطلعة بالجهاز المركزي للمحاسبات حملت مسئولية الإطاحة بـ«جنينة» إلى بعض المقربين منه، وتزويده بمعلومات مغلوطة، وتسريب بيان أعدته لجنة من أعضاء الجهاز ترد على بيان لجنة تقصي الحقائق، التي شكلها الرئيس عبدالفتاح السيسي لمعرفة إذا كان تكلفة الفساد حقيقية أم لا، والتي انتهت بدورها إلى أن ما قاله جنينة من معلومات هدفها تضليل الرأي العام.
المصادر أكدت أنه فور صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق أعد «المركزي للمحاسبات» بيانًا للرد عليه، ورغم أن «جنينة» رفض إخراجه لوسائل الإعلام إلا أن مقربين منه قاموا بتسريبه كرد للجهاز، وبذلك «حرق» آخر أوراق رئيس الجهاز السابق.
«جنينة» حاول لم أوراقه من جديد فشكل مجموعة تُسمى «مجموعة 25»، وتضم 25 عضوا من الجهاز المركزي للمحاسبات، لإعداد تقريرٍ حول تكلفة الفساد، ونتج عنها تقرير حول تكلفة الفساد، وأثبتت صحة ما قاله جنينة، بحسب ما ذكرته المصادر، وأرسلت اللجنة تقريرها إلى مجلس النواب قبل أسبوعين إلا أن البرلمان لم يبت فيها، مؤكدة أن تكلفة الفساد نحو 600 مليار جنيه كانت منذ عام 2012 حتى عام 2016.
المصادر نفسها نفت احتفاظ المستشار جنينة بأوراق داخل مكتبه أو الجهاز تخص بعض الأجهزة السيادية بالدولة، موضحة أنه لا توجد أي أوراق تخص الأجهزة السيادية في الجهاز؛ حفاظًا على الأمن القومي للبلاد، كما أن تلك الأجهزة السيادية كانت ملتزمة بالرقابة وكانت تطبق الحد الأقصى للأجور، مثل وزارة الدفاع والمخابرات، وجميعها كانت على رأس الأجهزة الملتزمة بالدولة.
وشددت المصادر على أن التعامل مع «الأجهزة السيادية» كان يتم من خلال اختيار أعضاء بعناية ودقة حرصًا على الحفاظ على الأمن العام للبلاد والرقابة على تلك الأجهزة السيادية يكون في الرقابة المالية، وتقارير تلك الأجهزة ترسل فورًا إلى رئيس الجمهورية ووزير الدفاع.
«جنينة» أيضًا لم يتخذ قرارًا بمد فترة «المرأة الحديدية» منيرة عبدالهادي داخل جهاز المركزي للمحاسبات، وفقًا للمصادر، التي أوضحت أنها زراعه اليمنى وانتهت مدتها قبل 10 أيام من عزل المستشار هشام، حيث كانت تتولى مهام مستشار رئيس الجهاز والذراع اليمنى له، وكان لها الأمر والنهي داخل الجهاز، لكن الغريب أن «جنينة» قبل عزله بيوم في حفل تكريم المرأة أكد أنه يتوقع عزله من منصبه في أي وقت.
وما إن تم الإعلان عن إقالة المستشار هشام جنينة، سارع «محمد صلاح مستشار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات» بتقديم استقالته في اليوم التالي مباشرة، رغم أنه كان من المفترض انتهاء مدته بعد 6 شهور أي أثناء فترة مدة رئاسة «جنينة» للجهاز، والتي كانت من المقرر أن تنتهي في سبتمبر المقبل أيضًا.
هنا لفتت المصادر إلى أنه فور صدور قرار إعفاء المستشار جنينة، أغلق المستشار هشام بدوي عند الواحدة صباح اليوم التالي ومعه قوات الأمن المكاتب الخاصة بالشئون القانونية والإدارية ومكتب السكرتارية ومكتب رئيس الجهاز حتى لا يأتي «جنينة» أو معاونوه ويسرب أي ملفات داخل الجهاز تخص أي جهة في الدولة.
وبالفعل فوجئ أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات بانتشار أعداد كبيرة من قوات الأمن داخل مبنى الجهاز، ومنعت أي عضو من المرور داخل مكتب رئيس الجهاز أو المرور للدور الأرضي والذي يتواجد فيه مكتب رئيس الجهاز، كما منعت الأعضاء المقربين لجنينة من المرور لحين فرز جميع الأوراق المتواجدة داخل مكتبه، وفقًا لما ذكرته المصادر.
تتابعت الأحداث، وحاول مقربون من «جنينة» عقد مؤتمر صحفي داخل الجهاز المركزي للمحاسبات، إلا أنها فشلت في هذه الخطوة أيضًا بسبب تواجد قوات الأمن داخل الجهاز ومنعها حدوث أي تظاهرات احتجاجية بالداخل أو الخارج، وفرض الأمن كلمته داخل الجهاز.
أما المستشار هشام بدوي فلم يستعن بأي عضو داخل «المركزي للمحاسبات» باستثناء السكرتير الخاص للمستشار هشام جنينة حتى يقف على كل كبيرة وصغيرة داخل الجهاز باعتبار أن سكرتير رئيس الجهاز لديه كافة المعلومات عن الجهاز، وكان الذراع اليمنى للمستشار جنينة.
مصادر أخرى داخل «المركزي للمحاسبات» أشارت إلى أن من ضمن القرارات التي سيقوم «بدوي» باتخاذها داخل الجهاز، خلال الأيام القليلة المقبلة، أن يقوم بتطهير الجهاز من «الإخوان»، حيث يوجد عدد من أعضاء الجهاز المقربين والمتعاطفين مع الجماعات الإرهابية، ودور «بدوي» سرعة التخلص من المكتب الفني للجهاز، والذي كان مقربًا من «جنينة».
واجتمع «بدوي» بعددٍ من وكلاء الجهاز المقربين له، وطلب منهم ترشيح بعض الأسماء الجديرة بالكفاءة، ولا علاقة لها بالجماعة الإرهابية، حتى يتم ترشيحها لتولي المكتب الفني، بحسب المصادر، مشيرة إلى أن المكتب الحالي يتكون من 20 عضوا سيتم إقالتهم جميعًا، لكن «بدوي» ينتظر قرارًا من «السيسي» بتعيينه رئيسًا رسميًا للجهاز وليس قائمًا بأعمال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.
إلا أن المصادر توقعت عدم تعيين المستشار هشام بدوي رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات، مشيرة إلى أن دوره سينتهي عند تطهير الجهاز فقط من «الإخوان» ومن يتبعهم أو يتعاطف معهم من قيادات الجهاز، ولذلك تم منع موظفي المكتب الفني من الوجود بمكاتبهم أثناء عملية جرد المستندات على أن يستأنفوا مهام عملهم الأسبوع الجاري أو يتم تغيير مهام أعمالهم.
عملية التغيير طالت أفراد أمن الجهاز أيضًا، إذ أوضحت المصادر أن المستشار بدوي اتخذ قرارًا بإعادة تدوير أفراد الأمن، ودفع بمن يثق فيهم أمام بوابة الجهاز لسؤال المارة عن هويتهم والتحقق منهم، ورصد أي عضو بالجهاز يدلي بتصريحات صحفية.
وفي حال صدور قرار رسمي بتعيين هشام بدوي رئيسًا للجهاز المركزي للمحاسبات سيتم إلغاء جمعية نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، حيث لا يجوز لهؤلاء الأعضاء أو أي عضو في الجهاز الانضمام لأي جمعية أو حزب أو كيان سياسي، لا سيما أنه يوجد نادٍ اجتماعي ورياضي للعاملين بالجهاز لتوفير كل الخدمات لهم، ويحق لبدوي حل تلك الجمعية باعتبار أنها مخالفة لقانون الجهاز، على حد قول المصادر.
ويسعى «بدوي»، خلال الأيام القليلة المقبلة، إلى حل مشكلات «المركزي للمحاسبات» مع عدة جهات إدارية، أبرزها وزارة العدل والنيابة الإدارية ونادي القضاة، متوقعة أن يسمح نادي القضاة للجهاز بالإشراف عليه.
وفيما يتعلق بقانون الجهاز المركزي للمحاسبات، فأشارت المصادر إلى أنه سيتم تمريره خلال أيام أيضًا إلى مجلس النواب، خصوصًا بعد حدوث بعض المشكلات بين الجهاز ومجلس النواب، والذي رفض برئاسة الدكتور علي عبدالعال، رقابة الجهاز عليه، مؤكدًا أن ذلك يعد عقبة شديدة أمام «بدوي» تدفعه من جديد للتفاوض مع عبدالعال، خاصة أنه يحق للجهاز قانونيًا ودستوريًا الرقابة على ميزانية مجلس النواب، وفقا لما جاء في دستور 2014، وبامتناع «النواب» عن ذلك يصبح هناك مخالفة دستورية.
مقربون من «بدوي» شددوا على أن القائم بأعمال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لن يقبل بأي شكل من الأشكال أن يتم إهدار حق الجهاز، تحديدًا إذا كان هذا الحق قانونيًا، ويعرف عن بدوي أنه جاد في عمله، بل وإيقاف استحواذ أي جهة على اختصاصات الجهاز.
ومن ضمن الإدارات التي يُتوقع أن يقوم بدوي بتغييرها وإعادة هيكلتها بالجهاز، كل من «المكتب الفني والإعلامي والشئون القانونية»، وغالبيتهم مقربون من جنينة، كما أن بعضا منهم متعاطف مع جماعات الإخوان «الإرهابية»، فضلا عن عملية تدوير لأعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات، المسئولين عن الرقابة على الجهات الإدارية، رغم أن عملية التدوير قام بعملها المستشار هشام جنينة لكن رغبة بدوي جاءت كذلك حتى يمنع الشك عن هؤلاء الأعضاء.
وعن الدائرة المقربة من المستشار هشام بدوي، المتوقع توليها مناصب قيادية بالمركزي للمحاسبات، فتضم: «أيمن رأفت السكرتير الخاص للمستشار هشام جنينة»، حيث أكدت المصادر أنه لن يتم تغييره لثقة بدوي فيه، ثم «محمد المتولي ويعمل بالأمانة العامة بالجهاز المركزي للمحاسابات» ومن المتوقع أن يستمر في الأمانة أو يتولى رئاسة المكتب الفني، وكذلك «أحمد سعيد» ويتوقع أن يكون في مكتب رئيس الجهاز، و«عادل محمد» وتوقع أن يتولى منصب رئيس الأمن أمام البوابة الرئيسية، و«أحمد شعيب» للأمن الداخلي.
ويستعين «بدوي» بأحد الصحفيين الكبار في إحدى الصحف لتولي مهمة المستشار الإعلامي أو يستعين بالعلاقات العامة والتي قامت منيرة عبدالهادي مستشار رئيس الجهاز السابق بعدم إعطائهم أي اختصاصات، رغم حيادهم دائمًا لكن رغبة «منيرة» أبعدتهم عن العمل في المكتب الرئيسي للإعلام، ومن المتوقع أيضًا أن يتم إبعاد المكتب الإعلامي في عهد جنينة بعد فشله في التعامل مع عدة أزمات، على حد قول المصادر.
" نقلا عن العدد الورقي.."