رئيس التحرير
عصام كامل

راحت الثورة فأين الدولة؟


لن نخترع العجلة، ومفهوم الدولة راسخ منذ أن دأب الكثيرون على صياغته بدءًا من مفهوم المساحة المحددة أرضا وسماءً وحتى مفهوم المؤسسات، وكان الواضح في بيان 3 يوليو أن خارطة الطريق تشير إلى مفهوم الدولة من بناء المؤسسات وصياغة دستور وبالمعنى الآخر كان مفهوم البيان «راحت الثورة وجاءت الدولة».


لا زلت أتذكر مقالًا كتبه الدكتور معتز بالله عبد الفتاح وقتها أن هناك 3 مراحل وضعها المهتمون بالنظم السياسية خلال التاريخ أولها أن توجد دولة والثانية أن يكون هناك مؤسسات والثالثة أن يكون هناك حرية ولا يمكن أن تتخطى واحدة من الثلاثة مكانها، وبالتالي كان تأكيدًا أن الوقت للدولة والمؤسسات وليس وقت ثورة أو حرية.

ارتضينا هذا المفهوم محاطين بما يحدث في الدول المجاورة –وهو خطر حقيقي- على أن يكون الوقت الحالي لبناء الدولة، لكن ما يحدث الآن يبدو عكس ذلك تمامًا، ومن تحدثوا عن نيتهم للبناء كان أولهم للهدم، الأمر الذي جعلني أتساءل إذا كانت الثورة راحت فأين الدولة؟

كان أول ملامح غياب الدولة هو إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، دعك من الأسماء فهي زائلة لكن إن كنا سنتحدث عن دولة فعلينا أن نعرف أننا أمام أحد أكبر الأجهزة الرقابية في مصر يرأسها مستشار، وإن كان طريقة إقالته قانونية من خلال قانون مشكوك فيه من الأساس لكن إذا كان حق الرئيس الإقالة فهل لنا أن نعرف أسبابها خاصة أن المعركة بدأت بعد الحديث عن مليارات الجنيهات هي حصة الفساد في مصر، فعلينا أن نختار بين كوننا دولة ووقتها يجب أن نعرف لماذا تمت إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وما هي الفاتورة الحقيقية للفساد وفق اللجنة التي شكلها الرئيس وأما أننا لا نمت لمفهوم الدولة بصلة وبالتالي لا نسأل عن أشياء إن تُبد لنا تسؤنا.

ثاني دلالة على غياب مفهوم الدولة بعد أن استعذنا بالله من الحرية والثورة هي أمر ضبط وإحضار خالد البلشي رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين والمتهم بقلب نظام الحكم، صدر أمر الضبط والإحضار وهاجت الدنيا واشتعل حماس الصحفيين الذي يحتفلون بمرور 75 عامًا على إنشاء نقابة الصحفيين، ساعات قليلة وخرج نقيب الصحفيين يعلن إلغاء أمر الضبط والإحضار تارة قال جهات سيادية ألغت الضبط ! ومرة أخرى قال إن هناك إلغاء دون توضيح أسباب.

أي دولة تلك التي تصدر أمر ضبط وإحضار وتلغيه، لماذا أصدرته وعلى أي أساس وإن كان أساسها قانونيا فلماذا ألغته وإن كان هناك إلغاء فمن الذي أمر بذلك وما هي حقيقة الجهات السيادية التي أعلن عنها نقيب الصحفيين وهل هناك من يريدون توريط الدولة في قضايا على تلك الشاكلة وإن كان هناك من يريد التوريط فمن سيحاسبه هل لنا أن نعرف كل ذلك حتى نشعر أننا في دولة.

الدلالة الثالثة تتعلق بحبس الكاتبة فاطمة ناعوت بتهمة ازدراء الأديان هذا في الوقت الذي يقبع فيه إسلام البحيري في السجن بنفس التهمة، البؤس الحقيقي تمثل في وجود فاطمة ناعوت في كندا لتكريمها ككاتبة ومثقفة مصرية في الوقت الذي كان القضاء يصدر ضدها حكمًا بالحبس.
الجريدة الرسمية