رئيس التحرير
عصام كامل

انتبهوا.. تقسيم ليبيا تهديد للأمن القومي المصري


لقد تعرضت ليبيا العربية إلى مؤامرة حقيقية بهدف تقسيمها وتفتيتها والاستيلاء على ثرواتها، منذ أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية وكيانها الصهيوني إشارة البدء للربيع العبري الذي يطلقون عليه زورًا وبهتانًا الربيع العربي، وليبيا العربية بدأت الحرب عليها مبكرًا جدًا وقبل انطلاق الربيع المزعوم بسنوات طويلة، فالتوجهات القومية العروبية الوحدوية لقائدها الشهيد البطل معمر القذافي لم تكن لتعجب الإمبراطورية الأمريكية الاستعمارية الفاجرة، وتمدد أدوار ليبيا في أفريقيا كان يزعج الغرب الاستعماري بشكل كبير فكانت التهديدات والعقوبات الدولية والحصار الاقتصادي والحظر الجوي، هي أسلحة أمريكا والغرب ضد ليبيا العربية وقائدها معمر القذافي.


وحين اشتعلت نيران الربيع العبري كان الثوب الليبي أول من احترق، وبدعم من الجامعة العربية تم اتخاذ القرار لغزو ليبيا بواسطة الآلة العسكرية الجبارة لحلف الناتو، وكان الصمود الأسطوري للشعب العربي الليبي وجيشه وقائده والذي استمر لثمانية أشهر كاملة قامت القوات الغازية خلالها بتنفيذ أكثر من 26 ألف طلعة جوية، وكانت النتيجة الحتمية هي اغتيال القائد البطل الذي رفض الاستسلام وظل يدافع عن وطنه حتى الرمق الأخير وفضّل الاستشهاد على الاستسلام والتسليم للعدو الغازي.

ولسنا في حاجة لتأكيد أن كل عوامل الثورة المزعومة ليس لها أي مبرر في المجتمع الليبي الذي كان متوسط دخل الفرد فيه من أعلى متوسطات الدخول في المنطقة العربية، وكان يتميز بتوافر كل سبل العيش الكريم والعدالة الاجتماعية بل والرفاهية للغالبية العظمى من المواطنين حتى في ظل الحصار الاقتصادي الرهيب والطويل، وكانت ليبيا دائمًا حاضنة فعلية لكل العرب وأولهم الشعب المصري، فكما كانت العراق حاضنة وبكرامة للعمالة المصرية كانت ليبيا أحد أهم الدول العربية التي فتحت أحضانها للمصريين فكان بها ما يقرب من 2 مليون مصري يتمتعون بكامل حقوق المواطنة وكأنهم ليبيون، وبعد الغزو عاد الكثير منهم ليشكلوا ضغطًا رهيبًا على الاقتصاد المصري، مما يهدد الأمن القومي الاجتماعي، ولم تتوقف المسألة على ذلك بل أصبحت حدود مصر الغربية في خطر نتيجة لما حدث ويحدث في ليبيا منذ مطلع العام 2011.

لقد أدت الأحداث الدامية في ليبيا إلى حدوث تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية هائلة أثرت دون شك على البناء الاجتماعي واستقراره وضربت النسيج الاجتماعي المتماسك للمجتمع الليبي وإصابته في مقتل، وكانت نتيجة تلك التحولات حدوث انقسام سياسي حاد، واحتراب داخلي، ومليشيات مسلحة، وانتشار السلاح بشكل عشوائي يقدر بخمسة وعشرين مليون قطعة سلاح، هذا بخلاف 2 مليون مهجر خارج البلاد في دول الجوار مصر وتونس، هذا إلى جانب المهجرين بالداخل ففي تاورغاء 40 ألف نسمة خارج مدينتهم التي هدمت على رءوسهم، هذا بخلاف المخيمات في المدن الليبية، وتفتيت وحدة القبائل الليبية التي تقدر بنحو 2000 قبيلة، وأخيرًا تدمير البنية التحتية لكل المدن الليبية بفعل القصف الجوي الوحشي لقوات الناتو الغازية.

وفي ظل هذه الظروف بدأ شبح تقسيم وتفتيت ليبيا يلوح في الأفق، ففي ظل الحرب الأهلية وانتشار المليشيات المسلحة لم تعد هناك دولة ليبية حقيقية أو نظام سياسي واحد بل أصبح على الأرض حكومتان، واحدة في الشرق (مقرها بني غازي) وثانية في الغرب (مقرها طرابلس)، هذا بخلاف حكومة ثالثة تقيم في تونس (حكومة الوفاق) والتي تم تشكيلها تحت مظلة دولية في إطار المصالحة الوطنية التي تمت وفق اتفاقية الصخيرات بالمغرب، ودخل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق تحت الحماية الدولية منذ بضعة أيام ليزيد الوضع تعقيدًا.

والواقع على الأرض الليبية تخيم عليه سحابة التقسيم والتفتيت، خاصة بعد أن تمكنت قوى الإرهاب من الدخول والتغلغل داخل بنية المجتمع الليبي، وبشكل خاص تنظيم الدولة الإسلامية المزعومة (داعش) تلك الصنيعة الأمريكية الصهيونية التي تمكنت من احتلال مواقع مهمة داخل المدن الليبية، وهو ما يهدد الأمن القومي المصري بشكل حقيقي، لذلك قامت القوات المصرية بضربات خاطفة لهذا التنظيم الذي يسعى للتمدد وبالطبع الحدود المصرية الليبية مفتوحة، ومصر في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد هي الجائزة الكبرى التي يحلم بتقسيمها وتفتيتها الأمريكان والصهاينة، وما تقسيم وتفتيت ليبيا إلا مقدمة لتقسيم وتفتيت الأمة العربية وفى القلب منها مصر، لذلك يجب أن تتدخل مصر وبشكل سريع لإنجاز مصالحة وطنية ليبية ممكنة، ومد يد العون لكل من يرفع شعار المصالحة للحفاظ على وحدة ليبيا العربية، والحفاظ على الأمن القومي المصري، اللهم بلغت.. اللهم فاشهد.

الجريدة الرسمية