هيلاري كلينتون وشباب ٢٥ يناير!
في مذكراتها تحكي هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمنافسة حاليًا للترشح في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أنها زارت القاهرة بعد نحو شهر من تنحي مبارك، وتجولت في ميدان التحرير والتقت عددًا من الطلاب والنشطاء الذين -كما تقول- أدوا دورًا قياديًا في تظاهرات ٢٥ يناير، وطرحت عليهم سؤالا هو: هل فكرتم في تشكيل ائتلاف سياسي للعمل معًا على برامج انتخابية معينة وترشيح أشخاص من قبلكم؟ لكنهم حدقوا فيها ولم يستطيعوا الإجابة.
وتضيف هيلاري: لقد وجدتهم مجموعة غير منظمة، وغير مستعدة لخوض أي شىء، أو التأثير في شىء، لم يملكوا الخبرة السياسية، ولم يفقهوا طريقة تنظيم الأحزاب والترشح في الانتخابات وإدارة حملاتها، لم يؤسسوا قواعد حزبية وانتخابية ولم يبدوا اهتمامًا بإرسائها.. بدلا من ذلك تجادلوا فيما بينهم.
غير أن السيدة هيلاري كلينتون لم ترغب كما يبدو أن تضيف في كتابها أنها عندما عادت مجددًا إلى القاهرة بعد إعلان فوز مرشح الإخوان محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية وتوليه رئاسة الجمهورية وجدت هؤلاء الشباب وغيرهم قد أسسسوا بدلا من الائتلاف الواحد عشرات من الائتلافات التي تنازعت فيما بينها وانشطرت إلى مزيد من الائتلافات أيضًا! لقد عاشت مصر هوجة من الائتلافات السياسية.
كل من له تشكيل ائتلاف أعلن عنه، حتى ولو ضم بضعة أشخاص أو أفراد فقط.. وهكذا استجاب البعض لنصيــحة هيلاري كلينتون من حيث الشكل فقط وليس الجوهر!
وحتى عندما مضى آخرون إلى مدى أبعد أي تشكيل وتأسيس أحزاب سياسية تعاملوا مع الأمر بذات المنهج.. أي تأسيس أحزاب ورقية ضعيفة يتم فيها استيفاء الشكل أو تلبية شروط قانون تأسيس الأحزاب دون الاهتمام بأن تكون هذه الأحزاب مؤثرة أو قوية وقادرة على المنافسة في الانتخابات.
ولعل هذا يفســر لنا لماذا كان بعض النواب يرغبون في تقليل عدد من يتكون منهم الائتلاف البرلماني.. المهم لديهم هو تأسيس ائتلاف برلماني وليس مهمًا أن يكون هذا الائتلاف له تأثير في أداء البرلمان سواء في التشريع أو الرقابة.
ولعل ذلك ينبهنا إلى أمر شديد الأهمية وهو أن محاكاة الخارج في الصيغ والأشكال الديمقراطية ليس كافيًا لتحقيق هذه الديمقراطية أو لإنجاز التحول الديمقراطي.. أي أننا لن نتمكن من تحقيق الإصلاح السياسـي بمجرد الاستجابة لمقترحات الأمريكان أو الأوروبيين، وإنما سوف نحققه باقتراح صيغ مبتكرة سياسية تلائم الواقع المصري.