رئيس التحرير
عصام كامل

إبداعات معمارية تحتاج دعم الرئيس السيسي


أهم ما نفتقده في برامج وخطط الحكومة هو العمل على إيجاد quick wins في شتى المجالات على المدى القصير لإثبات قدرة الحكومة على المدى الطويل أيضًا سوء عمليات التسويق الاستراتيجي العالمي بما يحقق النتائج المرجوة.


لفت نظري أنه عند وفاة أيقونة العمارة العالمية زها حديد منذ أيام أن الصحافة العالمية تداولت أنها صممت ثلاثة مشروعات عملاقة في مصر في الفترة ما بين ٢٠٠٧ و٢٠٠٩ ولكن هناك مشروعان من الثلاثة واجها صعوبات كالعادة مع البيروقراطية المصرية، بل أشبه أنهما ماتا إكلينيكيًا.

بالإضافة إلى تراجع مصر في المرتبة رقم مائة في تصنيف الإبداع ويسبقها دول مثل رواندا وكينيا وما الإبداع إلا وقود الحضارة الإنسانية فإن ترتيب الإبداع يعتبره بعض المتخصصيــن أهم من ترتيب النمو كمؤشر على تنمية الاقتصاد على المدى الطويل، ولكن يجب ألا ننسى أن مصر تمتلك من المقومات الإبداعية والثقافية ما يؤهلها خلال عشر سنوات لتكون إحدى الدول العشرين الأوائل على عكس التصنيف الاقتصادي الذي يكون التقدم فيه صعبًا، ولكن التقدم الإبداعي يدعم مباشرة التقدم الاقتصادي.

فيما يلي أطرح بعض المشروعات التي تحقق عائدًا سياسيًا إيجابيًا من خلال إبداعات معمارية قبل العائد الاقتصادي المضمون اعتمادًا على المستثمر المحلي والأجنبي المتوسط والذي يمثل عائدًا للاقتصاد الوطني أفضل من المشروعات الأكبر حجمًا:

أولا: إحياء مشروعات زها حديد
نحن في عالم التطوير العقاري الاحترافي ندرك أن التصميم في المشروعات العالمية يرفع من قيمة المشروع إلى الضعف أو أكثر لذا فإنه يمكن نقل هذه المشروعات إلى العاصمة الجديدة بعد شراء التصميمات من مالكيها الأصليين، خاصة أن زها هي التي صممت أهم معالم العمارة لمدن عالمية مثل (لندن وهونج كونج ودبي وبرلين ولوس أنجلوس إلى طوكيو وإسطنبول) ولن أنسي متحف العمارة في إيطاليا ماكسي الذي قمت بزيارته في روما وللعلم فإن المشروعين المصريين أحدهما مدينة معارض والآخر أول ناطحة سحاب بمصر.

زها مهندسة عراقية تمثل قدرة المرأة العربية على تخطي الحواجز والحدود، لذا فهي رمز عربي في ظل ما تطلقه آلات الإعلام الغربي عن تخلف المرأة العربية وعبوديتها، لذا فيجب إطلاق اسم المهندسة الراحلة على أحد هذه المشروعات بعد إحيائها بغرض تسويق العاصمة الجديدة عالميًا وتسويق فكرة تحرر المرأة العربية انطلاقًا من مصر.

ثانيا: تمثال الحرية المصرية
تمثال الحرية في نيويورك صمم أصلا لفلاحة مصرية على يد النحات أرجوست بارتولدي كطلب الإمبراطورة أوجيني ليوضع على مدخل قناة السويس، ولكن نقل لظروف ما إلى نيويورك وأصبح أيقونة الحرية الأمريكية واليوم عندما قرر الشعب المصري استعادة حريته أمام قوى الظلام وقرر الرئيس عبد الفتاح السيسي البدء في مشروع قناة السويس الجديدة لإثبات قدرة مصر على تنفيذ المشروعات القومية العالمية فإن تشييد تمثال الحرية المصري بالفلاحة المصرية وبشعلة الحرية، ولكن بتصميم عالمي عصري هو ضرورة لإرسال رسالة سياسية وتأكيد لدور مصر الإبداعي والثقافي، كما يعد تسويقًا للقناة، ومن جانب آخر يمكن استغلال التمثال بصورة سياحية كفندق ومطاعم تستقطب مجتمع الأعمال المرجو وجوده لإنشاء محور الاستثمار على ضفاف القناة.

ثالثا: فنار الإسكندرية
نعم نحن نمتلك اثنين من عجائب الدنيا السبع القديمة، وللأسف هناك دول حاولت تقليد وسرقة التاريخ بإبدعاتهم المعمارية، لذا فإن إعادة إحياء الفنار هو حق مصري تاريخي، ويجب أن يعيد الإسكندرية لخريطة السياحة العالمية وللأسف فإن الفكرة قديمة ولكن أكثر ما يقلقني هو إقامة مشروعات نمطية لا تحقق الهدف التسويقي العالمي سواء في الموقع أو التصميم فإذا تحدثنا عن الموقع فإن الموقع التاريخي بجوار قلعة قايتباي وإذا رغبنا في التعديل فإن هناك أرض السلسة المملوكة للقوات المسلحة -وبالطبع فإن القوات المسلحة شريك رئيسي في دعم المشروعات القومية وإطلاقها- وأهمية هذا الموقع أنه أمام أيقونة ثقافية عالمية إلا وهي مكتبة الإسكندرية والطرح الأخير هو ما سبق وتحدثت عنه وهو الجزيرة الصناعية..

حيث إن تكلفة الجزيرة ضئيلة أمام قيمة الأرض الناتجة عن الأعمال ذاتها ويمكن توسعة المشروع لمشروع سبق أن طرحته إلا وهو سلسلة الجزر الصناعية التي يربطها محور مواز لطريق الكورنيش، ومن مميزاته أنه سيوفر حاجز أمواج لمنع غرق الإسكندرية خلال خمسيـن عامًا وهي مشروعات سبق أن تم تنفيذها في دول عديدة لمدن ظروفها تماثل الإسكندرية، وعموما فإن المشروع كامل دراسات الجدوى وتم تسجيله سابقًا ولا ننسى أن التصميم يجب أن يكون كمسابقة عالمية، ومن السهل تمويله دوليًا كمكتبة الإسكندرية مما يحقق تسويق عالمي للمدينة التاريخية يدعمها في استقطاب المؤتمرات والفعاليات العالمية كالأولمبياد والاكسبو وما شابه.

وبما أنني باحث في علم إدارة التشييد فنحن ندرك أن قدرات مصر العلمية والعملية تتركز في مجال التشييد منذ فجر الحضارة البشرية -حيث الأهرامات والمعابد والمساجد والكنائس- وهي ترتبط بجين مصري أصيل في البناء والإبداع المعماري ولا يستطيع أن ينكر أن الأيدي العاملة المصرية والشركات الوطنية بل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لها قدرات تنافسية عالية على مستوى العالم، لذا فإن دعم المشروعات الإبداعية المعمارية يحقق نجاحًا مضمونًا ويوفر طفرة اقتصادية، خاصة أن تكلفة توفير فرصة العمل في القطاع منخفضة مقارنة بقطاعات أخرى ولا تغفل أنه خلال عقود مضت حقق هذا القطاع نجاحًا لحكومات سابقة، كما يخدم بصورة مباشرة التنمية في قطاعات موازية أهمها البنية السياحية المطلوبة وبكل بساطة فإن نموذج دبي كمدينة عالمية خير شاهد باعتماد نفس الأدوات.

أخيرًا ليس هناك إلا الرئيس من يستطيع تحقيق هذه المشروعات، خاصة أن جميعها لن يكلف الدولة وإنما سيحقق مليارات للدولة حسب دراسات الجدوى، ولكنها مجرد أفكار إبداعية قد تشق طريقها للواقع إن كانت هناك إرادة سياسية لتسويق الإبداع المصري عالميًا لتحقيق مكتسبات سياسية نحو الرأي العام العالمي خاصة بما يملكه الفن والثقافة في دول الغرب من تأثير وأثر فى التوجه السياسي العام كأهم عناصر القوة الناعمة.
الجريدة الرسمية