رئيس التحرير
عصام كامل

الخاطف عنده «شعرة تروح وتيجي»


ساعات عصيبة قضتها مصر على وقع تطور أحداث خطف طائرة مصر للطيران المتجهة من مطار برج العرب إلى القاهرة، وزاد من حدة التوتر والغموض تعدد السيناريوهات وتغير الشائعات والمعلومات الإعلامية التي ترد كل دقائق من جهة غير أخرى، فتسبب في إرباك المشهد كله وأفقدنا الثقة بكل ما ينشر خشية عدم دقته.


البداية مع خبر نزل على رءوسنا كالصاعقة عن خطف طائرة مصرية، وبعد فترة أعلن عن اسم طبيب بيطري على أنه الخاطف، وبعد أن نفت زوجة البيطري الأمر أعلن عن اسم الخاطف الحقيقي، ووردت قصة طليقته القبرصية التي يحبها ويريد لقاءها يعني الأخ «طلع عاشق ولهان»، ثم الإفراج عن النساء والأطفال ما قد يشير إلى انتمائه إلى جماعة إسلامية وعزز هذه الفرضية بيان قبرصي عن طلب الخاطف الإفراج عن سجينات مصريات، ومن بعدها إطلاق سراح جميع المصريين بمعنى أنه ليس لديه مشكلة مع أبناء بلده، والإبقاء على الأجانب وطاقم الطائرة وهنا بالإمكان تفسير الأمر على أنه محاولة لإحراج مصر مع الدول الغربية والإساءة للعلاقات الخارجية المصرية بعد أن استقرت وتميزت إلى حد كبير.

وقبل أن تنتهي القصة على خير تردد أن المجرم طلب لقاء مسئولين في الاتحاد الأوروبي وقيل في البداية إنه طلب من قائد الطائرة التوجه إلى تركيا، لكن الأخير هبط في قبرص لأن الوقود لا يكفي، ومجرد طلب المجرم الهبوط في تركيا يجعل جماعة «الإخوان» الإرهابية تقفز إلى الذهن مباشرة لاسيما أن هشام جنينة أحد رموزهم تم عزله من منصبه ومنعه من السفر، وقد تكون العملية رد فعل انتقامي من مصر لإحراجها أمام العالم، وضرب السياحة في مقتل خصوصا أن الدولة تجاهد من أجل إنعاشها، وقد تحقق الهدف مباشرة بأن أعلنت روسيا عن إلغاء فكرة استئناف رحلات الطيران الروسية إلى مصر. ويعزز فرضية صلة «الإخوان» بخطف الطائرة أن المجرم اتضح أنه صاحب سجل جنائي ولديه سوابق عدة ومتهم في قضايا تزوير ومخدرات وسرقة مساكن وانتحال شخصيات، وبالتالي يسهل شراء ذمته لارتكاب جريمة جديدة ما دام أنه اعتاد على الإجرام.

قد يكون خاطف الطائرة «مضطرب نفسيا» كما ذكرت الخارجية القبرصية، لكن هذا لا يمنع وجوب مراجعة احتياطات الأمن في جميع المطارات المصرية، خصوصا في ظل ما نشره أحد المواقع الإلكترونية أمس، نقلا عن مصدر أمني عن قيام أحد الضباط باختراق أمني لمطار برج العرب الدولي بعد أن تنكر في زي مدني ووصل إلى منطقة المهبط الداخلية وتجول فيها دون أن يستوقفه أحد.

إذا كان الاختراق الأمني للمطار الدولي يمكن حدوثه فعليا دون مسائلة فلن يهم إن كان الخاطف «عنده شعرة ساعة تروح وساعة تيجي».. المهم في الأمر هنا إعادة النظر في منظومة الإجراءات الأمنية في كافة المطارات المصرية والتفتيش الصارم لجميع الركاب والأمتعة، حتى لا تمر عبوة هيكلية كرتونية أو حزام مثل تلك التي استخدمها المجرم في خطف وتهديد طاقم وركاب طائرة مصر للطيران والتوجه بهم إلى مطار لارنكا القبرصي؛ لأنه ومع انتهاء الأمر بعد سبع ساعات باستسلام المجرم ودون تلفيات أو أذى يظل هناك أبعاد سياسية وراء العملية أقلها اختلال منظومة الأمن في مصر، وستتضح في الساعات المقبلة الضغوط الخارجية على مصر والتداعيات السلبية التي خلفها خطف الطائرة.
الجريدة الرسمية