ورجعت ريمة لعادتها القديمة !
ألقى رئيس الوزراء بيان الحكومة أمام مجلس النواب، وترك البرنامج مطبوعًا للنواب في المجلس، وفرق بين البيان والبرنامج إذ لا يمكن لرئيس الوزراء قراءة البرنامج بتفاصيله كاملة في ساعة أو ساعتين، ولا يستطيع شرح كل التفاصيل الخاصة بخطة كل وزارة في البرنامج.. لذلك ما قاله رئيس الوزراء هو بيان إجمالي وخطوط عريضة ومحاور العمل في الفترة المقبلة التي حددها بنهاية فترة الرئيس الأولى التي تنتهي في يونيو 2017، وفي البرنامج التفاصيل الدقيقة والآليات المعتمدة للتنفيذ ومواعيد الانتهاء من تنفيذ المشروعات المدرجة في البرنامج.. هذا ما يجب أن نفهمه وما يجب أن نناقشه عندما نقرأ التفاصيل التي هي بحوزة المجلس ونوابه، والتي سيتم إحالتها إلى اللجنة المختصة بدراسة وتقييم برنامج الحكومة حتى تحصل على ثقة البرلمان وتمارس عملها طبقًا للتكليفات الموضوعة في البرنامج وفي هذه الحالة تكون الحكومة مسئولة عما قدمت وخاضعة لرقابة وحساب البرلمان طبقا للدستور.
هذه معلومات بديهية يعرفها كل من تعلم مبادئ السياسة، ويعرفها أكثر نواب البرلمان المنوط بهم إعطاء الثقة للحكومة أو سحبها منها.. والمؤسف أن بعض النواب لم يفهموا ذلك وانطلق بعضهم يقول بيان الحكومة كلام مرسل، وبيان الحكومة ليس فيه تفاصيل ولا مواعيد ولا حلول للمشكلات، وبيان الحكومة عاطفي مثل موضوع الإنشاء.. قالوا ذلك قبل أن يقرأ أحد منهم البرنامج الذي حصل على نسخة منه.. لكن أضواء وكاميرات الإعلام أنستهم القراءة قبل الحديث وقبل شهوة التصريحات، بل إن بعضهم نسي أنه نائب برلمان وطرح أسئلة العامة وغير المعنيين بالأمر.. حدث ذلك بعد انتهاء البيان بدقائق معدودة.. عادة مصرية.. وربنا ما يقطع لهم عادة !
وبمناسبة العادة.. فقد رجعت ريمة لعادتها القديمة.. ولهث النواب وراء الوزراء –ليس الجميع بالقطع– وانبطح البعض منهم أمام الوزراء طالبًا تأشيرة وظيفة لأحد أبناء دائرته أو خدمة أو تصريح مخبز أو مستودع أنابيب غاز أو تركيب عداد كهرباء أو أي شيء يثبت به أنه طلب من الوزير والوزير استجاب.. يعني الوزير لم يكسر له كلمة.. النائب جامد (وملو هدومه).. النائب تحول إلى عضو مجلس محلي أو مجلس قروي ونسي أنه نائب عن الأمة.. نائب عن القطر المصري بلغة أيام زمان عندما كان لدينا نواب أمة حقيقيون.. طبعًا النواب نسوا أيضًا كلامهم عن برلمان ما بعد ثورتين.. ثورات إيه الله يباركلك !
المشهد لم يكن مقبولا.. الحكومة سجلت هدفًا مع أول ركلة للكرة في شبكة البرلمان بعد أن كانت تقدم رجلا وتؤخر رجلا، وبعد أن كانت تتحسب للمواجهة.. فمن من هؤلاء النواب الذين تسابقوا للحصول على توقيع الوزير والتقاط صورة معه لأبناء الدائرة يمكن أن يراجع وزير أو يحاسبه؟ مجرد سؤال يعني بالبلدي هيكون له عين يتكلم !
تصرفات بعض النواب فتحت شهية بعض بارونات استوديوهات الإعلام فقالوا كلاما يدل على ترصد وتحريض، ورددوا كلاما سطحيا عن البيان حتى أحدهم انتقد غلاف البيان قبل أن يقرأ كلمة.. هي عادتنا ولا هنشتريها.. إحنا على طول كده.. والغريب أن معظمهم من الصحفيين.. يقولون وينتقدون قبل القراءة، ويتباهون أنهم لم يطلعوا على البرنامج بعد، ومع ذلك هات يا هري !
هل نعيد التأكيد مرة أخرى ونقول للنواب قليل من الكلام.. كثير من العمل.. هل نكرر ونقول أنتم تقودون الوطن في مرحلة خطرة فانتبهوا قبل أن يحاسبكم الشعب.. الوقت ليس في صالحنا.. اتركوا المصالح الذاتية والخناق على السفر وبدلات السفر، وتخلوا عن المظهرية وابتعدوا عن الإعلام قليلا حتى لا تناقضوا أنفسكم وتقعوا في مصيدته.. الوطن أهم.. أهم.