الزند وجنينة وثمن الخطأ بحق المقدسات.. الدين والوطن!
أخطأ الزند بزلة لسان ودفع الثمن وبات الكثيرون يتساءلون: ولماذا لا يدفع غيره أيضًا الثمن؟ لماذا الحسم فقط مع أنصار الرئيس وكل من تصدى للإخوان وكل أنصار 30 يونيو؟ وتساءلوا: حبارة والإرهابيون في السجون تحول التشريعات وألاعيب المحامين من عقابهم سريعًا، فما بال الرئيس لا يستخدم صلاحياته القانونية ضد آخرين أخطأوا في المقدس الثاني عند المصريين وهو وطنهم؟! كيف يترك من قال عامدًا متعمدًا وفي بيان تمت مراجعته أرقامًا مخيفة ذكرها على النحو الذي قيلت به من شأنه التسبب في أضرار جسيمة للبلاد؟ كيف يُترك في منصبه من قال بعد ذكر الأرقام المخيفة إن "التأخير في سداد مستحقات شركات البترول يضر بالاقتصاد الوطني"، رغم أنه لا شأن له بالأمر، والتصريح تبرع مجاني لخصوم مصر في الصراع على الطاقة بالمنطقة؟ لماذا هي تصريحاته تتسبب غالبًا في بلبلة وارتباك وجدل وهز هيبة الدولة ومكانتها، ومع ذلك تمر كلها مرور الكرام بلا موقف منها ولا حساب؟!
كان انحياز الرئيس السيسي-فيما نظن وليس كل الظن إثمًا- إلى ما ذهبنا إليه في مقال سابق عن جنينة بالإبقاء عليه رغم مشكلاته وأزماته إلى أغسطس القادم موعد انتهاء مدته رسميًا ثم عدم التجديد له، إلا أن الإطاحة بالزند غيرت المعادلة وذهبت التقارير تتحدث عن انقسام الشارع لإقالة الزند، وإن القضاة وأغلبيتهم الكاسحة كانت مع الوطن ومع استقلال القضاء ضد الهجمة الإخوانية كما الزند تمامًا وبات أغلبهم يحتار في المقارنة السابقة.. رحيل الزند وبقاء جنينة!
ولم يلجأ السيسي ومنذ يوليو من العام الماضي للقانون رقم 89 الصادر لتنظيم حق رئيس الجمهورية في إقالة وعزل رؤساء الأجهزة الرقابية والمستقلة ويحدد لعزلهم الآتي: "يجوز لرئيس الجمهورية إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية إذا توفرت بشأنهم دلائل جدية على ما يمسّ أمن الدولة وسلامتها وإذا فقد الثقة والاعتبار، وإذا أخلّوا بواجبات وظيفتهم بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد، أو إحدى الشخصيات الاعتبارية العامة، وإذا فقد أحد الشروط الصحية للمنصب الذي يشغله لأسباب صحية، وهو ما انطبق على المستشار هشام جنينة وفقًا لبيان نيابة أمن الدولة"، وظل القانون بلا تفعيل لعل رسائل إقراره تصل لأحد، إلا أنها وفيما يبدو لم تصل لا إلى هنا ولا إلى هناك، فكان لأسباب موضوعية أن صدر قرار العزل!
قبل أشهر وعندما كتبنا نصحنا بعدم عزل جنينة توقعنا أنهم سيحولونه إلى بطل وكأن القصة هي انتصار للفساد وهذا سيحدث الآن، وربما لجأ محامو جنينة واستنادًا إلى تأويلات مختلفة إلى القضاء، وربما ساروا إلى نهاية الشوط وهذا حقهم فالتقاضي والتظلم حق للجميع، وربما تدخل جنينة في اللحظة المناسبة لعدم التصعيد، فربما سجلت الأدلة بالصوت والصورة نسخًا وتصويرًا ونقل مستندات من داخل الجهاز إلى خارجه، وهي جريمة كاملة يسمونها إفشاء أسرار عليا!
بقيت كلمة قبل أخيرة وهي أن كثيرين سيدفعون بأن السبب في قرار العزل هو تصريح الـ600 مليار، وبالتالي فالتصريح صحيح والمتضررون منه ممن فضحهم جنينة يقفون خلف القرار وهؤلاء بالطبع نسوا أن جنينة نفسه يقاضي محررة "اليوم السابع" التي نشرت ذلك بزعم أنه لم يقل ذلك، وكذلك نال بسببها الزميل خالد حنفي رئيس تحرير مجلة "الإذاعة والتليفزيون" عدة قضايا!
وتبقى كلمة أخيرة وهي الأمل أن يكون القرار بداية لانتفاضة كبيرة للسيسي يطيح بها وفيها بكل رموز التقصير والفشل والإهمال في كل المجالات وما أكثرهم.. ما أكثرهم!!