بيان الحكومة تحت «منظار المثقفين».. وحيد حامد: لم يقدم جديدا.. عبدالمعطي حجازي: نريد أقوالا يصدقها الشعب.. فاطمة المعدول: المثقف المصري «أناني».. سلوى بكر: إصلاح المنظومة التعليمية
تباينت آراء الكتاب والمثقفين بعد إلقاء بيان الحكومة من قبل المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس النواب، في جلسته العامة، أمس الأحد، والذي تضمن برنامج عمل الحكومة للعامين ونصف العام المقبلين.
وانقسم الكتاب والمثقفون عقب إلقاء البيان ما بين من نظروا إليه كبيان ينهض بالدولة المصرية الحديثة، ويتضمن خطة ثقافية جديدة ومتطورة، وبين من وجدوه معتادا لا يقدم جديدا ويهمش وزارة الثقافة.
وقال الدكتور عبد الناصر حسن رئيس دار الكتب والوثائق الأسبق، إن البرنامج واعد جدا إذا تم تنفيذه بالشكل الصحيح للنهوض بالدولة المصرية وتحقيق الإنجازات المرجوة منه.
وأضاف: "في حالة التخاذل سيجعلنا نستنزف المتبقي من حضارة الدولة المصرية الحديثة دون جدوى، وسنبقى كما نحن على هذا الوضع الذي يتدرج إلى الأسوأ".
وأكد عبد الناصر أن البرنامج لم يغفل أي نقطة فيما يخص الثقافة بل كان شاملا ووافيا لكل الاحداث الإستراتيجية الموجودة على الساحة، حتى وإن لم يذكر تفاصيل ونقاط بعينها ولكن ذكرها ضمنيا وتعهد أيضا في مجمل البرنامج بتحقيق راحة وأمن المواطن واستقراره.
وتابع أن البرنامج تناول الجانب الثقافي بشكل جيد، وكيفية تأثير القوى الناعمة على الدولة والحضارة والمواطن المصري، لأنه هو المؤثر الوحيد الذي يستطيع تطوير الدائرة الثقافية، فكل الخدمات التي طرحتها الحكومة في البيان ووعدت بتنفيذها تتوقف على مدى وصولها إلى المواطن البسيط، وهو المستهدف من البرنامج.
ومن جانبها، قالت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد قائلة: «مصر تمر بفترة صعبة، ولكن لديها عوامل ودوافع قوية للنهوض بالمنظومة الثقافية»، موضحة أن المنظومة الثقافية تمثل أمن قومي، ولابد من الاهتمام بتطويرها لمواجهة الإرهاب في المنطقة.
كما أكدت أن مصر لديها القدرة على استعادة دورها الريادى ثقافيًا ومعرفيًا في المنطقة، وذلك لأن مصر لها جذورها الثقافية ومكونات وعناصر الإبداع، مضيفة أن التعليم في مصر يتجة إلى التغريب لذلك لابد من ذرع الجذور الثقافية داخل الشباب للحافظ على ثقافتنا، مشيرة إلى أن اهتمام الحكومة بالتواصل مع الجيل الثاني والثالث بالخارج، ولكن لابد من الاهتمام والتطوير في الداخل قبل الخارج للحفاظ على المكانة الثقافية.
وأوضحت «سكينة» أنه إذا كانت الحكومة تهتم بالتواصل مع المصريين بالخارج، فيجب وضع خطة جيدة من خلال إرسال وفود خارجية لهؤلاء الشباب بالخارج وتنظيم مؤتمرات للحفاظ على التراث الثقافى.
من جانب آخر، أعرب الكاتب صلاح عيسى عن استيائه من البيان، واصفا اياه بـ"المحدود جدا" من الناحية الثقافية مقارنة بالمشكلات الثقافية التي نعاني منها والاحتياجات التي تتطلبها وزارة الثقافة، وساهم في ذلك تحديدا الأزمة المالية التي تعاني منها الحكومة في الفترة الأخيرة، وتأتي الثقافة في المرحلة الأخيرة بالنسبة لتقديم الخدمات العامة والتمويل لأنه قد يكون من وجهة نظر الحكومة هي أقل أهمية من المجالات الأخرى.
وأضاف صلاح عيسى أن الجزء المتعلق بالثقافة لم يقدم أشياء ملموسة بل كان الحديث في المجمل وشامل وغير مخصص، فالبيان قيل دون ذكر تفاصيل وآليات تنفيذ تلك النقاط التي تم ذكرها، وهذه النقاط والكمات هي التقليدية والتي تسير عليها وزارة الثقافة وتقولها دون توضيح آليات تنفيذها.
وأشار إلى أن حديث رئيس الوزراء عن زيادة عدد المراكز الثقافية إلى 650 مركزا فكرة ضعيفة، لأن عدد المراكز قليل جدا مقارنة بحجم مصر ومحافظتها والقرى والنجوع بداخلها وأن هذه الأعداد تحتاج لمضاعفتها لنحقق النتائج المرجوة من البيان.
وأردف أن حالة وزارة الثقافة في السنوات الأخيرة أصبحت تعاني من عجز في الميزانية، بسبب فصل وزارة الآثار عنها برغم من وجود مشاريع كثيرة ومخططات ومتاحف لم يتم الانتهاء من ترميمها، ولكن لايوجد تمويل كاف لتلك المشاريع، ولم يذكر البيان تفاصيل تنفيذ تلك المشايع، مما يجعل البيان غير كاف.
أما الكاتب والسيناريست وحيد حامد، فأكد إن بيان الحكومة لم يقدم أي جديد، مشيرا إلى أهمية إيصال الوعي الثقافي للمواطن من خلال هذا البرنامج.
وأشار حامد إلى أن الريادة الثقافية المصرية لكي تعود تحتاج إلى بذل الكثير من المجهود، وإنفاق الكثير من الأموال والإخلاص من جميع العاملين على الجوانب الثقافية المختلفة من فنانين تشكيليين، وإعلاميين، وسينمائيين، وأن توضع قواعد إنسانية وأخلاقية يلتزم بها الجميع حتى نستطيع محاربة التدني والأعمال الهابطة المتسببة في دنو الريادة والمستوى الثقافي.
وأضاف أن على الحكومة أن تلتزم بتحقيق ما وعدت به المواطن المصري، وأبرز تلك الوعود هي ضمان الحرية الكاملة في الإبداع وتحرير الثقافة من القوانين.
واختتم حديثه قائلا: "لكي تنهض الثقافة في مصر وتصل إلى الريادة يجب أن نهتم بها وننفق عليها كما ننفق على رغيف الخبز".
من جانب آخر، أشار الشاعر عبد المعطى حجازى إلى أن الأهداف التي وضعتها الحكومة في برنامجها جيدة ومطلوبة، لكن لابد من تحديد نقاط واضحة للسير عليها، والإشارة إلى هذه الوسائل التي من المقرر استخدامها في المستقبل.
وأضاف «حجازى»: «لا نستطيع الارتقاء بالمنظومة الثقافية في المناطق العشوائيات والنائية قبل نشر وتجديد المنظومة التعليمية داخل العشوائيات وتحويلها إلى بيئة صالحة للمواطن».
وأكد أن مصر لن تستعيد دورها الريادي في المنطقة، إلا بعد تعديل الأخطاء اللغوية لكبار المسئولين في الحكومة والبرلمان، موضحًا أننا فقدنا ريادتنا الثقافية لأسباب عديدة، مشيرًا إلى أنه لا يجب الحديث عن ريادة ثقافية، لكن نريد أفعال تبرر هذا الكلام ويصدقه الشعب.
وأكدت الدكتورة فاطمة المعدول مقرر لجنة ثقافة الطفل، أنه كان أولى بالحكومة النظر إلى إصلاح الرؤية الثقافية أولا لأنها الأساس الذي لابد الاهتمام به، مضيفة أن الحكومة نفسها حملت قصور الثقافة أكبر مما تستطيع، وأشارت إلى أن مجلس النواب كان يعين طالبي التوظيف بالمحافظات في القصور دون الاهتمام بالعمالة الزائدة أو الالتفات إلى الكفاءات المطلوبة.
وأكدت فاطمة المعدول أنه كان ممكنا للحكومة أن تستثمر 250 مليون جنيه في بناء بيوت ثقافة صغيرة لا يتكلف الواحد منها أكثر من مليون ونصف جنيه، ويتكون من غرفة متعددة الأغراض يتم استخدامها كمسرح، إضافة إلى مكتبة ورقية وإلكترونية، وغرفة للإدارة، بدلا من بناء قصر ثقافة كبير وصرح فخم لا يعلم العاملون كيفية استخدامه، كما هو الحال بقصر ثقافة الفيوم الذي كلفته الدولة ملايين الجنيهات ولا يستطيع العاملون فيه تشغيله وإدارته من الأساس.
وأضافت أن المثقف المصري الآن أصبح في غاية الأنانية، فكل منهم يبحث عن مصلحته ولم يعد الواحد منهم يهتم بقصور الثقافة ولا بتنميتها ومساعدتها في أزمتها لأنها لم تعد ذات مردود مادي، مؤكدة أن الكثير من المثقفين الآن يسعون وراء الإلتحاق والركض وراء المجلس الأعلى للثقافة لأنه يضخ لهم ما يريدونه من مال.
وأوضحت أن المثقفين يجتمعون كل مرة مع رئيس الجمهورية دون الخروج بأي نتائج ملموسة على أرض الواقع، مشيرة إلى أن بيان الحكومة لم يهتم ببناء ثقافة الطفل التي تعتبر الأساس الأول لمصر.
وأشارت الدكتورة سلوى بكر، الناقدة والأديبة، إلى ضرورة وجود خطوط واضحة للحكومة التي تتحدث عن المنظومة الثقافية في مصر، وأن يكون هناك فعل على أرض الواقع وليس حديثا فقط دون وجود ردود فعل.
وأكدت «سلوى» أن الحكومة إذا كانت تسعى لتوصيل الخدمات الثقافية لأبناء الوطن في المناطق النائية، ولابد من إصلاح المنظونة التعليمية المتهالكة أولا، لأن مصر كانت رائدة في التعليم وبدونها لن ننهض ثقافيًا.