رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور محمود علم الدين: الصحف تحتضر.. «شدوا حيلكم»

محمود علم الدين أستاذ
محمود علم الدين أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة

قال الدكتور محمود علم الدين أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة إن الصحف المطبوعة تواجه تحديات خطيرة تهدد وجودها، مشيرا إلى أن غول الإنترنت والسوشيال ميديا ابتلعا كافة مصادر الأخبار وبات من الضرورى على القائمين على تحرير الصحف البحث عن وسائل وأفكار جديدة لجذب القارئ.

علم الدين تطرق في حواره مع "فيتو" للحديث عن المخاطر والتحديات التي تواجه الصحافة الورقية، وهل الصحافة الورقية ستختفى يومًا ما، وسبل تطويرها للتغلب على كل التحديات والبقاء ضمن وسائل الإعلام المؤثرة.. وإلى نص الحوار:


> بدايةً، ما المخاطر أو التحديات التي تواجه الصحافة الورقية؟
توجد عدة تحديات من أهمها، انخفاض الإقبال على القراءة من الشباب، وهبوط معدلات التوزيع بشكل كبير، تراجع نسبة الإعلانات، وبروز وسائط جديدة تقوم بنفس الدور الذي تقوم به الصحافة أهمها الموبايل والإنترنت بمواقعه الإخبارية المختلفة وقد تختفى
الصحافة الورقية من مصر خلال ٣٠ عاما إذا لم تطور نفسها.

> كيف تشكل الوسائط الإلكترونية وتحديدًا الموبايل والصحافة الإلكترونية خطرًا على الصحافة؟
الموبايل والإنترنت كلاهما يشكل تحديا كبيرا للصحافة الورقية، خاصةً أنهما تحولا لوسيلة جماهيرية لها دور فعال في المجتمع كوسيلة أساسية من وسائل الحصول على المعلومات للقارئ، وأرى أن الإنترنت وسيلة ابتلعت كل الوسائل الموجودة، وتتمتع بمميزات كل الوسائل الإعلامية المتاحة، فهى بمثابة "صندوق الدنيا".

> هل توجد إحصائيات تؤكد خطورة الإنترنت على الصحافة الورقية؟
الإحصائيات تكشف خطورة الموقف، ففى مصر يوجد 51 مليون شخص يستخدمون الإنترنت و29 مليونا يستخدمون فيس بوك ونحو 90 مليون خط تليفون، وفى نفس الوقت توزع كل الجرائد الورقية أقل من مليون نسخة، وعلى مستوى العالم يبلغ عدد قراء الصحف الورقية 2 مليار و700 مليون، في حين يبلغ عدد مستخدمى الإنترنت 3 مليارات و200 مليون، ويبلغ عدد مستخدمى فيس بوك مليارا و600 مليون والموبايل 3.5 مليار مستخدم، ويبلغ عدد متابعى التليفزيون 2.9 مليار، لكن خريطة إحصائيات مستخدمى الوسائل الإعلامية المختلفة في العالم تؤكد أن الصحافة تمرض وتحتضر ولا تموت، وتنتظر العلاج.

> ماذا عن الصحافة الورقية في دول العالم، هل توجد دول تزدهر فيها صناعة الصحافة الورقية؟
نعم توجد دول تزدهر بها صناعة الصحافة الورقية، مثل الهند واليابان والصين وبعض دول أمريكا اللاتينية، وبريطانيا، في اليابان مثلًا توجد جرائد يصل توزيعها إلى 4 ملايين نسخة، وفى بريطانيا يصل توزيع بعض الجرائد إلى 3 ملايين نسخة، وفى الهند يصل توزيع بعض الجرائد إلى 8 ملايين نسخة وفى الصين يصل توزيع بعض الجرائد إلى 9 ملايين نسخة، وعلى النقيض من ذلك تنهار صناعة الصحف في دول أخرى على رأسها أمريكا وفرنسا وغرب أوروبا وتم إغلاق بعض الصحف منها النيوزويك، والإندبندت
أغلقت حيث وصل توزيعها ما بين 60 ألفا إلى 150 ألف نسخة.

> هل هناك مفاجآت في صناعة الصحف تشير إلى أن الصحافة كل يوم تتجه لوسائط جديدة لتطوير نفسها؟
نعم حدثت مفاجأة الأسبوع الماضى في صناعة الصحف حيث صدر جورنال حمل اسم "نيو داى"، ويصدر في 40 صفحة ويباع بــ 25 بنسا ثم بـ 50 بنسا ويوزع أول عددين منه مجانًا، وأعطى هذا الجورنال مؤشرا خطيرا جدًا حيث إنه صدر بدون مواقع إلكترونية، لكن خصص صفحة له على "فيس بوك"، ومن المقرر أن يخصص تطبيق على أندرويد، وهذا الجورنال أعطى مؤشرا خطيرا في مجال صناعة الصحف، وهو أن الصحف ستتجه لمواكبة التطور وستعطى ظهرها للصحف الإلكترونية، وتلجأ لمن بيده مستقبلها وتحديدًا الأندرويد وفيس بوك "السوشيال ميديا".

> كيف ترى تأثير السوشيال ميديا على الصحافة الورقية؟
السوشيال ميديا أصفها دائمًا بالملكة المستبدة، فالجريدة التي لا تتواجد على السوشيال ميديا لا تعتبر موجودة على الساحة، ولن تستطيع أن تفرض نفسها أبدًا، فالشباب تحديدًا أصبح اهتمامهم يرتكز على متابعة الصحف التي تمتلك صفحات على السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى، ولايهتمون بمتابعة الصحف الأخرى، وهذه تعتبر في رأيى كارثة خطيرة تهدد الصحف الورقية.

> ماذا عن تأثير صحافة المواطن على واقع الصحافة الورقية؟
صحافة المواطن لها تأثير قوى ليس فقط على الصحافة الورقية، ولكن على التليفزيون وتحديدًا نشرات الأخبار، حيث إن صحافة المواطن تسبق النشرات في كثير من الأحداث وتجعل وجودها مهددا بالاختفاء، والتليفزيون لا يطور من نفسه في هذا المجال، أما الصحافة فتكيفت مع ذلك من خلال تخصيص مجال للتفاعل مع القراء وتخصيص جزء لصحافة المواطن.

> هل هناك تحديات تتعلق بالصحف نفسها مثل الأفكار الصحفية والمحتوى المقدم للقارئ؟
نعم، فمن أكبر التحديات التي تواجه الصحافة نشر الأخبار والأفكار السابق نشرها، وأصبحت الصحف تواجه مشكلة كبيرة في متابعة أداء وظيفتها الإخبارية، لأن السوشيال ميديا والصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعى تقوم بعملية نشر لكل ما يحدث وأصبح التويتر تحديدًا المصدر الأول للأخبار في العالم حاليًا، وفى نفس الوقت اقتحمت تطبيقات المحمول عالم الأخبار وأصبحت وسيلة منافسة بقوة، من أخطرها تطبيق "نبض" وهو تطبيق يستطيع الدخول على نحو 200 موقع في العالم ومتابعة الأخبار ونقلها للمتلقى ومجانًا في مقابل الإعلانات، ويجب أن أذكر هنا ما فعله مصطفى وعلى أمين من تطوير للشكل والمحتوى الإخبارى المقدم وتحويله من شكل أدبى لشكل إخبارى مكثف ومركز ودقيق وقصير في نفس الوقت مع الاستعانة بمتخصصين في الصحافة بعد أن كان العاملون بها أدباء وسياسيين فقط.

> كيف يمكن أن تواجه الصحافة ذلك التحدى؟
الصحافة تواجه تحدى متابعة ومنافسة المصادر الأخرى التي تقدم الأخبار، وتحدى نشر الأخبار السابق نشرها، ويمكنها التغلب على ذلك من خلال الابتعاد عن فكرة تقديم الأخبار السابق نشرها، والتركيز على تقديم الشرح والتحليل والتفسير والتعمق في ذلك بجانب اللقطات حول الأخبار، والتوقع لما يمكن أن يحدث، بجانب الدقة والمصداقية، والبراعة والمهارة تكمن في معالجة الحدث المنشور إخباريًا بشكل يجعل له قيمة ويجعله مقروءا، خاصةً أن الإعلام يعانى من الجهل، وأرى أن الإعلام الجاهل يضر أكثر من الإعلام ذى الغرض، فمثلًا يوم وفاة نور الشريف تابعت الإعلام فاكتشفت أن الجميع قدم موضوعات منقولة كلها من بعضها، ومثلًا يوم وفاة هانى مطاوع تم اختزال مشواره في أنه صاحب مدرسة المشاغبين رغم كل ما قدمه، وغيره من الأحداث التي يتم التعامل معها بشكل سطحى ومتكرر ومنقول دون أي ابتكار باستثناء بعض المواقع والصحف، بجانب وجود مناخ عام من الكسل والتراخى المهنى بين العاملين بالمهنة.
الجريدة الرسمية