سيد قطب.. ولفكره الإرهابي بقية !
يظل الحوار في بلدنا قصير العمر، لا أحد منا يعطي نفسه الفرصة ليسمع الآخر، وكلنا «نفهمها وهي طايرة»، ولهذا يصبح حوارنا «حوار الطرشان»، حضرت لقاءً ثقافيًا يتحدث فيه د.محمد عبدالوهاب جلال وهو شخصية مرموقة على المستوى العربي، ويدرس في مركز الدراسات العربية..
ود.محمد عبد الوهاب جلال له رؤية في الثقافة المصرية والعربية يحاول طرحها والحوار حولها، فهو يرى مثلًا أن إجادتنا للغة العربية أحد أهم عوامل التقدم في كافة المجالات وليس على المستوى اللغوي، ويرى أن نجاح مجموعة الأزهريين الذين سافروا إلى فرنسا في عهد محمد علي مع رفاعة الطهطاوي في تعلم الفرنسية وعلوم الغرب يعود إلى قوة إجادتهم للغة العربية فهما ونصا ومعانى، وبالتالي عندما تعلموا أو واجهوا صعاب اللغة الفرنسية أو العلوم الغربية كانوا على أرضية قوية من لغتهم العربية.
ويرى الدكتور جلال عبد الوهاب أن أهم كتابين ظهرا في القرنين الأخيرين كتاب رفاعة الطهطاوي «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، وكتاب سيد قطب «معالم على الطريق»، وما قال هذا في أحد اللقاءات الثقافية، حتى قاطعه البعض واتهم بجملة من الاتهامات أقلها أنه إخواني جاء يروج لفكر الإخوان وسيد قطب، ولكن الحقيقة أنه يرى أن جميع الكتب التي جاءت بعد كتاب رفاعة الطهطاوي مجرد حواشٍ للكتاب الأم وهو كتاب رفاعة الطهطاوي، وهنا أتوقف لحظة وأتذكر ما كتبه وقاله د.أنور لوقا المفكر المصري الذي قضى عمره في أوروبا، عندما سألته عن الذين تأثر بهم طه حسين فكريا؟
قال د.أنور لوقا: إنه تلميذ نجيب لرفاعة الطهطاوي، لقد حمل عميد الأدب العربي عبء التنوير الذي حمل أول مشاعله الطهطاوي!
الحقيقة من السهل الربط بين كلام د.أنور لوقا هذا المفكر الجبار مع رؤية د.محمد عبد الوهاب جلال، بمعنى الأصل هنا الطهطاوي وطه حسين الاستكمال لطريق وضع القدم الأولى فيه الطهطاوي، والشيء بالشيء يذكر حتى تتضح الصورة أكثر، فمثلا هناك من اتهم رفاعة الطهطاوي بتخريب الهوية، بل هناك كتاب ودراسات للمفكر التكفيري د.هاني السباعي الذي قضى عمره في أوروبا عنوانه «دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية» وهي نفس التهمة التي الصقت بعميد الأدب العربي د.طه حسين، وذات التهمة التي حاول البعض أن يلصقها بالدكتور محمد عبد الوهاب جلال..
أريد هنا لفت النظر إلى هاني السباعي أحد العقول المصدرة للتكفير، فبعد أن كان مؤيدًا للإخوان والسلفيين اعتبر قادة الإخوان كفارا، أما سلفي حزب النور فهم مرتدون وكفار، وطبيعي يكفر الجيش المصري، وبالبحث عن مصدر فكره، لن تبذل جهدا كبيرا لأنه يمثل الفكر القطبي وصاحبه سيد قطب مؤلف «معالم على الطريق».
وهنا أعود إلى اللقاء الثقافي وما حدث من البعض مع د.محمد عبد الوهاب جلال لأنه قال أن كتاب سيد قطب «معالم على الطريق» من أهم الكتب في القرنين الماضيين، ولقد وضح بعد ذلك أن هناك فرقا بين أهم وأفضل، ممكن أفضل كتاب لا يؤثر في أحد، ولكن أهمية كتاب سيد قطب خلق أجيال وأجيال من المدعين بأنهم جهاديون الانتحاريون الإرهابيون، ويعد أحد أهم مصادر ومراجع جميع حركات العنف في العالم الإسلامي، وحتى هذه اليوم يباع وتقام حوله حلقات الدراسة وليتها لمواجهته، بل العكس هو الذي يحدث..!
وبعد متى نسمع بعضنا البعض!؟ متى نفهم المتحدث بما يريد أن يقوله وليس أفهم حسب فهمي أنا!؟ متى نعيد قراءة حياتنا منها حياتنا الثقافية بشكل أكثر وعيا وأكثر فهما وأكثر استنارة بعيدة عن الهوى والحب والكره !؟ متى نفكر في حياتنا الثقافية بدون عنصرية للون أو الدين أو...الخ ؟؟
ما زلت أؤمن بأن الغد بين يدي الله..إذن هو الأفضل..!