رئيس التحرير
عصام كامل

نائب رئيس جمعية المعلمين البحرينية: الأمن يسيطر على المدارس وعدد المعلمين «من أسرار الدولة»

فيتو


  • لم تُحرق مدارس في البحرين كما ادعت وزارة التربية والتعليم
  •  أبرز المشكلات التي تواجهنا عدم ثقة وزارة التربية ومسئوليها بقدرات المعلم البحرينى
  •  المواطن البحرينى يعانى من مشكلة تفضيل الأجنبى عليه
  •  دخلت السجن ثلاث مرات بسبب أننى نائب رئيس جمعية المعلمين


بعد انتهاء فعاليات مؤتمر المجلس المركزى لاتحاد المعلمين العرب في دورته التاسعة عشر، والتي انعقدت تحت شعار "من أجل حماية وحدة الاتحاد وتعزيز دوره وتحقيق أهدافه"، لمناقشة تنقية المناهج من الموضوعات التي تحض على الكراهية والإرهاب، ودور المعلم العربى في مكافحة الإرهاب في ظل الوضع الراهن الذي تعيشه البلدان العربية.
التقت "فيتو" بـ جليلة السلمان، نائب رئيس جمعية المعلمين البحرينية، للحديث حول أوضاع التعليم في العالم العربي عامة، والبحرين خاصة، ودور اتحاد المعلمين العرب في تحقيق الأهداف المنشودة للمنظومة التعليمية في الوطن العربي، فإلى نص الحوار..


• في رأيك.. ما الذي يطمح اتحاد المعلمين العرب إلى تحقيقه في الفترة الحالية في ظل الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية؟
أهم موضوع يشغل فكر الاتحاد هو وحدة المعلمين العرب، سواء كانت وحدة علمية أو تربوية، بحيث يكون المعلم العربي على نفس الدرجة من الكفاءة، وعندما يذهب إلى أي بلد آخر يستطيع أن يتماشي مع النظام التعليمى الموجود بها، وحاليا هناك تفاوت كبير بين المعلمين العرب، فكل بلد لها نظام تعليمى معين، حتى التقييم الذي استخلصه الاتحاد يفيد بأن هناك دول عربية تقع في المقدمة في العملية التعليمية، ودول أخرى تقع في ذيل القائمة، فنحن نبغى أن يكون هناك مقياس محدد لكافة الدول العربية، والمعايير التي يتم بها توظيف المعلم العربي في مصر، يكون هناك مثلها في البحرين، ومثلها في الكويت، والجزائر، أي يصبح الجميع في مستوى واحد يليق بمكانة المعلم العربي.
والأمر الثانى هو تجاوز الخلافات، والسعى لتغيير المناهج، بحيث يكون الخريجين قابلون أن يتعاملوا مع الآخر مهما كان هذا الآخر، أي لا ينظر إليه على أساس بلده، أو انتمائه، أو أي شىء آخر، وهذه هي أهم النقاط التي يجب أن يحققها اتحاد المعلمين العرب.

*ماهى خريطة العمل التي يمكن أن يسير عليها اتحاد المعلمين العرب لتحقيق مثل هذه الأهداف؟
يجب أولا أن تحوز كل نقابة على مكانة من وزارة التربية في بلدها، فإذا عملت نقابة المعلمين بصورة منفصلة عن وزارة التربية في نفس البلد، سيكون هناك شرخ واضح، لأن المؤسستان تكملان بعضهما البعض، ففى النهاية هي مؤسسة مجتمع مدنى تقابلها مؤسسة دولة، فبالتأكيد أن النقابة تحمل رؤية الشارع أكثر مما تحمله الرؤية الرسمية، فبالتالى وجودهما مع بعضهما البعض، سيتم بالتأكيد التوصل إلى النقاط الخلافية ووضع حلول لها.

*البحرين عانت في فترة من الفترات من مشكلة التطرف، وأحرقت مدارس بها وخرج كتيب من وزارة التربية ووزعته على المنظمات الحقوقية؟
هذا لم يحدث على الإطلاق، ولم تحرق مدارس في البحرين، كانت هذه هي الوجهة الرسمية، ولكنى سأقول لك الوجهة الحقيقية للأمر، فالبحرين صغيرة، وهناك احتجاجات موجودة في البلد، والمدارس لا تبعد عن المناطق السكنية، فإذا صار أي احتجاج في شارع، وحتى لو سار الناس بجانب سور المدرسة، سجلته الوزارة باعتباره اعتداء على المدرسة، لكسب الرأي العام العالمي وتأكيد أن هناك اعتداءات على المدارس لخدمة النظام القائم ليس إلا وما يحدث، أن بعض الاحتجاجات كان يتم فيها إحراق إطارات سيارات في الشارع فتتلوث أسوار المدرسة فيتم تسجيل ذلك من قبل الوزارة على أنه اعتداء على المدرسة، إنما لم يكن مقصودا الاعتداء على المدارس، فنحن ضد الاعتداء على أي مدرسة في أي مكان. ولذلك السبب هى الاحتجاجات الموجودة في البحرين منذ عام 2011، وهى مستمرة حتى الآن، على الرغم من أنها ليست بنفس القوة التي بدأت بها، وذلك بسبب توقيع العقاب على المعلمين المحتجين وغيرهم وخاصة طلبة المدارس في المرحلة الثانوية.

*ماهى أبرز مشكلات المعلم في البحرين؟
إن أبرز المشكلات هي عدم ثقة وزارة التربية ومسئوليها بقدرات المعلم البحرينى، وبالتالى عدم توظيف عدد كبير من المعلمين، وأصبح لدينا قائمة كبيرة من العاطلين في البحرين، فهناك أكثر من ألفى معلم عاطل، وهذا بالنسبة لعدد السكان فهو كبير جدا، والسبب في هذا هو الاحتجاجات القائمة بالبلد أيضا، فالقبضة الأمنية في البحرين كبيرة جدا، وخاصة في المدارس، فكل وزراء التربية في الفترة الأخيرة كانوا عسكريين أتوا من قوات الدفاع، لإحكام السيطرة على التعليم.

*هل لهذه الدرجة يوجد هاجس من وزارة التربية بالبحرين؟
الهاجس ليس من وزارة التربية وحدها، ولكن من المواطن البحرينى عامة، الذي يعانى من مشكلة تفضيل الأجنبى عليه، فإذا تقدم مصرى أو كويتى وبحرينى للعمل بوزارة التربية في البحرين، سيتم تفضيل المصرى والكويتى على البحرينى، وهذا ماهو موجود بالفعل.
فالمشكلة الثانية التي نعانى منها هي عودة التمييز بالوزارة، فالبحرين يوجد بها سنة وشيعة، وهناك في الوزارة إذا كان هناك نحو 14 مسئولا يكون من ضمنهم اثنان فقط شيعة، وإذا نزلت إلى الإدارة فإذا كان هناك نحو 28 موظفا ستجد من ضمنهم واحد فقط شيعى.

*هل هناك تدخل أمني يؤثر على العملية التعليمية بالبحرين؟
لا أستطيع القول بأن هناك تدخل مباشر للأمن على العملية التعليمية، ولكن القرارات التي تصدر من وزارة التربية نلمس فيها الخلفية الأمنية، وهناك بالطبع تضييق كبير على المعلم البحرينى بالمدارس والعمل والميدان، ولذلك يلجأ الكثير منهم إلى التقاعد المبكر على الرغم من قدرتهم على أداء مهنتهم، ولكنهم مجبرون على ترك الساحة.

*كم معلم بحرينى يعمل في التعليم البحرينى؟
هذا يعتبر من أسرار الدولة، فحتى وزارة التربية لا تعلم عددهم، ولكننا لدينا أكثر من 175 ألف طالب في كل المراحل الدراسية بالتعليم العام والتعليم الخاص، وهناك بعض المدارس يوجد بها كثافة في الفصول بشكل كبير، فقبل "الربيع العربى" كان المعلمون يعملون بشكل مريح للغاية، وكان عدد الطلاب بالفصل لا يتجاوز الثلاثون طالبا، ولكن بعد الربيع العربي صارت عمليات التجنيس وإعطاء الجنسية البحرينية للأجانب، وارتفع عدد سكان البحرين، وظلت الموارد ثابتة، فقفز عدد السكان من 650 ألف نسمة إلى نحو المليون نسمة، فزاد الضعف تقريبا.

*ماهى شروط عملية التجنيس بالبحرين؟
كان في السابق أهم شرط هو وجود الشخص نحو عشر سنوات بالبلد، لكن حاليا يكفى أن يمكث بالبلد شهر واحد ليحصل على الجنسية البحرينية، وبالتالى كان قطاع التعليم هو الأكثر والأوضح تضررا من ذلك، فلك أن تتصور أن هناك صفوف بالمدى البحرينية بالكامل لغير الناطقين باللغة العربية، وهم يعتبرون بحرينين بالجنسية، فقبل 2011 كانت البحرين هي رقم واحد بالخليج في العملية التعليمية بشكل عام، لكن بعد 2011 وبدأت عمليات الفصل الطائفي، بدأ يأخذ التعليم شكل مختلف.

*لماذا ظهرت فكرة التمييز الطائفى في البحرين بهذا الشكل؟
هي لم تظهر حديثا، ولكننا كنا نشعر ونلمس هذا التمييز من قبل، بصورة خفية، ولكن الآن أصبح الأمر مكشوفا، ولا يوجد قرارات تحكمه، فلا يوجد مثلا قرار ينص بتعيين فلان وإبعاد فلان، ولكنها ممارسات.

*ماهى طبيعة العلاقة بينكم وبين وزارة التربية البحرينية؟
التعامل صعب جدا، فوزارة التربية من الأساس كانت صعبة جدا، وليس جديدا هذا علينا، فأنا أتذكر أنه منذ إنشاء جمعية المعلمين بالبحرين عام 2001، وصار للمعلمين كيانا يمثلهم، بدأ تعقيد الوزارة للتعامل معنا.

*هل هناك وسيلة إعلامية لجمعية المعلمين بالبحرين تظهر بها أنشطتها؟
هناك موقع إلكترونى ولكنه محظور من عام 2011، فأنا دخلت السجن ثلاث مرات بسبب أننى نائب رئيس جمعية المعلمين، ورئيس جمعية البحرين نفسه معرض للسجن في أي وقت حتى ذلك الحين، ففى النهاية لا نستطيع مضاهاة الجانب الرسمى لا إعلاميا أو ماديا فهو يمتلك كل الإمكانيات.

*ما الذي تأمليه من اتحاد المعلمين العرب؟
منذ بدء المشكلة التعليمية في البحرين، وقف معنا اتحاد المعلمين العرب، ففى البداية لم يكن دورهم واضحا، لكن البيانات والوقفات والمراسلات التي تتم بينهم وبين نقابات المعلمين تنم عن وقوفهم بجانبنا، على قدر الإمكانيات الموجودة بأيديهم، وأنا أشكرهم على هذا، فسواء جاء ذلك بنتائج أم لم يأت فهذا شىء آخر.

*كيف كان وضع أبنائك عندما دخلتى السجن ثلاث مرات؟
أولادى حتى ذلك الوقت لديهم خوف ورعب من أن يتكرر ذلك، فالموضوع في البحرين صعب، وليس ببساطة أن تقال الكلمات، خصوصا بعد ثورات الربيع العربى.
الجريدة الرسمية