رئيس التحرير
عصام كامل

«مذبحة القضاة» 2040 !


السيناريو نفسه يتكرر وسيتكرر بتفاصيله إذا لم تتصدَ لجنة مختصة بإعادة كتابة تاريخ مصر من جديد وإصدار توصياتها للأمة.. وكما حدث في الخمسينيات والستينيات سيعيش نفر من جماعة الإخوان خارج البلاد برعاية أنظمة تكره مصر وشعبها.. بعد سنوات ستسقط جرائمهم بالتقادم أو بالمصالحات مع الأنظمة الموجودة وقتئذ مع تجاهل عودتهم للبلاد فوقتها سيكون النظام والرئيس الذي طاردهم لجرائمهم ضد الشعب قد أصبح خارج الحكم بل جاء بعده نظام جديد بل وجاء بعد الذي جاء بعده نظام ثالث وتباعدت حدة الخلافات والمواجهات وعنفها وسيبدأ العائدون بغريزة إخوانية خاصة بمحاولة إحياء الجماعة وسيطلب منهم الجيل الجديد من الجماعة الدعم والتمويل من أجل الحركة وسيذهب جزء من التمويل إلى إعلام الجماعة الذي سيبحث طرق تعويض الإخوان ما فاتهم وهذا يتطلب التأثير في الناس بالعواطف والمشاعر لأن تأثيرها مؤكد ولذلك سيبدأون في تكرار تجربتهم بعد رحيل جمال عبد الناصر..


ورغم أنهم وجدوا أنفسهم فجأة أمام عرض من النظام الجديد وقتها بإعادتهم للحياة من جديد وتمويلهم ودعمهم وحمايتهم إلا أنهم أسسوا لإعلامهم الخاص وفيه من الأكاذيب ما يكفي شعوب عديدة وليس شعب مصر وحده.. لفقوا القصص والروايات وأرادوا التأثير العاطفي على الناس وفي مقدمتها ما أسموه سنوات المحنة، وفيها صور مركبة أغلبها خيال مريض لأصحابها ثم التقت مصالحهم فجأة مع مصالح النظام الجديد -وقتها- في تشويه النظام السابق ليبرز النظام الجديد في صورة المدافع عن الحريات وعن دولة القانون فانطلق الجميع في سباق محموم لتشويه أي شىء وكل شىء وتوقفوا عند ما أسموه مذبحة القضاة والتي استبعد فيها عدد من القضاة  الذين انحازوا لطبقتهم وعائلاتهم وحكموا بعودة أراضي الإقطاع التي وزعت على المعدمين إلى كبار الإقطاعيين من جديد وبغير ما تنص عليه القوانين وبالمخالفة لقوانين أخرى.. كان من الصعب أن تبقي الدولة متفرجة وجزء مهم من البناء الاجتماعي للبلاد يتم هدمه.. جزء من البناء الاجتماعي وليس السياسي أي أن أحدا لم يقترب بشكل مباشر لا من الرئيس ولا من النظام كله ومع ذلك صدرت قرارات استبعاد القضاة المتورطين في ذلك!

بعد الإجراءات السابقة بسنوات سمعنا عن مذبحة القضاة وعن الحاكم الديكتاتور الذي أطاح باستقلال القضاء وذبحهم على قارعة الطريق، وصدق المصريون كل ما قيل لهم فقد سمعوه من إعلام النظام ومن إعلام الإخوان على السواء!

السؤال الآن: ماذا تظنون أن يقول الإخوان لجمهورهم بل ولكل المصريين بعد سنوات طويلة عن إجراءات استبعاد القضاة والذي جري مرتين الثانية كانت أمس؟ وماذا سيقولون للمصريين وقتها وسوف يدعمون كلامهم حينئذ ببكاء وزير عدل أسبق وبتسجيلات للقضاة المفصولين؟ وماذا سيقولون لهم عن القتل في الشوارع وعن تعذيب الإخوان في سجون السيسي؟ وماذا لو جاء وقتها نظام أراد أن يبرز أمام المصريين في صورة راعي المصالحات وما سيسميه كذبا وقتها بـ"لم شمل الأمة"؟ هل سيظل شعبنا عرضه للأكاذيب؟ وعرضة لكتابة التاريخ بالهوى كل حين؟ وهل فصل القضاة أمس وقبل أسابيع كان بغير حق فعلا؟ ام أن أخطاء المفصولين ثابتة بأقوى طرق الإثبات؟

يا سادة.. نحتاج إلى إجراءات لتحصين وعي الناس أمام تزوير محتمل سبق وإن رأيناه عندما التقت مصالح نظام جديد -وقتئذ- مع مصالح عصابة مجرمة ومعهم مجموعات من المضارين ضد نظام وطني كل أزمته أنه اراد حماية الفقراء -بعد حرمان طويل- من الأغنياء وحماية الشعب كله من الإرهاب فلاقي ما لاقي من التشويه والتزييف!

حصنوا الأجيال الجديدة واحموا تاريخ البلاد وقبل كل ذلك.. احموا الحقيقة!
الجريدة الرسمية