رئيس التحرير
عصام كامل

بعد مداهمة الأموال العامة وادي دجلة..«فيتو» فجرت قضايا النصب داخل أندية «ولاد الذوات» يوليو الماضي.. «دريم» يتصدر القائمة بـ«١٥٠ ألف جنيه».. وعضوية «وادى د

فيتو

داهمت مجموعات أمنية من الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة نادي وادي دجلة الرياضي، أمس الأحد على خلفية البلاغات المقدمة ضد رئيس النادي المهندس ماجد سامي، والمتهم فيها بالاستيلاء على مبالغ مالية من اشتراكات أعضاء النادي.


وكانت «فيتو» فتحت ملف أندية "ولاد الذوات" منذ عدة أشهر، لعل أحد المسئولين ينتبه، وكان من بينهم نادي وادي دجلة، ونعيد نشر هذا التقرير، الذي كشف المسكوت عنه داخل الأندية الخاصة وليس نادي دجلة وحده، ووصفها زغلول صيام رئيس قسم الرياضة بـ«فيتو» في مقدمة موضوعه بأنها: بيزنس لا يقل خطورته عن شركات توظيف الأموال (السعد والريان) التي ظهرت في نهاية الثمانينيات من القرن الماضى عندما تركت الدولة طواعية الحبل على الغارب لشركات توظيف الأموال لجمع فلوس الغلابة والطامعين في أرباح سهلة وماذا كانت النتيجة؟ فاجعة أصابت من أصابت بالسكتة القلبية وأمراض السكر والقلب والضعط وبعضهم ما زال يعيش بحسرة حتى يومنا هذا لأن الدولة عندما تنبهت لخطر هذه الشركات كانت الفأس قد وقعت في الرأس وضاعت فلوس الغلابة … هذه المرة تعود لكن من بوابة أخرى ألا وهى الرياضة.. ونبدأ الملف من الأندية الخاصة وأندية الشركات المساهمة التي تغيب عنها رقابة الدولة..


ليس أمامك سوى القيام بإشهار شركة في وزارة الاستثمار وشراء قطعة أرض مدعومة من الدولة تحت زعم إنشاء ناد رياضى ثم تبدأ جمع مبالغ ضخمة للاشتراك في هذه الأندية دون أدنى رقابة من أحد وهل هذا السعر مناسب أم لا؟ كله حسب إمكانيات النادي.. في البداية توجهنا لوزارة الرياضة لعل وعسى نجد فيها قاعدة بيانات عن هذه الأندية وطرق الرقابة عليها لكن فوجئنا بأنها خارج نطاق سيطرة الوزارة حسب كلام مسئوليها وبعضهم قال إن هذه الأندية مثل المدارس الخاصة في وزارة التربية والتعليم والمستشفيات الخاصة في وزارة الصحة والفارق كبير جدا في التشبيه لأن كلتا الوزارتين سواء الصحة أو التعليم تحكم سيطرتها وسواء المستشفيات أو المدارس الخاصة تخضع لرقابة صارمة وأى مخالفة قد تصل عقوبتها لغلق المنشأة سواء مدرسة أو مستشفى وأى متضرر يمكنه اللجوء للوزارة المختصة وعلى الفور تقوم بدورها … بمعنى أن أي مدرسة لا يمكن لها أن تزيد المصاريف الدراسية مليما واحدا إلا بموافقة الوازرة وأى تجاوز من عضو هيئة تدريس يقابله قرار عنيف من الوزارة أو المديرية لكن في الأندية الرياضية الدنيا سداح مداح.. النادي من حقه أن يرفع الرسوم كيفما شاء.. واللى مش عاجبه يشرب من البحر … من يراقب الملاعب الكافيتريات وحمامات السباحة؟ عضو النادي الذي دفع ألوف الجنيهات عندما يتضرر.. يلجأ لمن ؟

كانت هذه مقدمة ضرورية لهذا الملف الشائك جدا عن هذه الأندية التي تشعبت وأصبحت سبوبة سهلة وربحا سريعا في غياب الرقابة.. وأنا هنا لا أحدد ناديا بعينه لأن الأمثلة كثيرة وعديدة وأصبحت تمثل أخطبوطا لأنها تشعبت في كل ربوع مصر.. وللأمانة الصحفية ورغم أن بعض المصادر أشارت إلى أن وزير الرياضة المهندس خالد عبد العزيز يعطى ظهره لرقابة هذه الأندية لمجاملة صديقه الصدوق المهندس حسين صبور الذي دخل المنظومة من خلال نادي بلاتينيوم الذي تأسس في القاهرة الجديدة والحقيقة أن الموضوع بدأ منذ نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة في عهود سبقت المهندس خالد عبد العزيز..

أراض بملاليم ملك الدولة تحولت لأندية بقدرة قادر.. وبقدرة قادر أيضا أصبحت اشتراكاتها تجاوز الـ١٠٠ ألف جنيه.
البداية وإن لم تخن الذاكرة بنادي دريم بمدينة ٦ أكتوبر ثم تلته أندية أخرى ويبقى الأشهر إعلاميا نادي وادى دجلة ومن بعده طوفان من الأندية في مختلف ربوع مصر.. ليست شرطا مساحة النادي ولا أحد يراقب هذا النادي … وهناك أندية تفرض رسومها بالدولار في الإسكندرية ولأن هيئة الأندية غير مشهرة تبع وزارة الرياضة فإنها لا تسمح لمشتركيها وأبناء الأعضاء في الاشتراك بالاتحادات الرياضية لمزاولة اللعبة التي يفضلها وإذا كنت راغبا مثلا في الاشتراك في بطولات السباحة أو الكاراتيه أو السلة أو الكرة الطائرة أو أي لعبة أخرى ما عليك إلا أن تشترك في ناد تابع لوزارة الرياضة سواء القاهرة أو مدينة نصر أو أي ناد آخر … قد يكون الاستثناء من هذه الأندية وليس استثناء كاملا هو نادي وادى دجلة الذي هو أشهر فرع وتبع وزارة الرياضة في عهد الدكتور على الدين هلال وباقى الفروع تابعة للفرع الأول لكن أيضا بلا رقابة..

وعندما سألنا في نقابة المهن الرياضية أكد مصدر من داخل النقابة أنهم لا يملكون السيطرة على هذه الأندية سواء رقابة مالية أو خلافه وكل ما يملكون هو تصريح بمزاولة نشاط رياضي...وأكد أيضا مصدرنا أن ناديا مثل وادى دجلة كتبنا في تقاريرنا أن منشآته لا تستوعب أكثر من ٢٠ ألف عضو فقط وللأسف بلغ أعضاء وادى دجلة أكثر من ١٢٠ ألف عضو وبحسبة بسيطة لو قلنا إن عضوية دجلة بـ ١٠٠ ألف جنيه فإن أصحابه قد حققوا أكثر من ١٠ مليارات جنيه دون وجه حق ولم يسأل أحد من أين جاءت الأرض التي تم بناء هذه الفروع عليها؟
ذهبنا إلى هذه الأندية لنعرف شروط العضوية فيها ووجدنا أن المادة هي كل شىء ولا رقيب عليها مثلا عضوية نادي وادى دجلة وسعر العضوية فيه ١١٥ ألف جنيه تدفع ١٥ ألف جنيه مقدمًا والباقى أقساط شهرية قيمتها ٢٦٠٠ جنيه في الشهر وهذه العضوية تضمن لك التمتع بدخول كل الفروع الخمسة لوادى دجلة أما إذا كنت ترغب في العضوية في ثلاثة فروع فقط فما عليك إلا أن تدفع ٩٥ ألف جنيه من خلال نظام الدفع المقدم لـ١٢ ألف جنيه والباقى على أقساط شهرية قيمة كل منها ٢٠٠٠ جنيه في الشهر وإذا كنت ترغب في فرع واحد فقط فمطلوب منك ٧٥ ألف جنيه من خلال ١٠ آلاف جنيه «مقدم» والباقى أقساط قيمة القسط الشهرى ١٦٥٠ جنيها أما إذا كنت أعزب فالعضوية بـ ١٠٠ ألف جنيه لجميع الفروع و٨٠ ألف جنيه لثلاثة فروع و٦٠ ألف جنيه لفرع واحد.
أما عضوية نادي بلاتينيوم الذي يمتلكه المهندس حسين صبور في القاهرة الجديدة فتبلغ ٦٥ ألف جنيه المقدم ٣٥ ألف جنيه و١٢ قسطا قيمة القسط ٢٥٠٠ جنيه مستحق الدفع كل ثلاثة شهور.

نادي دريم تصل عضويته لـ ١٥٠ ألف جنيه وهناك أندية أخرى في الإسكندرية تحصل على قيمة العضوية بالدولار وأندية أخرى في المنصورة وغيرها من محافظات مصر بعد أن وجدها البعض وسيلة للربح السريع في غياب تام من الدولة … وهذه الأندية لها قانونها الخاص غير الأندية الاجتماعية الأخرى التابعة للدولة فمثلا إذا وصل أحد أبنائك لسن البلوغ القانونية وأراد أن يفصل عضويته فعليه أن يدفع رسوما جديدة وهى مبالغ فيها جدا عكس أندية الحكومة.

نأتى لنقطة أخرى.. وما حقوق العضو طالما أنه يدفع كل هذه المبالغ ؟ ليس له أدنى حقوق حتى لو سلك كل الطرق القانونية التي لن تأتى بجديد له لأنها لا تخضع لأى رقابة.
مثلا مصدرنا في نقابة المهن الرياضية أكد أنه قام ومن خلال النقابة بتقديم بلاغ لمباحث الآداب ضد نادي بلاتينيوم الذي يملكه صبور باعتبار أن من حقهم تقديم بلاغ لمباحث الآداب ضد أي تجمع يضم رجالا ونساء دون ترخيص والحقيقة أن النقابة ليست معنية بأكثر من تحصيل الرسوم ولا يعنيها الأعضاء ولا خدمة المشتركين ولا الخدمات التي تقدم لهم سواء كانت جيدة أو رديئة..

السؤال الآخر … وهل من حق الأعضاء الانضمام لمجالس الإدارة ؟
حسب شريعة وقانون أصحاب هذه الأندية فإنه ليس من حق الأعضاء الانضمام لعضوية مجلس الإدارة ومن لا يعجبه هذا الكلام فليبحث عن أقرب بحر ليشرب منه.. رغم أن العرف وقانون الاستثمار نفسه يعطيان الحق لأصحاب الأسهم في التمثيل بمجلس الإدارة فمثلا العمارة التمليك لها اتحاد ملاك يبحث عن مصالحهم فما بالك بعضو دفع فلوسا ويدفع اشتراكا سنويا لا يقل عن ١٠٠٠ جنيه إذا ضربناه في ١٠٠ ألف عضو لك أن تتخيل هذا الرقم الكبير.
المهندس شريف حبيب رئيس نادي المقاولون العرب السابق واحد من المهتمين بالشأن الرياضى يتساءل قائلا بمجرد سؤاله.. هل ستكون الأندية الخاصة ريانا جديدا ؟

قال إن الفترة الماضية شهدت إنشاء أندية رياضية خاصة ووصلت العضوية فيها لأرقام فلكية تخطت حاجز الربع مليون جنيه مؤكدا أن أصحاب هذه الأندية يجمعون المليارات تحت سمع وبصر الحكومة مشيرا إلى أن ما يثير الدهشة أن هذه الأندية لا تخضع لإشراف وزارة الشباب والرياضة إداريا أو ماليا أو فنيا وهو ما يترتب عليه أن أولاد الأعضاء لا يستطيعون الاشتراك في بطولات الاتحادات الرياضية لمختلف الألعاب.. ويعود المهندس شريف حبيب للتساؤل.. من الذي أعطى تلك الأندية الترخيص لمزاولة النشاط الرياضى ؟
حيث من المعروف على حسب كلام حبيب أن أي نشاط تجارى.. صناعى.. طبى.. تعليمى أو خلافه يحتاج إلى ترخيص من جهة متخصصة وتشرف عليه ونحاسبه إن أخطأ.. ويضيف أن المشكلة الأخطر والأهم هي أن الأعضاء وهم بالآلاف ليس لهم حق في الترشح أو دخول مجلس الإدارة أو محاسبة المجلس على تصرفاته المالية أو الاعتراض على أي رسوم يفرضها أصحاب النادي.
ويذهب رئيس نادي المقاولون العرب السابق إلى بداية الموضوع قائلا إن أصحاب النادي كل الذي فعلوه هو شراء الأرض بسعر رخيص جدا من الحكومة لأن الأرض مخصصة للأندية وبعد ذلك طوروها بفلوس الأعضاء ورفعوا قيمتها من غير أن يكون للأعضاء أي حقوق ويتصرف أصحابها على أنها عزبة خاصة.
ويضرب حبيب مثلا شائعا منتشرا قائلا إنه عندما يشترى مستثمر أرض لبناء عمارة عليها ويعلن عنها في وسائل الإعلام المختلفة ويقوم بعمل عقود ابتدائية مع الراغبين في حجز الوحدات ويحصل على مقدمات وأقساط مالية من راغبى السكن وبعد أن ينتهى من البناء يكون لكل صاحب عقد شقة وحصة في الأرض يعنى أطلع بملكية يمكن أن تورث لأولاده ويستفيد من تطوير الأرض حيث يحصل على ربح من وراء بيع الشقة أما في حالة النوادى الخاصة فهو غير مستفيد من تطوير الأرض أو يمكنه التنازل عن العضوية والحصول على مقابل مادى أو أي حقوق أخرى بل على العكس يمكن فصله من العضوية لعدم سداد الاشتراك أو لأسباب أخرى ولا يجد جهة يذهب إليها.

ويؤكد المهندس شريف حبيب أن هذا الموضوع يذكره بموضوع الريان الذي كان يجمع الملايين بل المليارات تحت بصر وسمع الحكومة دون ضابط أو رابط وتحت إغراء الحصول على فوائد مرتفعة تصل إلى أكثر من ضعف المبلغ الذي سيحصل عليه من البنوك والذي حدث أن الحكومة تدخلت لكن بعد فوات الأوان.. بعد أن ضاعت فلوس الناس.
ويطالب حبيب بأن تتدارك الحكومة الموقف من خلال وضع ضوابط وقوانين لهذه الأندية تضمن تحويل الأعضاء إلى مساهمين.

الجريدة الرسمية