رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس اتحاد الكتاب العرب يوجه رسالة للشعراء في يومهم العالمي

الشاعر حبيب الصايغ
الشاعر حبيب الصايغ

وجه الشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، رسالة إلى الشعراء العرب بعنوان "كيف ينقذ الشعر العالم؟"، بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي يصادف غدًا الإثنين.

 
ويقول نص الرسالة: "لا نملك صورة واحدة للشعر، كما لا نملك صورة واحدة لأي شيء في العالم.. العالم لا يتصارع على الأشياء والأفكار، إنما على صورها في خياله، كيف نتصارع على شيء لا نتفق على صورته؟ هذا سؤال لا يسأله سوى الشعر، الشعرُ فقط "من" يقول ذلك، يقول: "اتفقوا على الروح واتركوا لكل امرئ أن يرتديها في الجسد الذي يناسبه".

أضاف الصايغ في رسالته: "هكذا هو الشعر يترك عطره أينما حلّ، لا جسد له سوى ما يحتويه، ولا بقاء له سوى في ما نقتنص من عطره ونستلهم من روحه فيعيش بهما إلى الأبد لينقذنا من روائح الفساد وتسلق العفن.. الشعر روح أينما حلت أنبتت، في الرواية يفعلُ الشعر فعل السحر، في السينما يستدرج الدهشة من مكامنها، في القصة يتسرب عبقه الآسر، في خطبة المنبر يكفكف دمع الرقة ويستوقف الجفاف، في القصيدة يتجلى ويجلو وجه الجمال".

وتابع الصايغ: "ما الذي فعله الشعر عبر تاريخه الطويل؟ يتساءل غافلٌ، ما الذي غيَّرته في الأرض تلك الكلماتُ الممزوجة بالعطر، الممسكة بأطراف الحلم، المازجة اللغةَ بالغيم، الناظرة إلى ما لا يراه الناس؟"

وأردف: "ليست هذه صيغة السؤال، السؤال: كم يا تُرى خفّف الشعرُ من هذه القسوة التي تنزّ من جوانب الأرض؟ هل كنا تحملناها لولا لاطف الشعرُ قسوتها منذ بدايات التاريخ، وغافل سطوتها وفرّخ في نواحيها من يعيد إلى المشهد بعض التوازن؟"

وتابع: "الشعر هو الجمال والخير والعطف والخجل، الشعر هو النغمة التي تُصر على استلهام نوتة الكون كما نبتت في بذرة الأبد منذ الأزل، أو كما نتصوره، تدوزن أوتارها وتتقن عزفها حينما يأخذ النشازُ بمعازف الجميع، الشعر نغمة تعرف أنها -وحدها- حادية الكون إلى كينونته حينما تحين لحظة الإفاقة".
  
وتساءل الصايغ: "هل يقف الشعر أمام أرقام المبيعات؟ هل يشعر بالخزي أمام كساد الدواوين في المتاجر؟ هل يتردد أمام عقود النشر والتوزيع وعزوف الناشرين عنه؟ هل يندب حظّه العاثر وانسحاب الأضواء عن عباءته؟ هل يرقص فرِحًا بجائزة أو ببرنامج في الفضائيات؟ الشعر غني عن كل هذا، الشعر روح لها الفضاء كله، الشعر هو كل الجائزة، هو الصدى ورجعه، هو اكتمال الصوت، هو لفتة الضوء المبهرة ولحظة خلق الظل على إثرها، هو الراعي والرعية وهو الحقل الخصيب، هو اكتمال النقصان ومن دونه يعم الفراغ".

وأضاف الصايغ: "يكتب الشعراء لينقذوا أنفسهم من السقوط في هوة الفراغ، الفراغ الذي يجرد الكائنات من كينوناتها ويمسخها إلى أدوات، الشعر سلاح ضد المسخ، سلاح في يد الشاعر ليحمي ذاته ويمد مظلته لتحمي الآخرين من رذاذ التشيؤ المتساقط من سماء العولمة، والشركات العابرة للقارات، واقتصاد السلع والصفقات التي لا تستثني أحدًا".

قائلاً: "الشعر مظلة باتساع المدى يرفعها الشعراء في وجه كل "داعشي" يسقط من رحم الفراغ، في وجه كل سلطة تستمرئ سلطتها، في وجه كل عدم وعدمي، في وجه كل قوة سقطت من قوتها الرحمة والجمال، الشعر مظلة لمن يريد أن يستظل بفيئها بلا شروط سوى أن يريد".

واستطرد: "أيها الشعراء أنصتوا للشعر وانقلوه للعالم، لا تنشغلوا بلون ولا صورة ولا جسد".
الجريدة الرسمية