رئيس التحرير
عصام كامل

كارثة سد النهضة.. والفقر المائي العربي !


للمرة المائة نعيد التذكير بمشكلة المياه، هذه في لقاء بالصدفة مع الصديق القديم د.حسين العطفى وزير الموارد المائية في وزارة د.عصام شرف أبان ثورة 25 يناير، واحد أهم خبراء المياه والرى في مصر، وعمل سنوات طويلة مع د.محمود ابوزيد أبرز وزراء المواردالمائية ربما في الأربعين عاما الماضية، وحاليا يشغل منصب الأمين العام للمجلس العربى للمياه، سألته: أخبار سد النهضة إيه؟؟


ابتسم وقال الأمر أكبر وأهم وأخطر من سد النهضة، فالأمر يهدد العالم العربى وليس مصر، القضية الآن هي الفقر المائى العربى وإذا كان سد النهضة يشغلنا كمصريين، لا بد أن أشير هنا إلى أن العراق مثل تركيا دمرت بنيتها المائية تماما، من خلال سحب المياه سواء الجوفية أو مياه الأنهار، وإسرائيل استولت على المخزون المائى من المياه الجوفية لسوريا، واستولت أيضا على مخزون المياه الجوفية للأردن، ونحن الأمر أصعب للغاية ليس لقضية السدود فقط ولكن الوضع الجديد للسودان، أصبح جنوب السودان أهم من الشمال السودانى، ولا تزال العلاقات بالشكل الذي يدعو للاطمئنان!

هنا أتوقف عن عرض رؤية د.حسين العطفى لأذكر الصديق القارئ بما قاله د.محمود أبو زيد ونشرناه أيضا في نفس هذا المكان وطالب فيه بزيادة التواجد في الجنوب السودانى لأنه الدولة الأكثر أهمية لمصر، وقد سردت هذا على د.حسين العطفى فقال: يوجد مشاريع قيمتها تتجاوز 30 مليار جنيه تنتظر التنفيذ في جنوب السودان، والأمر هو مرهون بالقرار السياسي في مصر وأضاف د.العطفى:

مشكلة السدود ليست جديدة، وحتى نتحدث عن الحل لا بد من العودة ولو قليلا للتاريخ، فمثلا هذه القضية كان ممكن حسمها تماما في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، نظرا لعلاقته الأفريقية القوية، ولكن مع التراجع المصرى في أفريقيا في السبعينيات وصلنا إلى موقف صعب ولكن لم يكن ليحدث ما حدث الآن إلا بسبب أحداث ثورة 25 يناير والتي شغلت الجميع بأحداثها اليومية وما جرى كلنا نعرفه ونعلمه، وهنا لا بد أن أشير إلى أن إثيوبيا لم تكن المحرك الرئيسى في ذلك الأمر، بل هناك من يريد الإيقاع بمصر وبالتالى استغل ما يحدث فيها، وأعاد قضية بناء سد من أربعة مقرر بناؤها في إثيوبيا..

وهنا لا بد أن أشير لأمرين الأول أن مشروع سد النهضة الإثيوبى لا يحقق أي مكاسب حقيقية لها وذلك لضخامة الاستثمار فيه ولن يزيد الأراضي الزاعية وهم يرددون بأن الاستفادة الحقيقية توليد الكهرباء، وهو أمر لا تؤكده الدراسات الفنية على الأقل، وهذا يوضح أن الأيادى العابثة بأمن مصر تمول في الخفاء، الأمر الثانى في زيارتى لإثيوبيا كوزير ضمن الوفد المصرى برئاسة د.عصام شرف رئيس الوزراء وقتها، فوجئت بأن المستشار الأول لرئيس الوزراء الإثيوبى للمشروع يهودى، وهذا يكفى للدلالة على كيفية تغلغل اليهود والصهاينة في القرار الأفريقى.

نصل إلى أن هناك إجماعا من الخبراء أن الموقف صعب، لدرجة المهندس فتحى الغنيمى وهو مهتم بالمياه كاد يصرخ وهو يسأل د.حسين العطفى قائلا: أنا قلق على أحفادى!؟

المفاجأة الأكبر أن د.حسين العطفى أجاب: نعم من حقك القلق على مستقبل أحفادك، ولكن الدولة تسعى لحل المشكلة، ويجب الحل أن يأخذ اتجاهات أخرى مهمة، منها لا بد من عرض الأمر على المجتمع الدولى وتوضيح الأمر أنه مشكلة تهدد الإنسان، وهذا أمر مهم للغاية، وأضاف د.حسين العطفى، هناك اتجاه لا يقل أهمية عن دور الدولة هو الإعلام المصرى، وللأسف حتى الآن، الإعلام دوره سلبى جدا ومضر أكثر مما يصلح، فمن يصدق أنه بسبب إذاعة التليفزيون للقاء الرئيس المعزول محمد مرسي ما زلنا عاجزين على إزالة سلبياته، هذا البث الإعلامي شاهده العالم كله من خلال الإثيوبيين، وكلنا نذكر الفضايح كانت في اللقاء منها التهديد بضرب إثيوبيا، فهل يستطيع إعلامنا القيام بدوره الوطنى الفعال؟

سألت د.العطفى: يتردد أن هناك مقترحات للحل منها إعطاء الكيان الصهيونى ماء من النيل مقابل حل المشكلة ؟؟ قال د.العطفى: للأسف صحيح هذا المقترح بجانب أمور فنية في عدد فتحات السد!

الآراء التي كشفها د.حسين العطفى ربما ليس كلها جديدا ولكن تأتى أهميتها لأسباب عدة منها أنه خبير في ذات المجال، وكان مسئولا تنفيذا كوزير للرى والموارد المائية، وحاليا الأمين العام للمجلس العربى للمياه، وبالتالى كان مسئولا.. وأيضا حاليا مسئولا، ولهذا سألته عن أهم خطوات الحل لمشكلة سد النهضة قال: السيسي... لقاء قمة مصرية إثيوبية سودانية شمالها وجنوبها تحسم المشكلة!!
الجريدة الرسمية