رئيس التحرير
عصام كامل

عمر بن الفارض.. سلطان العاشقين «تقرير مصور»

فيتو

هو العشق تملك منه القلب والجسد.. فحمله دون أن يدري إلى بلدان وأقطار متعددة.. سبح بروحه في سماء الحب فانزوى بعيدًا عن الخلق.. رافضًا مخالطتهم، وراح يدندن وحيدًا بأشعار عدت أجمل ما قيل في فلك العشق الإلهي، جعلت منه في كل العصور سلطانًا للعاشقين.




«ابن الفارض»، أو أبو حفص شرف الدين عمر بن على بن مرشد الحموي، والملقب بـ«سلطان العاشقين»، ولد سنة 576 هجرية، 1181 ميلادية، في منطقة قريبة من قلعة صلاح الدين الأيوبي.



وعرف بـ«ابن الفارض» نسبة إلى والده الذي كان يقضي بفروض النساء عند الرجال.. حفظ القرآن الكريم صغيرًا، ودرس الفقه على المذهب الشافعي، وسلك طريق الصوفية، ومال إلى الزهد، ورحل إلى مكة وهو في شبابه، وهناك اعتزل الناس، وظل وحيدًا في أحد الأودية البعيدة لفترة استمرت 15 عامًا، وفي عزلته تلك نظم معظم أشعاره في الحب الإلهي. 



ثم عاد إلى مصر وقضى باقي عمره بها، ومات ودفن في مسجده المعروف حاليًا بمنطقة الأباجية في حي الخليفة.



ويحيي المصريون في مثل هذا اليوم من كل عام ذكرى مولد «سلطان العاشقين»، ومن أهم طقوس الاحتفال حضور الشيخ ياسين التهامي، عميد المنشدين، الذي اعتاد أن يشدو طوال عمره على مسرح الإنشاد الصوفى بأجمل قصائد العشق الإلهي التي نظمها ابن الفارض. 



ومن أشهر قصائد «ابن الفارض»، تلك القصيدة التي عبرت عما جاش في نفس ذلك الزاهد الصوفى من مشاعر حب فياضة للخالق عز وجل، والمعروفة بـ«التائية الكبرى»، والتي يتخذ من كلماتها المحبون لغة يناجون بها محبوبهم في أوصاف أدبية.. صوفية راقية. 



«وما هو إلا أن ظهرت لناظري بأكمل أوصاف.. فحليت لي البلوى.. فخليت بينها وبيني فكانت منك أجمل حلية».



«وسر جمالك به ظهرت في العالمين كل ملاحة وتمت.. ومعنى وراء الحسنٍ فيك شهدته». 



«وما بين شوق واشتياق فنيت في تول بحظر أو تجل بحضرةٍ.. وأين الصفا؟.. هيهات من عيش عاشق.. وجنة عدن بالمكاره حفت».



«ولو أن ما بى بالجبال.. وكان طور سيناء بها قبل التجلى.. لدكتٍ.. فطوفان نوح عند نوحى كأدمعي.. وإيقاد نيران الخليل كلوعتى.. ولولا زفيرى أغرقتنى أدمعى.. ولولا دموعى أحرقتنى زفرتى».



«ولم أشكو في حبك حالى تبرمًا لاضطرابٍ.. بل لتنفيس كربتى.. وعُقبى اصطباري في هواك حميدة.. ولكن عنك غير حميدة».



«ويمنعني من الشكوى حسن تصبري.. ولو أشكُ للأعداء ما بي لرقوا لحالي.. وكل أذى في الحب منك إذا بدا.. جعلت له شكري مكان شكايتي».



«وعن مذهبى في الحب.. مالى مذهبُ.. وإن ملت يومًا عنه فارقت ملتى.. ولو خطرت لى في سواك إرادة حتى ولو سهوًا.. قضيت بردتى».



«وأهلي في دين الهوى رضوا لي عاري واستطابوا فضيحتي.. فمن شاء فليغضب سواك ولا أذى.. فكل آمالي رضاك وبلوغ منيتي».



«ولي نفس حرٍ لو بذلت لها ما فوق المُنى في المحبة ما تسلتِ.. ولو أبعدت بالصد والهجر والقلى وقطع الرجا عن حبيبها ما تخلتِ».



«لك الحكم في أمرى.. فما شئت فاقض به.. فلم تك يومًا إلا فيك لا عنك رغبتي.. لذا جعلتك في قلبي وغاية بغيتي.. وأقصى مرادي واختياري وخيرتي».
الجريدة الرسمية