رئيس التحرير
عصام كامل

بعد الزند نسأل.. كيف يوجه الإخوان الرأي العام ؟!


للدقة فالسؤال يطرح نفسه ويطرحه الكثيرون قبل الزند وبعده.. كيف فعلا يمكن توجيه الرأي العام وقيادته إلى حيث تريد مجموعة بعينها؟ وفي مصر فلا نرى فعليًا غير الإخوان كمثال بارز وواضح في الهيمنة على الإعلام الإلكتروني ومنه للسيطرة على الرأي العام كله فكيف يمكنهم التأثير حتى في غير الإخوان؟ بل أحيانا كيف يوجهون خصوم الإخوان وكارهيهم ؟


في العلوم السياسية يقولون إنه لصناعة ثورة من الثورات أو أي تحرك جماهيري كبير فلابد من عاملين أساسيين.. الأول هو ذاتي والآخر هو العامل الموضوعي.. الذاتي يعني وجود حركة منظمة هناك من يقودها ويوجهها.. والموضوعي هو الأسباب والمبررات التي تدفع الناس للغضب والخروج على النظام.. وفي السابق وقبل سنوات كان العامل الذاتي تمثله الأحزاب والتيارات السياسية أو التنظيمات السرية السياسية أو الوطنية مثل ذلك التنظيم المحكم الذي استطاع أن يقود الانتفاضة الفلسطينية في الثمانينيات واستمرت يوميًا لسنوات دون توقف رغم آلة القمع الصهيونية الجبارة وفيها حشد يومي وتصدي للعنف ومداواة للجرحى وتعويض الشهداء وطباعة المنشورات والبيانات وإخفاء كل ذلك وهكذا..

اليوم ليس مهمًا أن تمتلك تنظيمًا سياسيًا حزبا أو تيارا.. فقد تم استبدال ذلك بشبكات التواصل الاجتماعي شرط التحكم فيها وتوجهها.. وهذا تطلب تشكيل ما سميناه قبل سنوات "اللجان الإلكترونية"، حيث كنا أول من أطلقنا المصطلح قبل انتشار فيس بوك وظهور تويتر، حيث كانت هذه اللجان تتدخل للتأثير فى الموضوعات والأخبار الصحفية المنشورة على الصحف والمواقع الإلكترونية من خلال كتابة التعليقات عليها ودعم ما يعجبهم والهجوم على ما لا يرضيهم للتأثير في الآخرين وهكذا..

على فيس بوك وتويتر توجد لجان إلكترونية تعمل بنظام الشيفتات.. كل شيفت يعمل به عدد من الكوادر المتخصصة تمتلك أدوات تكنولوجية عالية من أجهزة كمبيوتر واتصال متحرك أو ثابت بالإنترنت ويؤسس كل واحد منهم عددا كبيرا من الصفحات بأسماء مستعارة مثل "الأسد النبيل" أو "حبيبة الرحمن" مثلا أو غيرها أو أسماء وهمية غير موجودة أصلا وخالية من أي بيانات حقيقية ككتابة أن صاحب الصفحة يعمل طبيبًا مثلا في الإسكندرية دون أي تفاصيل أو إمكانية إثبات ذلك أو التحقق منه !

هذه اللجان المنضبطة تطلق شائعات واحدة أو تتبنى كذبة واحدة أو تنشر سلبيات واحدة أو تهاجم في وقت واحد شخصية واحدة أو تدافع في لحظة واحدة عن شخص واحد أو تنشر في لحظة واحدة فيديو واحدا، ورغم أن عددها قليل قد يصل مثلا إلى مائة فرد فإن صفحاتها المستعارة والوهمية تصل إلى 3 آلاف صفحة أن نشرت شائعة واحدة في وقت واحد فهذا كفيل بانتشارها في ساعات ولكن عند التزام باقي أعضاء الإخوان بنشرها والدفاع عنها فسوف تنتشر الشائعة أو الخبر السلبي في دقائق !!

الآن هذه اللجان تضع على أعداد من صفحاتها صورًا للزعيم جمال عبد الناصر وبعضهم للسادات ومبارك بل منهم من يضع صورة الرئيس السيسي نفسه بما يوحي أن صاحب هذه الصفحة ينتمي أو مؤيد لواحد من هؤلاء الرؤساء ومن خلال ذلك يمكنهم التأثير في غير الإخوان باعتقاد هؤلاء الآخرين أن شخصًا قريبًا لهم فكريًا يقول كلاما مختلفا لأسباب وطنية بينما الحقيقة غير ذلك وللأسف يندفع هؤلاء في تبني المواقف الإخوانية ونشرها بكثافة بغير وعي أو ترو ويجد الشخص صعوبة في الاحتفاظ برأيه بعد أن وجد أغلب من حوله يقولون كلاما واحدا أو متشابها فإما يصمت أو يسير معهم ويتأثر بهم!

لجان الإخوان تنشط في كل اتجاه.. صفحات ومواقع.. تشتم في الجميع وبأحط الألفاظ -بمن فيها العبد لله على هذا المقال- لإرهاب الكاتب أو من سيؤيده وإبعادهم عن التعليقات وعن الحوار وإحباطهم ومن خلال عشرات التعليقات والتي قد يكون واحد أو اثنين فقط خلفها يهيمنان وحدهما على المواقع كلها..

وبينما هم يفعلون ذلك تجد خصومهم من أنصار الدولة ومن أنصار السيسي يعانون من حالة سرحان مزمنة وكأنهم شربوا شيئا أصفر لا ينشرون شيئًا من الإيجابيات ولا ضد السلبيات ولا نفيًا للشائعات ولا يأخذون الأمور مأخذ الجد ويكتفون بالإعجاب وأحيانا بالصراخ على صفحاتهم وصفحات أصدقائهم والمدهش أنهم هم أنفسهم من يشتكون من تفوق الإخوان إعلاميًا بينما هم أصل المأساة كلها !!!
الجريدة الرسمية