التطبيع مع العدو الصهيوني
بعد أن استتب له الأمر على أرض فلسطين، كانت الخطوة الأولى للعدو الصهيونى هي تطبيع العلاقات مع أنظمة الحكم العربية.. وقد حرص منذ اللحظة الأولى على أن يؤكد أنه صاحب الذراع الطويلة، وأنه العدو الذي لا يقهر، حيث ضمنت له الإدارة الأمريكية تفوقا عسكريا ساحقا.. ولأن لكل نظام حكم أسلوبه وطريقته، فقد تعددت وسائل العدو الصهيونى في التأثير والضغط على هذه النظم لينال مراده.. ولا شك أن الإدارة الأمريكية (وتابعيها من دول أوروبا) لعبت أدوارًا مهمة في تعبيد الطريق لإتمام عمليات التطبيع، وذلك لما لها من أياد وجسور لدى هذه النظم..
وعلى النقيض من نظم الحكم العربية، فشل المخطط الأمريكى الصهيونى في تطبيع العلاقات مع الشعوب العربية، رغم المحاولات الكثيرة التي بذلها.. كانت هناك محاولة عبر محورى الثقافة والإعلام، وذلك لما لهما من تأثير في العقول والإفهام، لكنهما لم يلقيا التجاوب المأمول.. وبعد مناقشات ودراسات قام بها أئمة الفكر الاستراتيجي، ومراكز الدراسات والبحوث والاستخبارات العالمية في أمريكا، عثر المخطط الأمريكى الصهيونى على ضالته، وهى الإخوان؛ فلهم تنظيم دولى يضم عشرات من التنظيمات المحلية في الدول العربية والإسلامية، فضلا عن أمريكا وأوروبا..
وليس بخاف ما كان يتمتع به الإخوان من شعبية وثقة على مستوى هذه الشعوب، خاصة أن دورهم كان ملحوظًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، بل إن "البنا" نفسه - مؤسس الجماعة - يعتبر شهيد القضية الفلسطينية..
يضاف إلى ذلك أن "حماس" ذاتها هي جزء من الإخوان.. فإذا استطاعت الإدارة الأمريكية أن تتواصل مع الإخوان وأن تساعد على دمجهم في الحياة السياسية داخل أوطانهم كخطوة أولى لوصولهم إلى السلطة، في مقابل أن يكون لهم دور في تطبيع العلاقات بين العدو الصهيونى وبين الشعوب العربية والإسلامية، فهذا هو غاية المراد..
وسواء أدرك الإخوان أم لم يدركوا هذا المخطط، فإن الشعوب ما كانت لتقبل ذلك أبدا.. في مصر، كانت الظروف مناسبة للغاية، فقد حدثت ثورة ٢٥ يناير، ونحى الرئيس مبارك، وأصبح الطريق ميسرا أمام الإخوان.. ولأنهم يمثلون- في الوقت ذاته- حجر الزاوية لكل الإخوان، فإن ما سيقومون به سوف يكون له صداه على الجميع.. لقد كانت الاتصالات مستمرة بين أمريكا وإخوان مصر.. وفى يوليو ٢٠١٢، وقعت الاتفاقية بين حماس والعدو الصهيونى برعاية أمريكية وضمان الحكومة المصرية التي كان يمثلها الإخوان آنذاك.. وفى نفس الشهر، حمل السفير المصرى الجديد معه إلى دولة العدو الصهيونى، خطابا من الدكتور مرسي للسفاح "شيمون بيريز"، يقول له فيه "نتمى الرغد لبلادكم" (!!!)، ثم يذيله بتوقيع "صديقكم الوفى"..
نتذكر جيدًا أن الرئيس أوباما كان في زيارة لدولة العدو الصهيونى، حيث وقف في القدس يقول في مؤتمر صحفى: "سوف تبقى القدس عاصمة أبدية لإسرائيل".. ونقلت وكالات الأنباء تلك التصريحات، ولم يحرك الإخوان ولا الرئيس المصرى ساكنا..
وجاءت ثورة ٣٠ يونيو، وأطيح بحكم "المرشد" في ٣ يوليو ٢٠١٣، ومعه أطيح بأحلام الإدارة الأمريكية والعدو الصهيونى في التطبيع مع الشعب المصرى.. وكان لا بد من البحث عمن يقوم بإثارة هذا الأمر من جديد.. ووجد العدو الصهيونى ضالته هذه المرة في نائب برلمانى قام في لحظة خاطفة باستضافة السفير "الإسرائيلى" في القاهرة في منزله، كى تأخذ قضية التطبيع هذا الزخم الضخم على المستوى الإعلامي.. قال البعض: إن الرجل لم يخالف القانون، فالنظام المصرى يطبع العلاقات مع العدو الصهيونى.. فماذا في ذلك؟! وتناسوا أن الشعب المصرى - عن بكرة أبيه - ضد التطبيع، وأن اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام فرضتا على الحكومة المصرية فرضا في مقابل تحرير سيناء، بالشكل الذي نعلمه..
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل رجع النائب إلى أهل دائرته الذين انتخبوه ليستطلع رأيهم في هذا الموقف قبل أن يتخذه؟ لو كان ذلك حدث، لعرف الرجل حجم الغضب في صدور الناس، ولأدرك أن المسالة ليست بهذه السهولة التي تصورها..
وسواء أدرك الإخوان أم لم يدركوا هذا المخطط، فإن الشعوب ما كانت لتقبل ذلك أبدا.. في مصر، كانت الظروف مناسبة للغاية، فقد حدثت ثورة ٢٥ يناير، ونحى الرئيس مبارك، وأصبح الطريق ميسرا أمام الإخوان.. ولأنهم يمثلون- في الوقت ذاته- حجر الزاوية لكل الإخوان، فإن ما سيقومون به سوف يكون له صداه على الجميع.. لقد كانت الاتصالات مستمرة بين أمريكا وإخوان مصر.. وفى يوليو ٢٠١٢، وقعت الاتفاقية بين حماس والعدو الصهيونى برعاية أمريكية وضمان الحكومة المصرية التي كان يمثلها الإخوان آنذاك.. وفى نفس الشهر، حمل السفير المصرى الجديد معه إلى دولة العدو الصهيونى، خطابا من الدكتور مرسي للسفاح "شيمون بيريز"، يقول له فيه "نتمى الرغد لبلادكم" (!!!)، ثم يذيله بتوقيع "صديقكم الوفى"..
نتذكر جيدًا أن الرئيس أوباما كان في زيارة لدولة العدو الصهيونى، حيث وقف في القدس يقول في مؤتمر صحفى: "سوف تبقى القدس عاصمة أبدية لإسرائيل".. ونقلت وكالات الأنباء تلك التصريحات، ولم يحرك الإخوان ولا الرئيس المصرى ساكنا..
وجاءت ثورة ٣٠ يونيو، وأطيح بحكم "المرشد" في ٣ يوليو ٢٠١٣، ومعه أطيح بأحلام الإدارة الأمريكية والعدو الصهيونى في التطبيع مع الشعب المصرى.. وكان لا بد من البحث عمن يقوم بإثارة هذا الأمر من جديد.. ووجد العدو الصهيونى ضالته هذه المرة في نائب برلمانى قام في لحظة خاطفة باستضافة السفير "الإسرائيلى" في القاهرة في منزله، كى تأخذ قضية التطبيع هذا الزخم الضخم على المستوى الإعلامي.. قال البعض: إن الرجل لم يخالف القانون، فالنظام المصرى يطبع العلاقات مع العدو الصهيونى.. فماذا في ذلك؟! وتناسوا أن الشعب المصرى - عن بكرة أبيه - ضد التطبيع، وأن اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام فرضتا على الحكومة المصرية فرضا في مقابل تحرير سيناء، بالشكل الذي نعلمه..
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل رجع النائب إلى أهل دائرته الذين انتخبوه ليستطلع رأيهم في هذا الموقف قبل أن يتخذه؟ لو كان ذلك حدث، لعرف الرجل حجم الغضب في صدور الناس، ولأدرك أن المسالة ليست بهذه السهولة التي تصورها..