رئيس التحرير
عصام كامل

«دواعش» الإعلام بحاجة إلى وزير


هل تتأثر الحكومة بمواقع التواصل الاجتماعي وتخشاها إلى هذا الحد؟! سؤال تبادر إلى الذهن في أعقاب القرار السريع والمهين الذي اتخذه رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل بإعفاء المستشار أحمد الزند، وزير العدل، من منصبه على خلفية "زلة لسان" غير مقصودة في مداخلة تليفزيونية نتيجة استفزاز مقدم البرنامج، وقد كان بالإمكان تجاوز الأمر خصوصًا أن المستشار الزند صاحب تاريخ حافل بالوطنية والمواقف الشجاعة، كما أنه بادر من تلقاء نفسه بالاعتذار والاستغفار على الهواء في أكثر من برنامج عن الخطأ غير المقصود.


كان حريًا برئيس الحكومة شريف إسماعيل أن يفكر مليًا في العداء بين الزند وجماعة "الإخوان" الإرهابية التي جندت ميليشياتها الإلكترونية لتأجيج الرأي العام ضده على "زلة اللسان"، انتقامًا من مواقفه الصلبة ضد الجماعة عندما تولت الحكم، وللأسف نجحت ميليشيا "الإخوان" في إجبار رئيس الحكومة على اتخاذ قرار إبعاد الزند عن الحكومة وحققت ما تريد.

الحقيقة ما كنا لنتكلم لو كانت الحكومة تتعامل بمسطرة واحدة مع جميع المخطئين، لكن أن يكون قرارها رد فعل واستجابة لضغط مواقع التواصل الاجتماعي فهذا غير مقبول، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ماذا فعلت الدولة مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات هشام جنينة الذي نشر أرقامًا كاذبة عن الفساد في مصر وخلط الحابل بالنابل، حتى أنه قال إن حجم الفساد بلغ 600 مليار جنيه وهو ما تلقفته وكالات الأنباء العالمية، ليبدو الأمر وكأن مصر ليس بها إنسان شريف، ويتضح بعد ذلك كذب التقرير وما تضمنه من أرقام، ولم يتخذ قرارًا حتى الآن ضد جنينة المحسوب على "الإخوان" والذي تحيطه الكثير من الشبهات، لمجرد أن مواقع التواصل الاجتماعي التي تسيطر على أغلبها ميليشيا "الإخوان" والجماعات الممولة من الخارج لا تتطرق إليه!!

تأثير التواصل الاجتماعي اتضح كذلك في نشر الفضيحة الإعلامية التي ارتكبتها عزة الحناوي على إحدى قنوات "ماسبيرو" والمسئولين عن الإعلام الرسمي "نايمين في العسل" ومرت عليهم الحلقة بكل ما فيها من تجاوزات تدخل ضمن نطاق قضايا أمن الدولة، ولم ينتبهوا لها إلا حين تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه نشرتها للأسف ليس دفاعًا عن مصر ورئيسها بل شماتة وإبرازا لتطاول وتبجح مذيعة في التليفزيون الرسمي على رمز الدولة.

لم تكتف الحناوي بما قالته في الحلقة المذكورة بل زادت في تطاولها على الرئيس والدولة وكالت الاتهامات والمبالغات في تصريحات لمواقع إلكترونية، ما يستوجت سرعة إبعادها عن الشاشة؛ لأنها نموذج سلبي لا يصلح للإطلالة على المشاهد والتأثير في الرأي العام، وأستغرب هنا في كيفية عودتها لتقديم البرامج المباشرة رغم إيقافها عن العمل أكثر من مرة بسبب تجاوزات مماثلة؟!

التأثير المدمر الذي يمكن أن تحدثه عزة الحناوي في المجتمع وكثير من أمثالها في الإعلام الحكومي والخاص، لا يقل بأي حال من الأحوال عن تأثير "داعش"، فكلهم في التدمير سواء، ولا ننسى أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب صدروا لنا الجيل الرابع من الحرب اعتمادًا على الإعلام وما يسببه من بلبلة وارتباك وينتهي بالفوضى الشاملة وانهيار المجتمع.

المتابع الإعلام الرسمي يجد أنه وصل إلى مرحلة متدنية من الأداء، وقد نجح "الإخوان" في السيطرة على كثير من مفاصله في سنة حكمهم ولهم فيه الكثير من الخلايا النشطة، ثم أن مسألة إلغاء وزارة الإعلام والاكتفاء بأن يتولى رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أمور "ماسبيرو" أثبتت فشلها، فالإعلام الرسمي بات بلا رأس وبلا هوية وكما يقال "حارة كل من إيدو إلو"!! وعليه يجب عودة وزارة الإعلام على أن يتولى الوزير إعادة هيكلة "ماسبيرو" وتخليصه من "الدواعش" ووضع خطة واضحة المعالم والأهداف للنهوض بالقنوات الرسمية واستعادة ثقة المشاهد بها، ومن ضمن مهام وزير الإعلام الثقيلة ضبط انفلات الإعلام الخاص وإعادة الأمور إلى نصابها ومحاسبة المخطئ والمتجاوز، والأمر نفسه ينسحب على الإعلام الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي.
الجريدة الرسمية