رئيس التحرير
عصام كامل

«دعني أكتب عنك» قصة قصيرة لـ«كوثر المنسي»

كوثر المنسي
كوثر المنسي

بحر: مهلاً سيدتي انتظري.. انتظري، لم الهرب؟ توقفي قليلاً، لا أريد إخافتك، كل ما أريده محادثتك، أنا لا أعرف أين أنا، ولم كل شيء يبدو غريبًا يا ليالي.. برأسي العشرات من الأسئلة لا أعرف أي إجابة عن وحد منهم، مهلاً.. آن لي أن أعرف اسمها؟ اللعنة لقد ذهبت ماذا عساي أن أفعل الآن؟ آن لي العيش هنا؟ يا إلهي لقد انتهى أمري.

لا محالة، أكان يفترض بي أن أفعل هذا؟
ليالي: اصمت قليلاً أيها الأبله، فأنت لا تعرف بأي أرض قد أوجدت نفسك، حقًا أحمق!
الشاب: انتظري.. من أنت لم تبدين بهذا الشكل؟
ليالي: أحقا لا تدري؟
الشاب: نعم أشعر بوحدة شديدة هنا دونك.
وانقطع الحديث بينهما دون أن يبدأ، وهنا نستمر في الحديث عن بطلنا الحالم الساكن بأعماق الوحدة، توقفي توقفي عن الكتابة حبيبتي.. أتسمعينني؟
الفتاة: كيف تظهر الكلمات؟ من أين تأتيني تلك الكلمات؟ يا للروعة.
الشاب: أريد أن أفهم ما هذا؟
ليالي: أترى أيها الوسيم.. أنت هنا معي الآن.
الشاب: أجل، لكن أين؟ هل أنا أحلم أم هذا حقيقي؟
ليالي: الآن تكف عن تلك الأسئلة.. فقط استمتع.
الشاب: وكيف أستمتع؟
ليالي: فقط استرخِ كما كنت تفعل دائمًا فيما تكتب من رواياتك.

وتكمل الفتاه عن بحر الشاب الهادئ الجميل حسن المظهر الذي ظل يبحث في رواياته عن بطلة يحبها بل يعشقها حتى آخر دقة بقلبه، لكن ذلك لم يحدث بعد، إنها فترة ما قبل الحب، أي انسجام القلب مع ما يرسم من أشعار وما يخطط من روايات حتى أصبح حبه يبدأ وينتهي مع آخر حرف برواياته، فكل بطلة حبيبته التي أراد دومًا أن يبوح لها بمكنون قلبه المضىء إلى أن عشق عهد.

بحر: أرجوك أخبريني أين أنا؟
ليالي: لا يهم طالما نحن معًا أليس كذلك؟ ألم يحن الوقت كي تتوقف عند قلبي الدافئ بكلماتك الحنونة؟
بحر: لا أريد خداعك فكل ما أريده أن أشعر بالاطمئنان لما أنا فيه.
ليالي: انظر حولك، ماذا ترى؟
أرى عالمًا لم أشاهده من قبل حتى فيما أكتب.
ليالي: ولن تراه، قد تكون فارسًا خيّالاً لكن هنا سترى ما لم تستلم له مواهبك بعد، يا إلهي لم أنا معك الآن؟ سوف اذهب.
بحر: ليس الآن ابقي فلتسلمي لي أنت.

قال بحر ذلك دون شعور منه بذلك.

عهد: حان الوقت لتكملة هذه القصة والانتهاء منها، فلا أريد الإطالة بها، إن قلبي ليعتصر ألمًا لما تسببت به.

وبدأت عهد بسرد القصة، فكانت أحداثها كما يحدث في خلود الأحبة العاشقين، أشعر كما لو أن يدي لا تكتب بل كأنها نسمات باردة تنسدل على قلب بحر فتلاطفه، إن كل كلمات العشق لا تكفي ما بي من شغف وإرادة لتقبيل حبيبي، أكاد أقسم بقلبه أن خفقان قلبي لم يكن إلا له، يا إلهي أنا أحبه.

بحر: أنا أحبك.
ليالي: ماذا تقول؟
بحر: أحبك
ليالي: أن لك أن تقول هذا؟
بحر: صدقيني إن الكلمات تتدفق من قلبي لتنسدل على لسان حالي دون إرادة مني، لكني أحب ذلك، ألن تخبريني أين أنا؟ لكن أتدرين لا يهم فأنا أحبك.
ليالي: كلا سوف تعرف لكن ليس الآن.
بحر: لم أفعالي تبدو بهذا الشكل؟ لم تتكون أمام ناظري أشياء تبدو جديدة بكل لحظة، كل شيء يبدو جديدًا كالجنين الذي يتشكل برحم أمه.

أقفلت عهد دفترها وكفت عن الكتابة، وهنا صمت بحر، وأخيرا سلم نفسه إلى نوم عميق بعيد كل البعد عن ما يسمى بالاستيقاظ، وأبحر بأحلامه الدفينة وهنالك وجد من يحدثه: سامحني.. اغفرر لي أرجوك.

بحر: لا يوجد ما أسامحك عليه عهد، فقط لا تخرجيني من هنا إني لا أنفك أفكر بك كل لحظة، لكن عشقي لك هنا هو منك، أي مشاعر من قلبي ستكون من نسج عاطفتك الطاهرة وروحك البريئة، إن قلبي بين فكيّ الزمان أسيرًا لا يقدر على الارتحال، أما هنا فلا قيود على حبنا فنحن الزمان وقلمنا المكان نرتحل حيثما نريد لنزور قبلة العاشقين.

استرسلت دموع عهد على وجنتيها الرقيقتين، ظل حبًا يتجرع الآلام في خشوع وسكون عشق نقي.

عهد: أتحب ليالي؟
بحر: إنني أحب عهد ليالي، الحب بيننا وإننا لصرنا دقات لقلبك الحنون فلا تبخلي عليّ بالعشق، احتضنيني عهد ليكون هذا آخر لقاء لنا في هيئة البشر، إنني مطمئن على قلبي وعشقي بين يديك حبيبتي.
عهد: إن الحديث بيننا لا أريد له الانتهاء، لكنه حلم بنهاية الأمر، أحبك بحر، ليكن قلبي مرساة حبك لنلتقي بعد الزمان والمكان بعد أن تنتهي الليالي يعود قلبك الساكن بأنفاسي.
وهنالك ابتسم بحر قائلاً: أهي الغيره عهد؟
عهد: أجل بحر، أخشى أن تعشق ليالي فتنساني حبيبي، لتكن قبلتي لك عهد قلبي وسلامًا من محراب الحب. 

وانتهى الحلم بأنقى قبلة قد عرفها الحب بين عهد وبحر، وباستيقاظ بحر من حلمه أضاء ما حوله بنور أبيض براق وتحولت جزيئاته الجميلة إلى أحرف وكلمات من عشق وخيال وحب فلا زمان ولا مكان قد استطاع أن يبعد بين بحر وعهد فقد حفظتهم الليالي كنجمة في سماء الحب.

الجريدة الرسمية