رئيس التحرير
عصام كامل

الوزير وازدراء الأديان!


لم أفهم تلك الإجابة التي قال بها وزير العدل السابق أحمد الزند عن السؤال الذي وجهه إليه الزميل حمدي رزق حول ازدراء الأديان وتجريمه في قانون العقوبات، وهو التجريم الذي استغله البعض في تقديم بلاغات، وإقامة دعاوى قضائية ضد كتاب وصحفيين صدرت بحق بعضهم أحكام بالسجن، وقبلهم صبية صغار.


المستشار الزند قال: إنه ليس لديه رأي أو موقف في هذا الأمر، وهو صاحب المواقف العديدة والآراء الغزيرة تجاه أمور وقضايا لا تقتصر على صلاحياته فقط كوزير للعدل، وإنما تتسع لتشمل كل جوانب الشأن العام.

وأضاف المستشار أنه سوف يلتزم بما يراه كل من الدكتور أحمد الطيب والبابا تواضروس!.. ولم يقل لنا: ماذا سيفعل إذا اختلف الرجلان حول مادة ازدراء الأديان في قانون العقوبات، إلى أي منهما سوف ينحاز وهو ما سيلتزم به وقتها.. أم أنه سوف يسعى إلى التوفيق بينهما؟!

مع كل الاحترام والتقدير يا سيادة الوزير لقد خانك التوفيق في هذه الإجابة، خاصة أنك نلت لقبك «أسد القضاة» لأنك حاربت فرض حكم ديني على مصر فاش ومستبد، وتصديت بشجاعة لهذا الحكم.. فكيف تأتي الآن لتترك شأنا دنيويا للقادة الدينيين؟!

يا سيادة الوزير لقد كنت حاضرا ذلك الاجتماع للبرلمان الذي احتشد فيه النواب لسماع خطاب رئيس الجمهورية.. وقد سمعت الرئيس وهو يقول: إننا نبني دولة عصرية مدنية ديمقراطية.. والدول المدنية كما نعرف جميعا قوانينها يصوغها أعضاء البرلمان فيها لا رجال الدين.. ولا توجد وصاية رجال الدين على أي قوانين فيها.

نعم أنا شخصيًا أقدر وأحترم د. أحمد الطيب وأدرك أنه شخصية مستنيرة جدا وجاد في محاربته التطرف، حتى في ظل بعض الانتقادات التي يوجهها البعض من المثقفين له.. وأيضا أقدر وأحترم البابا تواضروس وأدرك أنه لا يسعى لفرض سيطرة الكنيسة على كل المسيحيين، حتى في ظل أيضًا بعض الانتقادات التي يوجهها له البعض من الشباب والعلمانيين.. ولكن مع ذلك كله لا أتفهم ولا أقبل أن يكون للرجلين أي وصاية على صياغة قانون العقوبات أو أي قوانين أخرى من تشريعات، خاصة أن الدستور يمنح أساسًا المحكمة الدستورية العليا وحدها حق الفصل في عدم دستورية أي قوانين وتعارضها مع الشريعة الإسلامية.

ثم ألم تقل أنت يا سيادة المستشار في ذات الحديث التليفزيوني إن العالم يتجه إلى تعميم وتوسيع نطاق العقوبات غير السالبة للحريات فلماذا تستثني هنا جريمة ازدراء الأديان، خاصة أنها في الأغلب تتم عبر وسائل التعبير عن الرأي عادة أو وسائل الإعلام.

وهكذا قليل من التفكير يمنحك فرصة مراجعة موقفك تجاه ازدراء الأديان!
الجريدة الرسمية