رئيس التحرير
عصام كامل

وداعًا التاكسى الذي كان أبيض


أقف على حافة الطريق.. أشير إلى سيارة تاكسى.. ينظر إليّ السائق بازدراء شديد.. يسألنى أين تتجه؟..أجيبه في هدوء وتمنى بموافقة سيادته.. يتركنى دون أن ينطق ببنت شفة.. أنتظر القادم بعده.. يسألنى عن وجهتى؟.. أجيبه “بمسكنة وضعة”.. ينظر إليّ نظرة تقييم ثم يسألنى وكم ستدفع؟.. أرد: سأدفع ما يحدده العداد.. يتركنى ويمضى إلى حال سبيله دون أن يعتذر.. أنتظر التالى.. وتتكرر نفس الأسئلة.


أخيرا، ظهرت إلى الوجود شركات جديدة.. سيارات ملاكي.. تستطيع استدعاءها وفق تطبيق على التليفون المحمول.. تطلب السيارة تصلك خلال دقائق.. سيارات حديثة.. مكيفة.. معطرة.. سيارات خاصة يملكها من يقودها.. من أهم مزاياها: «صمت قائدها.. ممنوع تشغيل كاسيت السيارة.. ممنوع على قائدها التدخين ومحظور عليه أن يعتذر عن عدم توصيلك مهما كانت وجهتك».

قبل أن تصعد إلى السيارة سيقول لك التطبيق اسم السائق ورقم السيارة ورقم هاتف قائدها.. أضف إلى ذلك؛ فإن الشركة التي تقوم بالتشغيل تتابع رحلتك.. يمكنك الدفع نقدا أو بالفيزا.. لا تدفع أكثر مما يحدده النظام، وهو بالمناسبة أقل من التاكسى.. الآن تستطيع أن تسمح لزوجتك ولابنتك باستخدام هذا النظام الآمن، والأقل تكلفة والأكثر احتراما لآدميتك، وآدمية أسرتك.. والأهم أن جميع سائقيه تم الكشف عليهم جنائيا، إضافة إلى كشف المخدرات وميزة أخرى.. إذا نسيت حافظتك أو تليفونك تستطيع الاتصال بالشركة أو السائق فتعود إليك مفقوداتك.

التجربة نجحت إلى حد كبير.. إلى حد دفع أصحاب سيارات التاكسى الذي كان أبيض إلى الاحتجاج..

شخصيا، لست متعاطفا مع أصحاب التاكسي، وعليهم أن يغيروا ما بأنفسهم.. لينشئوا تطبيقا لهم على المحمول، ويخضعوا إلى آليات السوق.. إلى الأشكال والألوان الجديدة من الخدمات الراقية التي تقدم للجمهور.. عليهم أن يدركوا أن التكنولوجيا الحديثة ستعصف بكل ما هو غير منطقى.

هناك شركتان في السوق المصرى إحداهما يعمل بها أكثر من ألفى سيارة ملاكي، والأخرى تستهدف ضم عشرة آلاف سيارة، أما التاكسى الأبيض الذي يسألك عن وجهتك، وينظر إليك شذرا، ولا يحترم العداد أو القوانين، فقد راحت عليه، ومن أراد الالتزام بالمعايير الأخلاقية، والالتزامات القانونية فليبحث عن الإجابة السحرية عن السؤال التقليدي: هو الزبون عايز إيه؟!!
الجريدة الرسمية