رئيس التحرير
عصام كامل

أطفال العار


منذ فترة قصيرة ألقت أم طفلها الرضيع من شرفة المستشفى وأخرى ألقت برضيعتها مخنوقة في القمامة، هل يمكن لخوف بشر من بشر أن يدفعهم إلى إضافة جريمة القتل إلى جريمة الزنى وكأنهم يعلنوها صراحة أن كل ما يعنيهم هو ما سيقوله الناس أو العار الذي سيلحق بهم حين ينفضح أمرهم أما ربهم فرضاه وغضبه ليس في حساباتهم..


الأمر الذي دفعنى للبحث عن موقف الإسلام من الزنى فوجدت مقالا رائعا للدكتور عبد الجبار فتحى زيدان بعنوان "حد الزنى بين رحمة الإسلام وعظمة التربية" ألخص بعض مقاطع فيه:

من رحمة الإسلام أن احتاط لإثبات جريمة الزنى فاشترط شروطًا من المستحيل توافرها وهى أن يراها أربعة شهود رأي العين، وهذا يعنى أن من يقدموا عليها متبجحون إلى الحد الذي يجعل المارة يضبطونهم متلبسين؛ لأن التجسس وتتبع العورات محرم في الإسلام بل أمرنا إسلامنا بالتستر على الناس ولهذا فإن جميع من أقيم عليهم الحد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشيدن كان لاعترافهم على أنفسهم..

وتتجلى رحمة الإسلام في قول رسول الله "ادفعوا الحدود ما وجدتم بها مدفعا" أي تجنبوا تنفيذ الحدود قدر المستطاع ويحكى أن رجلا مريضا هزيلا دخلت عليه جارية فأعجبته فواقعها وحين جاءه أهله يعودوه اعترف لهم وطلب منهم أن يستشيروا رسول الله فحكوا للنبى أنه مريض وجلد على عظم لا يتحمل تنفيذ الحد فأمرهم بحمل مائة غصن نخيل بها تمر وضربوه بها ضربة واحدة وهو ما يعادل مائة جلدة..

وقصة الغامدية الشهيرة التي جاءت الرسول وحكت له أنها زنت وتريده أن يقيم عليها الحد بالرجم حتى الموت لأنها زوجة ومحصنة فردها ثم عادت وقالت إنها حملت من الزنى فردها حتى يكتمل حملها فذهبت وعادت بعد أن ولدت صبيًا فقال لها النبى عودى وأرضعيه حتى تفطميه فعادت إليه بعد أن فطمت الصغير ولم يجد وقتها الرسول الكريم مفرًا من تطبيق الحد عليها، رغم أنه لم يرسل خلفها من يراقبها أو يأتى بها بل تركها على أمل ألا تعود، ولكنها عادت، فتم إقامة الحد عليها باختيارها وليس بإجبار من أحد، وبعد موتها صلى النبى عليها..

تلك الزانية التائبة كانت أحرص من رسول الله على تنفيذ حد الله عليها وكان هو أرحم بها من نفسها وربنا أرحم من الجميع..

ترى هل نحن كمجتمع مسئولون ومشاركون في جرائم الزنى والقتل؟ ترى هل ضاعفنا وغالينا في متطلبات الزواج مما أطال فترة انتظار الحلال فوقع الحرام؟ ترى هل نحن مجتمع لا يقدر الضعف الإنسانى ولا يقبل التوبة التي يقبلها رب العباد وكأننا معصومون من الخطأ؟ ترى هل نحن مجتمع يعاقب ويحاسب دون أن يقدم التربية والتوجيه السليم كمن يغضب ويثور لحصاد الشر رغم أنه لم يزرع خيرًا؟!
الجريدة الرسمية