رئيس التحرير
عصام كامل

يورك الكندية و«بني مزار» المصرية


الأسبوع الماضي كُنت في زيارة عمل لجامعة "يورك" الكندية، وتحديدًا في مقرها بمنطقة "نورث يورك"، وعند دخولي من الباب الرئيسي لأحد مباني الجامعة، رأيت أمامي وعلى لوحة الإعلانات، الصفحة الأولى لجريدة الجامعة، واحتلت تلك الصفحة بأكملها، صورة كبيرة للبروفيسور المصري الكندي "ممدوح شكري"، رئيس الجامعة، حيث تم وضع عبارات من مقابلته الصحفية للجريدة مع بعض العبارات التي قالها..


سعادة في القلب وابتسامة على الوجه ظهرت بصورة تلقائية عند مشاهدتي هذا الغلاف، سعادة وفخر أعرف تمامًا دوافعهما، فنجاحه يمثل نجاحًا لكل ما أنتمي إليه على المستوى الشخصي، فهو مصري، مهندس، مهاجر..

ثالث أكبر جامعة في كندا، والتي يتخرج فيها عشرات الآلاف سنويًا، يرأسها مصري للعام التاسع على التوالي - بعد اختياره المنصب للمرة الثانية عام 2011 - نجاح ليس هو الأول لهذا المهندس المصري المهاجر النابغة، ولكنه كان عميدًا لكلية الهندسة لمدة 7 أعوام في وقت سابق، سعادة بذلك البلد -كندا- الذي أتينا إليه، لنجده لا يعرف غير العدل طريقًا، بلد يختار بمعيار الكفاءة والجهد دون النظر لللون أو الجنس أو العرق أو الدين، والمجتمعات العادلة ناجحة وآمنة، كل هذا مر في عقلي لثوانٍ، ولكن وبتلقائية أيضًا تحولت مشاعر الفخر والسعادة إلى ضيق وحزن..

قارنت بين ما يحدث هنا وما حدث في الوطن الأم قبل أيام قليلة، حينما اعترضت طالبات مدرسة الفنية ببني مزار، على قرار تعيين المديرة المسيحية، "ميرفت سيفين"، لتتراجع الدولة ممثلة في وزارة التربية والتعليم بالمنيا عن القرار امتثالًا لهن، وحينما اقترح القائمون على التعليم بالمنيا بأن تتولى هذه السيدة ذات المنصب في مدرسة "الصنايع بنين"، تظاهر الطلاب هناك لردع هذا الاقتراح قبل تنفيذه، ليتراجع المسئولون للمرة الثانية..

حزن منطقي ومبرر حينما تقارن بين ما قاله المسئولون في الجامعة الكندية لوسائل الإعلام يوم وقع الاختيار على "د. شكري" وفخرهم بحالة التنوع تلك، وأن يكون الرئيس السابع في تاريخ تلك الجامعة الكندية العريقة مصريا مسلما، وبين ما قاله القائمون على التعليم في مصر من محاولة الخروج من الموقف بتحميل الطرف الأضعف عبء المشهد، واتهام المديرة المسيحية بأن تعيينها جاء بالمخالفة لقوانين ولوائح و... وباقي تلك العبارات.

مقارنة محزنة بين العبارة التي قالها "د. ممدوح شكري" للإعلام الكندي يوم فوزه بالمنصب عام 2007، حين قال "This is Canada، It's a Mosaic"، أي "هذه كندا، إنها كالموزايك" -في إشارة لأن الموزايك يأخذ شكله الجمالي من تنوعه- والحقيقة لا أعلم ماذا لو أتيحت للأستاذة "ميرفت سيفين" أن تقول تلك العبارة عن وطنها مصر، "This is Egypt، It's....." وأترك لها ولك عزيزي القارئ وضع ما تراه مناسبًا! متى تعرف بلادنا الموزايك؟!
الجريدة الرسمية